تقارير

الدبلوماسيون الجزائريون يدفعون ثمن المواقف المتشنجة لبلادهم
الدبلوماسيون الجزائريون يدفعون ثمن المواقف المتشنجة لبلادهم

 ما إن يطرح اسم دبلوماسي مخضرم -من الممكن أن يكون أكثر قدرة على فهم معطيات المشكلة- حتى يكون موقف العديد من الدول وأطراف ليبية الرفض، وذلك تخوفا من ضغوط قد تسلطها حكومته عليه لاتّباع نهج معين أو تجميد المبادرة لديه، وهو ما يحصل حاليا مع وزير الخارجية الجزائري السابق صبري بوقادوم الذي يجري حديث عن اقتراحه كخليفة للمبعوثة الأممية إلى ليبيا الأميركية ستيفاني ويليامز.

وقوبل الحديث عن تعيين بوقادوم كمبعوث أممي إلى ليبيا بمعارضة لدى أطراف ليبية مؤثرة، وخاصة من أنصار قائد الجيش المشير خليفة حفتر، ومن الشخصيات المعارضة للنفوذ التركي.

وقال المعارضون لتعيين بوقادوم إن مرشح الجزائر سيكون منحازا إلى جانب تركيا والميليشيات الإسلامية المسلحة، وإن وجوده قد يكون عنصر تفريق وليس تجميع، وإن انعدام الثقة به يجعل من الصعب عليه رعاية الحوار بين مختلف الفرقاء والتأثير للتوصل إلى تفاهمات تقود إلى انتخابات يرضى بها الجميع وتقود إلى حل سياسي دائم.

وطالب الكاتب الليبي عبدالحكيم معتوق بضرورة رفض ترشيح بوقادوم كمبعوث أممي جديد لليبيا لأنه “صاحب نظرية الحوار مع التكفيريين وتقاسم السلطة معهم، ليبيا والليبيون لا يريدون العودة إلى المربع الأول”.

وقال معتوق في تغريدة على حسابه بتويتر:


وتحدثت مصادر جزائرية عن أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عرض على بوقادوم شغل منصب المبعوث، وأن الأخير طلب مهلة للتشاور مع سلطات بلاده.

وهذه المرة الثانية التي ترشح فيها الأمم المتحدة دبلوماسيا جزائريا ليكون مبعوثا لها في ليبيا، حيث سبق لها أن اقترحت وزير الخارجية الحالي رمطان لعمامرة العام 2020، لكن الرجل لم يحظ حينها بإجماع أعضاء مجلس الأمن وقوى إقليمية فاعلة في المشهد الليبي.

ولا تخفي الجزائر أنها جزء من تحالف إقليمي يدعم الميليشيات المتمركزة في العاصمة الليبية طرابلس ويضغط لأجل أن تحافظ تلك الميليشيات على مكاسبها بالسيطرة على القرار السياسي وعلى موارد النفط، كما يدعم بقاء الوجود العسكري التركي في ليبيا، وهو ما يجعل حديث الجزائريين عن الوساطة أمرا غير منطقي.


عبدالحكيم معتوق: لا يمكن القبول بصاحب نظرية الحوار وتقاسم السلطة مع التكفيريين

وفي الوقت الذي استقبلت فيه الجزائر خلال سنوات الحرب في ليبيا قياديين للميليشيات المسلحة في ليبيا، وخاصة من المحسوبين على الإسلام السياسي والمرتبطين بأجندات إقليمية، لم تخف عداءها لحفتر الذي كان يتحرك ممثلا لمختلف المكونات السياسية والقبلية للشرق، واستمرت في استعداء حفتر رغم اللقاءات المحدودة التي جمعته بكبار المسؤولين الجزائريين، لاسيما بعد ما نسب إليه من تهديدات باجتياح المنطقة الحدودية، وامتعاضه في أكثر من مرة مما أسماه بـ”انحياز الجزائر لصالح خصومه في الصراع القائم بليبيا”.

ويقول مراقبون إن الجزائر ليست مؤهلة حاليا للعب دور الوسيط في الملف الليبي سواء بشكل مباشر أو عبر مبعوثها إن تمت تزكيته، فالوسيط يفترض فيه الحياد، وهو أمر لا يتوفر في الجانب الجزائري الذي لا يخفي وقوفه في صف تركيا ونفوذها في ليبيا خاصة بعد زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى أنقرة ولقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وأفضت تلك الزيارة إلى عقد سلسلة من الاتفاقيات عدت بمثابة صك على بياض لأنقرة حتى تتخذ من الجزائر مركزا لانطلاق أنشطتها في شمال أفريقيا، وتدعيم دورها في ليبيا ومالي والضغط على تونس التي ترفض الانضواء تحت المظلة التركية، وأن هذا الدور لا يليق بالجزائر وتاريخها.

ويشير المراقبون إلى أن الوسيط يحتاج أيضا إلى المقبولية الإقليمية والدولية، وهو ما لا يتوفر في الجزائر التي تعيش علاقات خارجية تتسم بالبرود أو التوتر بما في ذلك مع دول الجوار للملف الليبي مثل تونس وسط تقارير مختلفة تتحدث عن ضغوط جزائرية على الرئيس قيس سعيد بسبب حسم موقفه من الإسلاميين ورغبتها في إعادتهم إلى الواجهة.

وإلى الآن ما تزال الحدود البرية مع تونس مغلقة بقرار سياسي جزائري بالرغم من انتفاء سبب إغلاقها الظاهري، وهو تفشي فايروس كورونا. وتتحدث أوساط تونسية عن ضغوط جزائرية بخصوص كميات الكهرباء الضرورية الممنوحة لتونس خاصة في فصل الصيف والتلويح برفع الأسعار تماشيا مع أسعار السوق العالمية بالرغم من أن ذلك يتنافى مع اتفاقيات سابقة.

24 يونيو 2022

هاشتاغ

التعليقات