عربي ودولي

ضبابية إعلامية تستبق الاستفتاء في تونس
ضبابية إعلامية تستبق الاستفتاء في تونس

أصدر مجلس الصحافة والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين “ميثاقا أخلاقيا وتحريريا لتغطية مسار الاستفتاء”، بهدف تأمين الحق في الإخبار عن الحياة السياسية وتمكين التونسيين من إدراك رهانات الاستفتاء المقرر في الخامس والعشرين من يوليو 2022.

وأوضح الصادق الحمامي، عضو مجلس الصحافة، أن المبادرة بإصدار هذا الميثاق “تتنزل في سياق التهديدات التي تتعرض لها الصحافة، قبل فترة الاستفتاء وبعدها، بخصوص شرعيتها كمؤسسة توفر الأخبار بموضوعية”.

وقد تمت صياغة هذا الميثاق، وفق ما ورد في مقدمته، عقب ورشة عمل تم تنظيمها في السابع عشر من يونيو 2022 وشارك فيها أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وأعضاء مجلس الصحافة ولجانه.


الصادق الحمامي: مهنة الصحافة مُلزمة باحترام التنوع داخل المجتمع

وتضمن الميثاق عددا من الفصول تعلقت بأدوار الصحافة في مسار الاستفتاء وبالاحترام الشامل للمعايير الأخلاقية والمهنية والتعديل الذاتي، فيما تعلقت باقي الفصول بحثّ الصحافيين على عدم الاقتصار على دور النقل وضرورة التمييز بين الصحافة والدعاية والإشهار السياسي والتبليغ عن الضغوط.

وحمل الميثاق توقيع ممثلي النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ومجلس الصحافة والاتحاد التونسي للإعلام الجمعياتي والجامعة التونسية لمديري الصحف والغرفة الوطنية لأصحاب التلفزات الخاصة والنقابة العامة للإعلام في الاتحاد العام التونسي للشغل.

وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قالت إنها ستمنع كل من يدعو إلى مقاطعة الاستفتاء من المشاركة في الحملة وإن كل من يخالف ذلك سيكون محل تتبعات جزائية بتهمة ارتكاب “جرائم حق عام”. وأكد نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي أن “الأطراف الداعية إلى مقاطعة الاستفتاء غير معنية بالمشاركة في الحملة وستكون معرضةً لتتبعات خاضعة لقانون الحق العام في صورة دعوتها إلى مقاطعة الاستفتاء أثناء الحملة”.

ورأى الجديدي، في تصريح للإذاعة الوطنية التونسية (عمومية)، أن “الدعوة إلى مقاطعة الاستفتاء ستصنف ضمن جرائم الحق العام وليست جرائم انتخابيةً”.

بدوره أكد عضو هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري أن الأطراف المشاركة في حملة الاستفتاء سواء من الأحزاب السياسية أو الجمعيات أو الأشخاص، مطالبة بإظهار تزكية من 100 شخص، والقيام بحملتها سواء بـ”نعم” أو بـ”لا” للاستفتاء، شريطة أن تقوم بإعلام الهيئة بموقفها من هذا الاستفتاء وذلك لمراقبة مدى التزامها بضوابط الحملة الانتخابية.

وقال الحمامي إن التصريحات الصادرة عن بعض أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في هذا السياق “مضطربة ومخيفة”، باعتبارها تسعى إلى الحد من أدوار الصحافة، مشيرا إلى أن “مهنة الصحافة مُلزمة باحترام التنوع داخل المجتمع”.

وأضاف أن أهل المهنة “لهم الحق في ضبط معاييرهم الأخلاقية بأنفسهم ولا يحق لأي هيئة دستورية أن تراقب الشؤون التحريرية لمؤسسات الصحافة، باعتبارها تخضع لسلطة الضبط الذاتي وهي من شأن الصحافيين دون سواهم”، معتبرا أن دور هذه الهيئات الدستورية يقتصر على السهر على احترام المؤسسات الصُّحفية لمبدأ التوازن وعدم تحويلها إلى الإشهار السياسي وتزييف الحقائق.

وأكد أن الميثاق الأخلاقي والتحريري “يتماشى مع المعايير الدولية والوظائف الديمقراطية للصحافة، كما أنه يخدم حق المواطن في أن تتوفر لديه المعرفة حتى يكون القرار الذي سيتخذه يوم الاستفتاء قرارا عقلانيا ومستنيرا، على ضوء المادة التي توفرها له صحافة ملتزمة بالتنوع”.

ودعا الصادق الحمامي الصحافيين إلى التفاعل مع مقترح الميثاق، إما بالقبول أو بالإثراء أو بالرفض، مشيرا إلى أنه في حالة الرفض فإنهم مدعوون إلى اقتراح ميثاق بديل.

