المجتمع

حق الملح وزينة الأحياء.. عادات مغربية ابتهاجا بعيد الفطر
حق الملح وزينة الأحياء.. عادات مغربية ابتهاجا بعيد الفطر
تكثّف الأسر المغربية استعداداتها لاستقبال عيد الفطر عبر عادات عريقة متوارثة، سواء في الأسواق أو الأحياء أو المساجد أو بين العائلات.

ومن أبرز هذه العادات “حق الملح”، فالزوج يشتري هدية ويقدمها لزوجته في العيد، اعترافا وتقديرا لجميل صنعها خلال شهر رمضان المبارك.

وتظل أبواب المنازل في الأحياء الشعبية مفتوحة، ضمن عمل مشترك بين السكان لتزيين كل شوارع الحي وإعداد أطباق الحلويات ابتهاجا بالعيد.

وفي المساجد، يجمع المصلون تبرعات مالية لصالح الأئمة، خاصة في ليلة القدر (27 رمضان)، تقديرا لجهودهم طيلة شهر رمضان وإكراما لكونهم حفظة للقرآن.

وقبيل العيد بأيام، تشهد الأسواق الشعبية رواجا كبيرا، وتختلف المشتريات من أسرة إلى أخرى، إلا أن أغلبيتها تحرص على اقتناء ملابس لأطفالها.

وفي أحد الأسواق الشعبية بالعاصمة الرباط قال التاجر مصطفى المغربي (32 عاما) للأناضول “هناك إقبال كبير خلال هذه الأيام أكثر من السنة الماضية، خاصة أن الأسعار مناسبة خاصة الملابس”.

أبواب المنازل في الأحياء الشعبية تظل مفتوحة ضمن عمل مشترك بين السكان لتزيين كل شوارع الحي ابتهاجا بالعيد

وتابع “من عادات سكان الرباط أنهم يحرصون على زيارة المدينة العتيقة بالرباط، خاصة أن السويقة (سوق شعبي بالمدينة العتيقة) معروفة لديهم، وتوفر مختلف الملابس للكبار أو الصغار”.

ووفق سعيد بوزيزة، (موظف، 50 عاما)، فإن الاستعداد قبيل العيد يتمثل في اقتناء الملابس التقليدية، مثل البلغة (نعل جلدي) والجلابة (جلباب) أو اقتناء ملابس الأطفال.

وأضاف بوزيرة للأناضول “في حين تحرص النساء على اقتناء القفطان، وهو لباس تقليدي تلبسه المرأة المغربية في المناسبات والأمسيات الاحتفالية والأعراس”.

فالأيام القليلة قبيل العيد في المغرب ترتبط بشراء الهدايا، لإضفاء أجواء الفرح في هذه المناسبة الدينية من خلال إبهاج النساء والأطفال.

ومن العادات المتوارثة “حق الملح”، ففي عيد الفطر يهدي الزوج لزوجته هدية شكر على جهودها لإسعاد الأسرة طيلة شهر رمضان.

كما أن الزيارات العائلية المكثفة، حسب بوزيزة، تبدأ في الأيام الأخيرة من رمضان، وتستمر إلى يوم العيد.

وأضاف أن من أبرز عادات الأسر الأمازيغية قبيل العيد الصلح بين المتخاصمين لتسود المحبة بين الجميع.

زيارة الأقارب لا تكون دون هدية
وفي شوارع الأحياء الشعبية يتشارك شباب كل حي في تزيين شوارعه عبر تنظيفها وصبغ جدرانها ووضع مزهريات النباتات، لتصبح في أبهى حلة خلال العيد.

وبات شباب كل حي يتنافسون ويبتكرون في إضفاء مظاهر الجمال على حيهم، وينشرون النتائج عبر صور ومقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي المساجد، يجمع المشرفون أو المتطوعون تبرعات مالية لفائدة الأئمة، خاصة أن العديد منهم يأتون من مناطق بعيدة، وهي عادة دأب عليها المغاربة إكراما لحفظة القرآن، وتكون في منتصف رمضان وخلال ليلة القدر.

وتشهد محطات الحافلات والقطارات في الأيام الأخيرة من رمضان زحاما بمغاربة يحرصون على قضاء العيد لدى الأهل مهما بعُدت المسافات.

وترتبط أصل تسمية “حق الملح “باضطرار الزوجة أحيانا عند إعدادها الطعام لأسرتها خلال شهر رمضان إلى تذوق الأكل دون ابتلاعه، للتأكد من اعتدال ملوحته قبل تقديمه.

وتتمثل العادة في تقديم هدية قيمة للمرأة التي أطعمت العائلة في شهر الصيام، وتكون غالبا قطعة من الذهب يهديها رب الأسرة لها صباح العيد.

وتقتضي العادات أن تقدم الزوجة طبق الحلويات وفنجان القهوة لرب الأسرة بعد عودته من صلاة العيد، على ألا يرجعه فارغا، بل يضع فيه خاتما أو سوارا أو مبلغا من النقود، هدية منه للزوجة أو الأم التي أطعمت العائلة في الشهر الكريم.

العادات تقتضي أن تقدم الزوجة طبق الحلويات وفنجان القهوة لرب الأسرة بعد عودته من صلاة العيد، على ألا يرجعه فارغا، بل يضع فيه خاتما أو سوارا أو مبلغا من النقود

ويقول المؤرخون إن “هذه العادة تعود إلى العثمانيين، حيث يُروى أن تاجرا ثريا كان جالسا مع عائلته صباح العيد يوزع ما تسمى (مهبة العيد)، وهي دراهم من الفضة والذهب على أطفاله، حتى سقطت قطعة منها في فنجان القهوة، فقالت الزوجة هذا نصيبي، من باب المزاح. وعند غسلها للفنجان، وجدت الزوجة أن القطعة النقدية صغيرة جدا، فعادت إليه محتجة بالقول ‘هذا المبلغ لا يساوي حتى حق الملح الذي تذوقته’، أي ثمنه، فعوضها الزوج بدينار من الذهب. وبعدها ذهبت الزوجة وأخبرت جاراتها بعبارة: انظرن ثمن تذوق الملح”، ومنذ ذلك الحين أصبحت الهدية للزوجة صباح العيد عادة متوارثة.

وأشار الخبراء إلى أن العادة التي تعرف بـ”حق الملح” في المغرب، متواجدة في ليبيا باسم “الكبيرة”، وفي المغرب “التكبيرة”، وفي الجزائر “حق الطعام”، وفي تونس حق “الملح” وتعد حركة تعبيرية عن الحب و المودة.

وفي القديم، كان النساء يطبخن الطعام في ظروف أصعب، إذ لم يكن هناك فرن ولا مخابز ولا مطاعم والعائلة كانت ممتدة، مما يضطر المرأة لقضاء ساعات شاقة من أجل إعداد وجبة الإفطار.

ويشقى النساء في شهر رمضان المعظّم ويتعبن من أجل تقديم ما لذ وطاب لعائلاتهن مع قضاء شؤون المنزل رغم تعب الصيام دون تذمر، مما جعل المغاربة يخصصون عادة في يوم عيد الفطر تسمى “حق الملح”؛ تكريما لزوجاتهم واعترافا لهن بالجميل وتقديرا لتعبهن طوال شهر رمضان.

ويخرج الرجال مبكّرين لأداء صلاة العيد وتبقى النسوة في البيت للاهتمام بملابس الأطفال وتحضير الطعام وترتيب البيت ووضع البخور، ويتزين ويلبسن ملابس جديدة ثم تحضّر ربة البيت القهوة والحلويات في انتظار عودة زوجها.

06 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات