عربي ودولي

آخر أيام تنظيم الإخوان في تركيا!
آخر أيام تنظيم الإخوان في تركيا!
تعيش جماعة الإخوان المسلمين أيامها الأخيرة في تركيا بعد تشديدات أمنية أقرتها أنقرة في ضوء إجراءات التقارب مع جمهورية مصر العربية ودول مجلس التعاون الخليجي شملت مداهمات لمقرات التنظيم وطرد عدد من عناصره وسحب الجنسية من عناصر أخرى أبرزهم محمود حسين القائم الذي يقوم بعمل المرشد العام لتنظيم الإخوان المسلمين والمقيم في إسطنبول، وذلك بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر، ما جعل مستقبل التنظيم مرتبطا" بشكل كبير بتطور العلاقة التركية المصرية الخليجية .
 
كانت أنقرة تصر على دور الراعي لكل الجماعات الاسلامية سواء فرعها المصري، أو الدولي، ويعتبر حسين القائم من أبرز قادة تنظيم " الإخوان المسلمين" وسبق وتولى منصب القائم بأعمال مرشد الجماعة بعد وفاة إبراهيم منير في العاصمة البريطانية لندن في شهر ديسمبر\ كانون الأول 2022 .
 
يأتي التقارب التركي المصري الخليجي الراهن في سياق " تعقيدات المشهد الإقليمي" التي تقضي تغليب مقاربات التفاهم والتعاون الاقتصادي والامني وتصفير المشاكل مع مصر والدول الخليجية.
 
ويبدو واضحاً بعد الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة وما تلا ذلك من تصريحات إيجابية أن هناك رغبة مشتركة في فتح قنوات الحوار والوصول لحلول مرضية تتعلق بملفات شائكة منها نشاط تنظيم الإخوان المسلمين في تركيا وملفات أخرى تتعلق بالساحة الليبية وترسيم الحدود البحرية وغاز الشرق المتوسط والتعاون الثلاثي التركي المصري القبرصي .
 
إجراءات جديدة ضد جماعة الإخوان في تركيا
 
في هذا الإطار، أدلى الباحث التركي في العلاقات الدولية الدكتور مهند حافظ أوغلو بتصريح خاص لـ "جسور" قائلاً: التغير الذي طرأ في تركيا بالتعاطي مع الاخوان المسلمين عمره أكثر من عام وكانت رسالة واضحة من القيادة السياسية التركية لقيادة ولجماعة الاخوان المسلمين بأن تركيا اليوم في مرحلة مختلفة وأن سياسة الباب المفتوح الذي كانت تتبعها قبل سنوات لم تعد اليوم جيدأ او مفيدة.
وأضاف أوغلو: في السياسة ما يصلح أمس لا يصلح اليوم وما يصلح اليوم قد لا يصلح غدًا وتتغير المواقف بتغير الحيثيات وتغير المعطيات وهذا ما دعا تركيا إلى تغير موقفها من حركة الاخوان المسلمين أو سياسة الباب

المفتوح وإن كانت لا تقبل بتسليمهم كما تطالب القاهرة ولكن هناك تشديدات على السياسة التحريرية وقيود أمنيه وأخرى روتينية لوجودهم في الأراضي التركية ذلك كله رسالة واضحة للقاهرة من أنقرة بأنها تريد أن تطمئن صانع القرار السياسي في مصر أن تركيا اليوم في طور مختلف وأنها تريد بالفعل أن تكون هناك علاقات جيدة وتستأنف وكأن العقد الماضي لم يكن وبداية جديدة يطمح الى أن تكون قوية ما بين العاصمتين.
وبناءً عليه، الاخوان المسلمون أصبحوا غير مرحب بهم في تركيا على الأقل على مستوى القادة ومن هذه الاجراءات سحب الجنسية وغيره وهذا يدل على أن السياسة تفهم لغة المصالح وأن الاديولوجيات تتراجع أمام هذه المصالح وأن الكلمة العليا سوف تبقى للمصالح القومية والسياسات المشتركة التي تعود بالنفع على الدول في سياساتها الخارجية.
 
تطور العلاقات التركية المصرية الخليجية
 
وفي ما يتعلق بالعلاقات التركية المصرية الخليجية، أوضح الدكتور مهند حافظ أوغلو لـ"جسور":السياسة بدأت في مرحلة حساسة على المستوى الامني والمستوى السياسي وأدركت تركيا أن التطورات الامنية والسياسية فضلا عن الاقتصادية والتي هي ربما قد تكون أحد أهم الأهداف الأساسية لما يجري سياسيًا وأمنيًا أدركت ذلك قبل عامين وبالفعل بدأت بتغيير في سياساتها الخارجية وترتيب أوراقها مع دول الخليج لتنتهي اليوم بعلاقات مميزة تتكلل بزيارة لرئيس اردوغان للقاهرة هذا يعني أن هناك فعلاً عواصف سياسية وأمنية واقتصادية قوية قادمة الى المنطقة ولابد من التكاتف ولا بد من الانحناء لها لذلك أدركت أنقرة ما سوف يكون في قابل الايام واتخذت خطوات

استباقية قبل عامين تقريبًا وهي تحاول أن ترسخ علاقاتها مع دول الخليج ومع مصر بشكل أساسي ليس فقط على مستوى التفاهمات الثنائية بل على المستوى الاقليمي... كان التنافس واضحا فيما بين هذه دول سابقا أعني هنا تركيا، مصر ودول الخليج سيما السعودية والامارات بشكل مباشر ولكن هذا التنافس في ظل هذه المتغيرات الاقليمية والدولية غير مقبول على المستوى البعيد لذلك قامت تركيا وكانت ارتدادات هذه السياسات واصداؤها جيدة في دول الخليج وفي مصر لأنهم ايضا في المعطيات والمتغيرات نفسها ولابد من أن تكون هناك تغيرات حقيقية وتحالفات جديدة وأن السياسات الماضية لن تفيد هذه الدول، وبناء عليه كانت هناك ترحيبات كبيرة وواسعة في كل هذه الدول مع تركيا أي أن هناك أهدافاً وقواسم مشتركة لكل الاطراف.
 
