عربي ودولي

سياسة إسرائيل في الضفة الغربية تقود نحو مواجهة شاملة
سياسة إسرائيل في الضفة الغربية تقود نحو مواجهة شاملة
 بعد توقف العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة، استنادا إلى اتفاق الهدنة الذي أنجز بوساطة مصرية، شنت القوات الإسرائيلية عدوانا جديدا على البلدة القديمة في نابلس شمال الضفة الغربية استهدفت من خلاله فلسطينيين مطلوبين من قبلها.

وتتمسك إسرائيل بسياستها في التعامل مع الضفة الغربية، والتي تعتمد على استمرار الاستيطان، والسلام الاقتصادي، وغياب أي أفق سياسي، والاعتماد على الحلول الأمنية العسكرية، والتي يحذّر منها خبراء فلسطينيون، حيث يرون أن مواصلة إسرائيل لنهجها الحالي قد يؤدي إلى انفجار قريب للأوضاع، مشددين على أن العملية الأخيرة للجيش الإسرائيلي في مدينة نابلس، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة فلسطينيين، بينهم الناشط إبراهيم النابلسي، وإصابة نحو أربعين آخرين، تُنذر بتصعيد الأوضاع بالضفة.

الانفجار قادم

خلدون البرغوثي: التطورات الميدانية في الضفة تسير نحو التصعيد

والثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي عبر حسابه في تويتر إنه شن عملية استهدفت تصفية الناشط المطلوب لديه إبراهيم النابلسي، الذي يتهمه بتنفيذ عدة هجمات إطلاق نار على مستوطنين وعسكريين في منطقة نابلس ومحيطها.

وجاء الهجوم في نابلس، بعد يوم واحد على هجوم شنته إسرائيل على قطاع غزة استمر ثلاثة أيام (منذ الجمعة وحتى ليل الأحد – الاثنين) انتهى بالتوصل إلى وقف إطلاق نار، بوساطة مصرية، وأسفر بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، عن “استشهاد 44 فلسطينيا بينهم 15 طفلا، وإصابة 360 آخرين بجراح مختلفة”.

ويتوقع الخبير في الشؤون الإسرائيلية خلدون البرغوثي أن تواصل إسرائيل ضغوطها على الضفة الغربية، الأمر الذي ينذر  بـ”انفجار عام”  للأوضاع.

لكنّ البرغوثي قال “متى سيحدث الانفجار؟ وكيف؟ من الصعب تحديد ذلك”. وتابع “الضغوط تزداد في الضفة، الاستيطان يتصاعد، ليس لأن المستوطنين يريدون ذلك، بل لأن الاستيطان قرار رسمي من دولة الاحتلال لخدمة المستوطنين، ولا يوجد فصل بين المستوطنين والحكومة الإسرائيلية التي تنفذ سياسات استيطانية وتجنّد الشرطة والجيش من أجل ذلك”.

وأشار إلى أن “العملية الأخيرة في نابلس، وقبلها في قطاع غزة، هي محاولة إثبات من الحكومة الحالية، القادمة من خلفية غير عسكرية، أنها قادرة على الحكم قبيل الانتخابات القادمة”، في إشارة إلى رئيس الحكومة يائير لابيد القادم من خلفية صحافية وليس عسكرية.

وقال البرغوثي إن إسرائيل “تستثمر الدم الفلسطيني من أجل أهداف انتخابية”.

ويرى المراقب الفلسطيني أن “الأمور الميدانية في الضفة الغربية تسير نحو التصعيد، وإسرائيل ترى أنها حققت نصرا في قطاع غزة، وبالتالي فقد لا تتدخل الفصائل في غزة في حال شنت إسرائيل هجوما على الضفة”، حيث تسعى إسرائيل بحسب البرغوثي إلى كسر النموذج والحالة المعنوية الفلسطينية، وتفرقتها عبر فتح جبهات منفصلة.

