بعد 27 عاماً على عرضه للمرة الأولى، يعود مسلسل "عالم الست وهيبة" الذي حظره النظام العراقي السابق، إلى الشاشة في أحداث مشوّقة محورها الجريمة والمخدّرات، بعدما كان يتناول قصص الفوضى والفقر في ظلّ العقوبات الدولية.
وفي جزئه الثاني الذي كتبه أيضاً الكاتب العراقي المقيم في هولندا "صباح عطوان"، تعود شخصيات من هذا المسلسل البوليسي لتكمل القصة التي بدأت في العام 1998، مع جيل جديد، لكن هذه المرة أثارت شخصية "مهيدي" حالة من الجدل في العراق، بين اتهامات بـ"المساس بالرموز الدينية"، والتنديد بفرض رقابة على الفن وحرية التعبير، ما دفع القضاء العراقي، إلى إصدار أمر ولائي الإثنين بإيقاف عرض المسلسل "الذي تبثّه قناة “UTV”العراقية خلال رمضان بناءً على دعوى سبقت عرضه، تقدّم بها مؤلف الجزء الأول منه "صباح عطوان".
معضلة التفسيرات الخاطئة
ويدور المسلسل في موسمه الثاني حول الممرضة "الست وهيبة" التي تتعامل مع صراعات ومشاكل الشباب مع التكنولوجيا والإنترنت. ويقول مخرج العمل "سامر حكمت" إنّ "المسلسل يتناول قضايا تدور حالياً في المجتمع، هي انعكاسات لما آلت إليه نتائج الحروب".
وألقت الحروب بظلالها لعقود على حياة العراقيين، من الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات وصولاً إلى غزو صدام حسين للكويت في العام 1990 والعقوبات الاقتصادية التي كانت لها تداعيات قاسية مثل انتشار الفقر.
وتلا ذلك الغزو الأميركي في العام 2003، واقتتال داخلي وعنف طائفي، ثم سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من البلاد حتى العام 2017.
وفي حديثه لـ "جسور"، رأى نقيب الفنانين العراقيين، جبار جودي، أنّ الأطراف الفنية والجهات المنتجة للأعمال الدرامية تجد نفسها مجدداً أمام معضلة (التفسيرات الخاطئة) التي تصدر عن الأطراف السياسية أو الجهات الرسمية للخطوط العامة، لافتا إلى أنّ المسلسل طبيعي جداً، وهناك تنمّر واضح على صنّاع الدراما من بعض السياسيين.
وكشف جودي عبر "جسور" عن وقفة جادة قريباً.
القناة توضح
ومساء الأحد، أصدرت القناة بياناً توضيحياً موجهاً إلى رئيس هيئة الإعلام والاتصالات، علي المؤيد، أكدت خلاله "الاستجابة لما حصل من مناشدات واعتراضات اجتماعية وبرلمانية وحكومية بشأن بعض الملابسات في مسلسل عالم الست وهيبة الجزء الثاني".
وقال البيان:" إيماناً منا بالإلتزام التام باللوائح والضوابط التي وضعتها الهيئة الموقرة ومنها احترام التعدد الديني والمذهبي والقومي، والحرص على وحدة العراق الوطنية، وعدم التعرّض للرموز الدينية والمجتمعية بشكل مباشر أو غير مباشر، قمنا بإزالة كل الملابسات والملاحظات التي أشارت لها هيئتكم الموقرة، وما أورده بيان ديوان الوقف الشيعي، اعتبارا من حلقة اليوم".
إجراءات دستورية وقانونية
وكان ديوان الوقف الشيعي قد أصدر بياناً، اتّهم فيه المسلسل بعرض "إيحاءات تمسّ رمزاً دينياً لشريحة واسعة للشعب العراقي، بإظهار إحدى شخصيات المسلسل التي اتسمت بالجريمة والعدوانية تحت اسم وكنية ملازمة لأحد الأئمة".
واستنكر ديوان الوقف الشيعي "التلميح سواء أكان مقصوداً أم غير مقصود"، معتبراً أن "هناك من يتصيد بالماء العكر فيأخذ من تلك الشخصية السلبية في المسلسل عنواناً يلمز به رمزا من رموز أتباع أهل البيت".
ودعا الوقف الشيعي "الجهات المعنية بالوقوف ضد كل ما يؤدي إلى خدش التعايش السلمي بتناول الرموز الدينية والتطاول عليها ولو بالتلميح".
استهداف الرموز الدينية الشيعية؟
وفي سياق متصل، طالب النائب في البرلمان العراقي، سعود الساعدي، هيئة الإعلام والاتصالات في البلاد بإيقاف بث المسلسل معتبراً أنه يتضمن "إساءًة عمدية للرموز الدينية"، وانتقد اقتباس الشخصية من النظام السابق.
ولفت الساعدي إلى "ورود العديد من الشكاوى والمناشدات من المواطنين تتضمن وجود إساءة للرموز الدينية في المسلسل، والتي تتمثل باختيار شخصية "مهيدي"، في إشارة واضحة تتضمن الإساءة العمدية بصيغة الكناية والتورية إلى شخصية الإمام المهدي"، بحسب تعبيره.
وشدّد على ضرورة اتخاذ إجراءات مثل "إيقاف بث المسلسل بصورة كلية أو توجيه القناة باستقطاع المشاهد الواردة في المسلسل التي تتضمن ظهور شخصية "مهدي أبو صالح" بمشاهد مسيئة من جميع الحلقات التي ستعرض في الأيام المقبلة".
من جهته، تحدث مدير المركز العراقي الأفريقي للدراسات الاستراتيجي، هاشم العوادي، عن "عملية استهداف للرموز الدينية لدى الشيعة من قبل النظام السابق".
ووسائل إعلام "النظام السابق"، كانت تسيء إلى المكون الشيعي ومقدساته في كل مناسبة والجزء الأول من العمل الدرامي "عالم الست وهيبة" يمثل واحدا هذه الاساءات، وفق العوادي.
ويؤكد أن المسلسل "يمس رموز دينية، ويمثل مخالفة صريحة للدستور العراقي، ويهدّد الأمن والسلام المجتمعي".