من جانبه أفاد نقيب الصحافيين ياسين الجلاصي بأن هذا الميثاق الذي تمت صياغته ببادرة من لجنتي أخلاقيات المهنة، ضمن النقابة ومجلس الصحافة، يهدف إلى “التصدي لتصريحات أعضاء هيئة الانتخابات المتعلقة بمنع ظهور كافة الأصوات في وسائل الإعلام في علاقة بمواقفها من الاستفتاء”، مؤكدا أن التنوع “مسألة مبدئية بالنسبة إلى مهنة الصحافة ولا يمكن التغاضي عنها”.

ويطرح وجود أطراف رافضة للاستفتاء وتدعو إلى مقاطعته إشكالا بالنسبة الى الصحافيين على مستوى التغطية، باعتبار أن قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 14 المتعلق بضبط شروط وإجراءات المشاركة في حملة الاستفتاء لا ينص على إدماج المقاطعين للاستفتاء في الحملة الانتخابية.


وأضاف الجلاصي أنه بالنظر إلى أن أغلب المؤسسات الصحافية لا تملك مواثيق تحريرية، فإن نقابة الصحافيين ارتأت صياغة هذا الميثاق، حتى يكون دليلا للصحافيين في مجال الالتزام بأخلاقيات المهنة، مشيرا إلى أن النقابة ومجلس الصحافة سيتابعان الإشكاليات المتعلقة بتوجيه المضامين الصُّحفية أثناء فترة الاستفتاء.

ويُذكر أن رئيس الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السّمعي البصري (الهايكا) النّوري اللّجمي عبّر قبل أيام قليلة عن رفضه فرض تضييقات على وسائل الإعلام بشأن استضافة الدّاعين إلى مقاطعة الاستفتاء في الدستور، حيث قال “المبدأ هو حرّية التّعبير في وسائل الإعلام”.

وأكد أنّ القانون يفرض على الهيئة ضمان النّفاذ إلى وسائل الإعلام لكلّ الذّين سيشاركون في الحملة الانتخابية الخاصّة بالاستفتاء في مشروع الدّستور الجديد، مشيرا إلى أنه لم يتمّ إلى حد الآن حسم مسألة المقاطعين للاستفتاء وكيفيّة التعامل معهم إعلاميّا.

وأبرز أنّ التأخر في ضبط رزنامة مراقبة عمليّة الاستفتاء في وسائل الإعلام المسموعة والمرئيّة وضبط منهجيّة العمل بالتّنسيق مع هيئة الانتخابات يؤثر على عملها وعلى عمل وسائل الإعلام كذلك، خاصّة وأنّ إيداع تصاريح المشاركة في حملة الاستفتاء انطلقت الثلاثاء (الحادي والعشرين من يونيو) على أن تبدأ الحملة الانتخابيّة يوم الثالث من يوليو المقبل وتتواصل إلى غاية الثالث والعشرين منه. 


ماهر الجديدي: الدعوة إلى مقاطعة الاستفتاء ستصنف ضمن جرائم الحق العام

وأثار تصريح نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ورئيس اللجنة القانونية ماهر الجديدي بشأن فرضية تتبع الأحزاب والائتلافات المقاطعة للاستفتاء ومعاقبتها ومنعها من الظهور في وسائل الإعلام جدلاً واسعاً، وسط تنديد بما اعتبره المعارضون تهديدا للمقاطعين.

من جانبها، أقرت عضوة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري سكينة عبدالصمد بوجود ضبابية كبرى بالنسبة إلى الصحافيين على مستوى تغطية حملة الاستفتاء على الدستور الجديد، خاصة في ظل وجود أطراف شرعت منذ فترة في الدعاية ضد الاستفتاء في حد ذاته.

وأكدت عبدالصمد أن الأساس بالنسبة الى الصحافيين هو التقيد بأخلاقيات المهنة والضوابط المهنية، وخاصة اعتماد مبدأ حرية الصحافة والتعبير، وإتاحة المجال لكل الحساسيات السياسية والفكرية.

وأضافت أنه في غياب قرار أو نص واضح يمكن من خلاله تنظيم التغطية الإعلامية لحملة الاستفتاء على الدستور، فإن المطلوب من الصحافيين هو الموضوعية وتكريس التعددية الفكرية والسياسية والتنوع والمساواة بين كل الأطراف، وعدم تغليب كفة طرف على حساب طرف آخر.

وأكدت أن هيئة الانتخابات ما انفكت تصدر بلاغات تدعو من خلالها إلى عدم الانخراط في الدعاية والإشهار السياسي، مبرزة في هذا الصدد ضرورة أن تكون القرارات مشتركة مع هيئة الاتصال السمعي البصري.

ويذكر أن هيئة الانتخابات كانت قد أصدرت بتاريخ الحادي عشر من يونيو الجاري بلاغا ذكّرت فيه بضرورة التقيد بالضوابط والتحجيرات القانونية الخاصة بمنع الإشهار السياسي، ومنع بث ونشر نتائج سبر الآراء.

كما أوردت في بلاغها أنه يحجر أيضا خلال فترة الاستفتاء بث ونشر نتائج سبر الآراء التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالاستفتاء، وكذلك الدراسات والتعاليق الصحافية المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الإعلام.

27 يونيو 2022

هاشتاغ

التعليقات