مقالات

الرياض وواشنطن.. ولغة المصالح
الرياض وواشنطن.. ولغة المصالح
الكاتب :طارق الحميد
ثمة فئة من الناس (أنا منها) يتعيَّن عليها أن تنتظر نهاية حرب أوكرانيا (إذا انتهت) كي تتحرر من رؤية الرئيس فولودومير زيلنسكي، في بزته القتالية القاتمة، ووجهه المكفهر، وكنزته البطولية. وباعتبار أن الرجل مسرحي سابق، فإن المشهد قد طال أكثر من قدرة الناس على احتمال هذه الصورة البائسة التي يتنقل بها في بلاده وحول العالم، كزعيم قومي وقائد عسكري ومنتصر في وجه إحدى أقوى دول الأرض.

نقض زيلنسكي جميع التوقعات. انتظر بوتين أن يستسلم خلال أيام، لكنه صمد وقاتل. ولكن هل يملك ممثل سابق كل تلك القدرات العسكرية؟ لا. لا يملك. والآن، يوماً بعد آخر يُعلن أن الحرب بدأت قبل تشعبها بكثير. وأن أميركا وأوروبا، كانتا تدربان الجنود الأوكران على أحدث أنواع القتال. ولا يزال التدريب قائماً. وعلى نتائجه تتوقف نتيجة القتال الرهيب، الذي يسقط فيه ألوف القتلى في المعركة من أجل مدينة واحدة.

الجديد في الأمر، إقرار الجانب الأوكراني، ومعه أميركا وأوروبا، بالإعداد للحرب قبل عام على الأقل. هذا يخفف من حدة اللوم على روسيا بأنها كانت البادئة في الحرب، كما يعطي فلاديمير بوتين المصداقية في الاتهامات التي ساقها نحو «الناتو» ومخططاته العسكرية.

غير أنه لا يغير شيئاً في مأزق الرئيس الروسي، الذي بدل أن يفاخر بالانتصار، يتباهى بأنه أعاق «الهجوم المضاد» من دولة صغيرة قياساً بدولته. الحقيقة أن مآزق الرؤساء كثيرة شرقاً وغرباً. ففي أميركا توجه إلى دونالد ترمب 37 تهمة جرمية، لأنه تعامل مع البيت الأبيض وكأنه منزله الخاص. ولم يكن ذلك غريباً لأن أميركا انتخبت رجلاً لم يشغل أي منصب رسمي من قبل، ولا يعرف معنى المسؤولية. وفي فرنسا يقف نيكولا ساركوزي على عتبة السجن بسبب ضعفه الأخلاقي أمام الرشوات، من أي جهة أتت.

إذن، هي أزمة «النظام العالمي» في شقيه. والتهمة أخلاقية في كل الحالات. ورئيسان على الأقل مهددان بالسجن الفعلي للمرة الأولى في التاريخ. ماذا حدث؟ أين هو بوتين الذي قال إن الولايات المتحدة أفضل شريك في السلام العالمي؟ وكيف يقبل نيكولا ساركوزي «تبرعاً» من نظام يحاط في الغرب بنظرة مثيرة وصورة رجل يحمل مضاربه إلى العواصم.

المظاهر الخارجة على المألوف لا تنفع. الخيام الملونة تتحول إلى تسلية عابرة. الحكم مسألة بالغة الجديّة لا يعطى إلاّ للأمناء. وإذ يتخبط الشرق والغرب على حافتي الانهيار، يتأكد للعالم مدى عمق وخطورة الأزمة الديمقراطية، سواء الغربي منها كما في أميركا وفرنسا، أو الشرقي كما في روسيا وأوكرانيا، وما يلي.

11 يونيو 2023

هاشتاغ

التعليقات