عربي ودولي

عقد اجتماعي في تونس يؤسس لهدنة بين الحكومة والنقابات
عقد اجتماعي في تونس يؤسس لهدنة بين الحكومة والنقابات
قالت أوساط سياسية تونسية إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكومة واتحاد الشغل وكذلك اتحاد أرباب العمل سيؤسس لهدنة اجتماعية تتيح للحكومة العمل على وقف الانهيار الشامل الذي تعيشه البلاد بسبب السياسات الفاشلة التي انتهجتها الحكومات السابقة.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن العقد الاجتماعي صار مطلوبا من مختلف الجهات الداخلية والخارجية التي تريد وقف تدهور الوضع الاقتصادي في تونس، وأن الهدنة لن تكون على حساب طرف دون آخر، وأنها ينتظر أن تتم في إطار نقاش هادئ ورصين مع الأخذ بعين الاعتبار الصعوبات المالية والاقتصادية التي تمرّ بها البلاد.

ورأت هذه الأوساط أن العقد الاجتماعي سيتعرض لضغوط كثيرة؛ سواء من داخل اتحاد الشغل في ظل نزعة لتحصيل المكاسب وزيادة الرواتب أضحت مسيطرة على منتسبي المنظمة النقابية، أو من خارجه، خاصة المزايدات السياسية للأحزاب والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن في النهاية يمكن أن يستمر العمل بالاتفاق إذا تمسكت القيادة النقابية بدورها في إنجاحه.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية التونسية نقلا عن بيان حكومي أن رئيسة الوزراء نجلاء بودن ورئيس الاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (أرباب العمل) سمير ماجول اتفقوا على “عقد اجتماعي” لمواجهة التحديات في البلاد.

وأبدى المجتمعون اقتناعا تاما بأن “الحوار البناء بين الأطراف الاجتماعية القائم على الثقة والشفافية وروح المسؤولية، هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة” التي تشهدها تونس.

وقال البيان إن الشركاء الاجتماعيين وقّعوا على “عقد اجتماعي هو عقد المثابرة لمجابهة التحديات الاستثنائية الاجتماعية والاقتصادية والمالية بكل مكوناتها ودعم السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني”.

◙ العقد الاجتماعي صار مطلوبا من مختلف الجهات الداخلية والخارجية التي تريد وقف تدهور الوضع الاقتصادي في تونس

وبحسب بيان الحكومة فإن “من شروط نجاح هذا العقد توفر الإرادة والثقة التي يكون فيها المواطن التونسي هو العنصر الأساسي مع تقاسم الأعباء التي تكرس العدالة الاجتماعية بين الجميع من أجل مستقبل أفضل للوطن”.

كما اتفق الشركاء الاجتماعيون على عقد جلسات حوار للوصول إلى اتفاقات سواء كانت ثنائية أو ثلاثية فيما يتعلق ببعض الملفات ذات الصلة بالاستحقاقات الاجتماعية والإصلاحات الاقتصادية المنتظرة، وذلك ابتداء من يوم غد الاثنين.

ويعتقد مراقبون تونسيون أن التوافق بشأن إصلاحات صندوق النقد الدولي هو محور العقد الاجتماعي الثلاثي، وأن الأمر يتعلق أساسا بموقف اتحاد الشغل وسط إشارات وتصريحات متناقضة من قادة المنظمة بشأن القبول بالإصلاحات ورفضها، وهو ما أوحى وكأن الاتحاد ليس جهة موثوقة يمكن الرهان عليها لبدء هذه الإصلاحات، خاصة أن الأمر لا يهم الحكومة وحدها، ذلك أن صندوق النقد وجميع المتدخلين يطلبون توافقا تونسيا قبل إعطاء ضوء أخضر لرعاية هذه الإصلاحات وتمكين تونس من التمويل اللازم.

ويريد صندوق النقد الدولي من الاتحاد العام التونسي للشغل أن يوافق رسميا على الإصلاحات الحكومية، وهو ما يعني تحديد موقف واضح من الإضرابات ومن الضغط على الحكومة للمطالبة بالزيادات في وضع لا يسمح لها بذلك، خاصة أن جهدها منصب على توفير التمويلات للإيفاء بتعهدات تونس الخارجية وتوفير الرواتب لمئات الآلاف من الموظفين وتمويل العمل الروتيني للوزارات والإدارات.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل من أشد المنتقدين للإصلاحات الاقتصادية التي اقترحتها الحكومة على صندوق النقد الدولي بعد أن اشترط عليها القيام بإصلاحات للحصول على قروض، بما في ذلك خفض الدعم وتجميد رواتب القطاع العام وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة.

وسبق أن قال إن مثل هذه الإصلاحات ستزيد من معاناة التونسيين وتؤدي إلى انهيار اجتماعي وشيك.

وتسعى السلطات التونسية للتوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي، بهدف الحصول على حزمة إنقاذ بحوالي 4 مليارات دولار تمكنها من استكمال موازنتها لعام 2022.

ويشكل حصول تونس على القرض، ضمن حزمة إصلاحات، استمرار تفاقم قيمة الدين العام المستحق على البلاد، رغم الإيجابيات التي سترافقه وتتمثل في الإصلاحات الاقتصادية والمالية.

ويرى الصندوق أن “التقليص في عجز الميزانيّة من خلال نظام جبائي عادل، وتحكم حازم في كتلة الرواتب، وتوجيه الدعم بشكل أفضل وإصلاح معمّق للمؤسّسات العمومية، أمر ضروري للحد من اختلالات الاقتصاد الكلّي”.

14 أغسطس 2022

هاشتاغ

التعليقات