عربي ودولي

الأتراك مقتنعون بأن ديمقراطيتهم في خطر في ظل حكم أردوغان
الأتراك مقتنعون بأن ديمقراطيتهم في خطر في ظل حكم أردوغان

 تكابد تركيا للسيطرة على الأزمة الاقتصادية الحادة التي أدت إلى غلاء المعيشة وتدهور مستمر في قيمة الليرة وهو ما انعكس سلبا على الأوضاع الاجتماعية والسياسية في البلد، في وقت يستعد فيه لانتخابات عامة في يونيو 2023.

وأظهرت أرقام رسمية الاثنين أن معدل التضخم في تركيا ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ 24 عاما متخطيا 83 في المئة في سبتمبر الماضي، وذلك بعد أسبوع فقط على إعلان البنك المركزي خفض معدلات الفائدة.

ويعارض المسؤولون عن السياسات النقدية في تركيا النهج الدولي المتمثل في رفع البنوك المركزية معدلات الفائدة لمحاربة التضخم، في حين تعمل معدلات الاقتراض المرتفعة على تهدئة الاقتصاد والأسعار.

ويرى المحللون الاقتصاديون أن سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان المالية هي السبب الأول وراء تدهور الأوضاع الاقتصادية، وهذه الأوضاع تضر بالديمقراطية في البلاد، حيث ينتجه الرئيس وحزب العدالة والتنمية الحاكم سياسة ملاحقة المعارضة وإسكات الأفواه والأقلام الناقدة.

تركيا صنفت على أنها دولة استبدادية انتخابية، ووضعها بين الدول ذات المستويات السامة من الاستقطاب السياسي

وتسعى المعارضة إلى حسم المواجهة الانتخابية لصالحها، وتطرح من حين إلى آخر وبقوة سؤال الديمقراطية في تركيا وكيف ينظر إليها المواطن التركي وتبعاتها على حاضره ومستقبله.

وأظهر استطلاع أجري لتقرير صادر عن صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة صدر مؤخرا أن 74 في المئة من الأتراك يعتقدون أن حالة الديمقراطية في بلادهم سيئة نوعًا ما أو في خطر.

وبعنوان “اتجاهات عبر الأطلسي 2022″، يعرض التقرير نتائج الدراسات الاستقصائية التي أجريت في 14 دولة وهي كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وليتوانيا وهولندا وبولندا والبرتغال ورومانيا وإسبانيا والسويد وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في محاولة لتقديم صورة مفصلة للرأي العام حول القضايا الجوهرية والمعاصرة.

وبحسب التقرير، فإن نسبة المستجوبين الأتراك الذين قالوا إن ديمقراطيتهم في حالة جيدة انخفضت من 35 في المئة إلى 21 في المئة، بينما قال 46 في المئة إن الديمقراطية في خطر، بزيادة قدرها 7 نقاط عن 39 في المئة في عام 2021.

وقال 28 في المئة من المستطلعين الأتراك إنهم يرون أن حالة الديمقراطية في بلادهم “سيئة إلى حد ما”.

ويفيد التقرير بأن “داخل المجتمع عبر المحيط الأطلسي، انخفض تقييم المستجوبين لحالة الديمقراطية في بلادهم في المتوسط ​​من 55 في المئة في عام 2021 إلى 50 في المئة في عام 2022. ولا يزال المشاركون السويديون (72 في المئة) والكنديون (65 في المئة) الأكثر رضاً عن ديمقراطيتهم، في حين أن الديمقراطيين البولنديين (36 في المئة) والإيطاليين (31 في المئة) والأتراك (21 في المئة) لا يزالون هم الأقل رضا”.

واحتلت تركيا المرتبة الـ147 من بين 179 دولة في مؤشر الديمقراطية الليبرالية لمعهد أصناف الديمقراطية الذي يتخذ من السويد مقراً له، وتحتل المرتبة العشرين في المئة الأدنى، وفقاً للتقرير الذي نُشر في مارس.


وتعد تركيا من بين الدول العشر الأكثر “استبدادية”، إلى جانب البرازيل والهند وبولندا وصربيا والمجر، وفقًا لتقرير الديمقراطية للعام الحالي.

وصنف التقرير تركيا على أنها دولة استبدادية انتخابية ووضعها بين الدول ذات المستويات السامة من الاستقطاب السياسي.

في غضون ذلك، تسعى تركيا أيضًا إلى تسلم الصحافيين والمعارضين السياسيين الذين يعيشون في المنفى في السويد وفنلندا. وتهدد تركيا بنسف محاولات السويد وفنلندا الانضمام إلى حلف الناتو الغربي الدفاعي ما لم تسلم هذه الدول عشرات الأشخاص الذين تتهمهم أنقرة بـ”الإرهاب”.

لقد أثرت الأوضاع الاقتصادية بشدة على الداخل التركي ونظرته إلى الديمقراطية ففي شهر ماي الماضي، حدد معهد الإحصاء التركي الرسمي معدل التضخم عند 73.5 في المئة، ثم ما لبث أن وصل إلى 80 في المئة وهو أعلى رقم في مسار الاقتصاد التركي منذ عام 1998.

ويقول الاقتصاديون إن السبب هو التضخم، لكن الرئيس رجب طيب أردوغان لا يوافق على ذلك. وقال في يونيو إن التضخم غير موجود في تركيا وإن الزيادات في الأسعار ترجع إلى ارتفاع تكاليف المعيشة.


في المئة من الأتراك يعتقدون أن حالة الديمقراطية في بلادهم سيئة نوعًا ما أو في خطر

ويؤكد الرئيس الذي يركز على النمو قبل انتخابات يونيو المقبل باستمرار أن معدلات الفائدة المرتفعة تشجع التضخم ويعتبرها “العدو الأكبر”.

ويرى الخبير الاقتصادي في الأسواق الناشئة تيم آش في شركة “بلوباي لإدارة الأصول” في لندن أن “أردوغان فقد السيطرة على التضخم، والتضخم هو ما يهتم به الناس أكثر من النمو. الناخبون عاجزون عن الشعور بنمو حقيقي في إجمالي الناتج المحلي، لا يرون إلّا التضخّم”.

وارتفاع التضخم هو إحدى القضايا الملحّة التي يحتاج حزب أردوغان الحاكم إلى معالجتها، إذ أدّت الأزمة إلى تراجع معدلات التأييد له إلى أدنى مستوياتها التاريخية في الفترة السابقة لانتخابات العام المقبل.

ولم يعد قادة المعارضة وعدد كبير من الأتراك يثقون في الأرقام الرسمية الحكومية.

ولغرض التقليل من خطورة الأزمة الاقتصادية، اتجه أردوغان إلى المناصب في بعض دوائر الحكومة. وتمت إقالة مدير المعهد الوطني التركي للإحصاء بعد الإعلان عن معدل تضخم يعتبر مرتفعًا للغاية.

وفي مايو، رفع نفس المعهد دعوى قضائية ضد مجموعة أبحاث التضخم المستقلة، متهماً إياها بنشر أرقام بهدف تشويه سمعة المعهد الوطني.

وتخلص كل هذه المؤشرات إلى أن الديمقراطية تتآكل في ظل اقتصاد مأزوم وأوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة يرافقها قمع للحريات وملاحقة للمعارضة لا تعرف لها نهاية.

04 أكتوبر 2022

هاشتاغ

التعليقات