تنسيق أمني اقتصادي مشترك
 
وفيما يتعلّق بالتنسيق الامني التركي المصري والخليجي أوضح أوغلو: هذا التنسيق يعني هناك طريق الحرير الجديد وهناك طرق تجارية ومعابر تغلق ومعابر تفتح ومضائق بحرية وحروب عليها وستستمر وتتسع لذلك من المنطق والواجب السياسي والامني أن تكون هناك تنسيقات ما بين هذا المثلث الاخطر في العالم ربما، وهو تركيا مصر ودول الخليج لان لكل ضلع من هذه الاضلاع الثلاثة في هذا المثلث له ما خلفه، يعني اليوم تركيا هي بوابة الغرب والبوابة الشماليه وهي مفتاح للعلاقات مع الكثير من الدول الناطقه باللغه التركية وكذلك روسيا، وضلع مصر أيضا في غاية الخطورة للبحر المتوسط ولقناه السويس وكذلك البحر الاحمر وفضلا عن أنها تمثل القارة

الافريقية وهي بوابة أساسية للقارة السمراء، وكذلك دول الخليج التي تعتبر الفاعل الاكبر أمنيا واقتصاديا في الشرق الاوسط ككل وكذلك في البحار التي تقع عليها اذا نحن نتحدث عن أخطر مثلث قد يوجد في العالم على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي بناء على كل هذا من المنطقي بل ومن الضروري ان يكون هذا التنسيق متزايداً بل وأنا اظن اننا سوف نشهد في قابل الايام مجالس تنسيقية أمنية مشتركة فالقادم يبدو لي صعباً وصعباً جدًا ولابد من غرف عمليات متعددة لمتابعة ما سوف يجري من أحداث والبناء عليه، هذا التنسيق ضروري وخطير ولا أدل على ذلك من أن تركيا كشفت وأحبطت الكثير من تحركات للموساد من جهه وتحركات للاستخبارات الفرنسية من جهه أخرى هناك الكثير ممن يريدون أن يصطادوا في هذا الماء العكر في منطقتنا وبالتالي لابد من أن يكون هناك تكاتف ورص للصفوف أمنيا واقتصاديا ومن ثم سوف تكون النتائج بطبيعة الحال سياسية.
 
سحب الجنسية التركية من القائم باعمال مرشد الاخوان
 
ويقول مدير "المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات" حسان قطب في حديث لـ"جسور"، إن سحب الجنسية التركية من القائم باعمال مرشد الاخوان المسلمين، خطوة تركية في اتجاهين، إبلاغ حركة الاخوان بأن النظام التركي لم يعد يستطيع أن يكون ملاذاً آمناً لهم، أو أن يقدم لهم التسهيلات اللازمة لاطلاق معارضتهم ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهي خطوة ايجابية نحو النظام المصري، تعبيراً عن الرغبة في استكمال مسيرة تحسين العلاقات التركية – المصرية وتطويرها، وتعزيز الروابط الاقتصادية والامنية وكذلك السياسية، إذ إن الدولتين التركية والمصرية، تعانيان من ازمات مالية، مع استمرار انخفاض قيمة عملتيهما، مع ارتفاع التضخم ايضاً. لذلك فإن تركيا وكذلك مصر تعتبر أن التعاون الاقتصادي بينهما من رفع مستوى التبادل التجاري، وزيادة الاستثمارات المالية والخروج من استخدام الدولار الاميركي في تبادلهما التجاري والاستثماري، قد يخفف عنهما الكثير من الاعباء الاقتصادية ، ويعزز روابط التعاون السياسي بينهما..
 
انفتاح تركي على الدول الخليجية
 
وقال قطب لـ"جسور"، سبق الانفتاح التركي على مصر، وساطة قطرية أسست لهذه البداية الجديدة، ولكن لا يمكن تجاهل أن تركيا بدأت مسيرة تطبيع علاقاتها مع دول الخليج (السعودية والامارات) قبل سنوات عقب فترة جفاء وتبادل اتهامات، وموقف تركي سلبي من سياسات دول الخليج وتحسّن العلاقات بين دول الخليج وتركيا ظهر من خلال زيارات متبادلة ورفع مستوى التعاون الاقتصادي، والاستثمارات الخليجية في الاقتصاد التركي، والوديعة السعودية بالدولار في المصرف المركزي التركي العام الماضي قبل الانتخابات التركية، مما ترجمه البعض على انه دعم سعودي وخليجي لاعادة انتخاب اردوغان رئيسا لتركيا.
والان مع زيارة اردوغان الى مصر يكون قد استكمل حلقة إعادة الوصل والاتصال مع مختلف الدول العربية، التي سبق ان اختلف معها وتباينت سياساته مع سياساتها ما يؤكد اعادة العلاقات السياسية والاقتصادية الى مجراها الطبيعي، وبالتالي يتبين بما لا شك فيه بأن المصالح السياسية والاقتصادية لدى تركيا تتجاوز المواقف الحزبية والثوابت العقائدية.
وهذا الانفتاح المستجد قد يقود، الى تعاون يشمل مختلف القطاعات التي تهم منظومة الدول هذه، وخاصة الامنية منها، تحت عنوان مكافحة الارهاب والتطرف.

25 فبراير 2024

هاشتاغ

التعليقات