سلام اقتصادي فاشل

يرى الكاتب والمحلل الفلسطيني طلال عوكل أن سياسة إسرائيل في الضفة الغربية والقائمة على السلام الاقتصادي، مقابل استمرار البناء الاستيطاني، وجَزّ العُشب القائمة على إضعاف قدرات المقاومة الفلسطينية بشكل متواصل، “لن تنجح”.

وقال “إسرائيل جربت السلام الاقتصادي مع قطاع غزة والضفة الغربية، وثبُت أنه سياسة فاشلة”.

طلال عوكل: سياسة السلام الاقتصادي أثبتت أنها سياسة فاشلة

وأضاف “إسرائيل بحكم أنها دولة احتلال، يقع على عاتقها تلبية احتياجات السكان، ولكن دون وجود أفق سياسي فالأمر صعب، وحالة الصراع ستبقى متواصلة”، مشيرا إلى أن “التوتر الذي يحدثه الاحتلال يغذّي المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، وخاصة في الضفة الغربية”.

وقال “كل المحاولات الإسرائيلية من قتل واعتقال لم تنه المقاومة، بل على العكس تولد جيلا جديدا مقاوما”.

وأضاف “إسرائيل خرجت من معركة قطاع غزة، وصعّدت في مدينة نابلس، وقبلها في جنين والقدس، والسبب ليس المقاومة بل سياسات الحكومات الإسرائيلية، التي تهدف إلى الفصل العنصري، وقتل أي إمكانية للحل”.

وأشار إلى أن الحكومة الحالية تريد أن تقول لجمهورها قبيل الانتخابات إنها “غير متساهلة مع الفلسطينيين، وإنها أكثر تطرفا من سابقتها”.

وتسعى إسرائيل بدعم أميركي إلى تكريس “السلام الاقتصادي” الذي يعتمد على تحسين ظروف حياة السكان المعيشية، مقابل بقاء الاحتلال الإسرائيلي وعدم إقامة دولة مستقلة، وهو ما يرفضه الفلسطينيون.

حسم الصراع
يرى مدير مركز يبوس للدراسات السياسية (خاص) سليمان بشارات أن سياسات إسرائيل في الضفة الغربية تهدف إلى محاولة حسم الصراع، عبر السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي، وتقديم تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين، من دون “أي أفق سياسي”، بالإضافة إلى سياسة “جَزّ العُشب”.

وأشار بشارات إلى أن ذلك يأتي في ظل “عدم وجود أي أفق سياسي لحل الصراع وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة”.

سليمان بشارات: لا وجود لأي أفق سياسي لحل الصراع بين البلدين

وبيّن أن استخدام هذه الإستراتيجيات يرتبط بمجموعة محددات، أبرزها: “الحراك السياسي الدولي والإقليمي تجاه القضية الفلسطينية، المطالب بفتح أفق سياسي والعودة إلى المفاوضات السياسية، وهو ما تحاول إسرائيل أن ترد عليه من خلال طرح خيارات وبدائل تتمثل في السلام الاقتصادي، من خلال منح مجموعة من الامتيازات الاقتصادية، مقابل استمرار الاحتلال ومواصلة تنفيذ المخططات الإسرائيلية على الأرض”.

وبالتوازي مع السلام الاقتصادي، تواصل إسرائيل “تنفيذ هجمات عسكرية سواء بالاعتقال أو الاغتيال والقتل”، بحسب بشارات. كما أشار إلى أن “إسرائيل تسعى إلى خلق وقائع على الأرض عبر الاستيطان، تمهيدا لأي أطروحات سياسية مقبلة”.

ولكنّ بشارات يرى أن “إسرائيل لم تستطع حسم مفهوم الصراع لصالحها”. وقال في هذا الصدد “قد تنجح إسرائيل في تحقيق بعض الأهداف، لكن في المقابل ما زالت المقاومة والرفض الشعبي حاضرين لمخططاتها، وهذا يعني أن إسرائيل تدرك عدم قدرتها على تحقيق أهدافها بشكل كامل وإستراتيجي، وإنما قد تحقق أهدافا مرحلية مرتبطة بظروف معينة ويمكن أن تتغير بتغير تلك الظروف”.

12 أغسطس 2022

هاشتاغ

التعليقات