اخبار

حقيقتان تشكلان موقف إيران من غزة والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني
حقيقتان تشكلان موقف إيران من غزة والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني
 يرى محللون أنه ليس لإيران حق التصويت الحاسم على نتائج الحرب الحالية في غزة، لكن لديها الكثير من القدرة على تشكيل المسار المستقبلي للصراع، فطهران في نهاية المطاف من بين أكبر الداعمين لحماس، سواء من حيث الدعم الدبلوماسي أو كمورد للمعدات العسكرية والمعرفة.

ويقول أليكس فاتانكا، و هو مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط وزميل أول في برنامج البحر الأسود التابع لمعهد الشرق الأوسط، في تقرير نشره المعهد إن هناك حقيقتين أساسيتين عندما يتعلق الأمر بفهم موقف طهران المحتمل بشأن عملية سياسية محتملة لإنهاء الصراع.

أولاً، كان رفض الجمهورية الإسلامية لإسرائيل ركيزة أيديولوجية أساسية منذ عام 1979، ومن غير المرجح أن يتغير هذا ما لم يحدث تحول جذري في العلاقات الإسرائيلية – الفلسطينية نحو الأفضل.

وثانياً، تتطلب أجندة إيران الإقليمية الحالية، والتي يتم تنفيذها عبر شبكة من الوكلاء العرب المتشددين المؤيدين لإيران، وجود عدو مشترك، وتخدم المعارضة المسلحة لإسرائيل هذا الغرض.

ولكي يتغير هذان الشرطان، لابد من إعادة التفكير بشكل جذري في طهران فيما يشكل المصالح الوطنية الرئيسية لإيران، وهذا أمر غير مرجح إلى حد كبير ما دام المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والجيل الأول من كبار قادة الحرس الثوري يدعون إلى ذلك.

تغيير إيران مسارها يعتمد إلى حد كبير على قوة الالتزام الإسرائيلي والفلسطيني/العربي بحل الدولتين

ومع ذلك، سيكون من الصعب على إيران أن تحافظ على موقفها الرافض تجاه إسرائيل إذا تمكنت بقية دول العالم الإسلامي من إشراك الدولة اليهودية في عملية مفاوضات سياسية ذات معنى يمكن أن تؤدي إلى حل الدولتين كنتيجة للمفاوضات.

وكنقطة انطلاق، لابد من الإشارة إلى عمق كراهية الجمهورية الإسلامية تجاه إسرائيل. وعندما استولى الإسلاميون على طهران عام 1979، كان أول زائر أجنبي هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات. وسافر إلى طهران للقاء القادة الإيرانيين الجدد ووضع إستراتيجية حول كيفية إجبار إسرائيل على تلبية المطالب الفلسطينية بإقامة دولة قومية. لكنه سرعان ما اختلف مع آية الله روح الله الخميني بمجرد أن أصبح واضحا أنهما يواجهان خلافا لا يمكن التغلب عليه حول الأهداف.

وسعت منظمة التحرير الفلسطينية القومية العلمانية إلى تحقيق الدولة الفلسطينية كهدف أساسي لها؛ وعلى النقيض من ذلك، أراد الخميني نهاية إسرائيل تحت راية حملة إسلامية شاملة بقيادة إيران.

وقد وصف عرفات بأنه “خائن وأحمق”، وهو تعليق متحيز بشكل ملحوظ، نظراً لأن الخميني لم تطأ قدمه الأراضي الفلسطينية ولو مرة واحدة. ولكن مرة أخرى، بالنسبة إلى الخميني، كانت القضية الفلسطينية أكبر بكثير من محنة الشعب الفلسطيني.

ويظل خليفة الخميني، آية الله خامنئي، مخلصاً لنفس الحملة الإسلامية الشاملة. ولم تكن إيران على مدى السنوات الخمس والأربعين الماضية، قادرة على إخراج الحوار الإسرائيلي – العربي عن مساره عندما حدث.

ولم تتمكن من تقويض اتفاقات كامب ديفيد (1978) أو وقف اتفاقات أوسلو (1993، 1995)، أو اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن (1994)، أو اتفاقات أبراهم (2020).
وفي الآونة الأخيرة، تم تجاهل دعوات خامنئي المتكررة منذ 7 أكتوبر لمقاطعة إسلامية شاملة لإسرائيل بشكل أو بآخر. ومن الواضح أن الدول الإقليمية الأخرى تنظر إلى رفض الجمهورية الإسلامية القاطع لحق إسرائيل في الوجود باعتباره وصفة لحرب لا نهاية لها.

وبدلاً من ذلك، كان لإيران تأثير أكبر بكثير من خلال العمل كمورد للأسلحة خلال فترات الصراع المسلح الإسرائيلي – الفلسطيني، عندما لا يكون هناك احتمال لعملية سياسية.

ومع ذلك، فكما لم يتمكن الخميني من إملاء الأوامر على عرفات، فإن خامنئي لا يستطيع أن يملي على حماس، وهي المنظمة التي لا تعتبر طهران سيدتها بكل تأكيد، بل تعتبر مصدراً مفيداً للمساعدة في وقت توجد قلة على استعداد لتقديم المساعدة.

كما لم يتمكن الخميني من إملاء الأوامر على عرفات، فإن خامنئي لا يستطيع أن يملي على حماس، وهي المنظمة التي لا تعتبر طهران سيدتها بكل تأكيد

وتفترق إيران وحماس حول مسألة جوهرية. لقد أصبحت حماس تقبل بإسرائيل كأمر واقع، وهي على استعداد للتفاوض معها من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة، فيما خامنئي وجنرالات الحرس الثوري الذين يشكلون قلب محور المقاومة، والذين يعتبرون إسرائيل العدو المطلق، لم يتوصلوا بعد إلى نفس هذا القبول.

وخلال الأعوام الخمسة والثلاثين التي قضاها كزعيم لإيران، لم يلمح خامنئي ولو مرة واحدة إلى ما قد يتطلبه الأمر لكي تعترف إيران بإسرائيل كعضو في الأمم المتحدة وكواقع في الشرق الأوسط.

ولذلك، فطالما أنه لا يزال على قيد الحياة، ستلتزم طهران بسياسة “الصبر الإستراتيجي” وستحاول استنزاف إسرائيل قدر الإمكان ولكنها ستسعى إلى تجنب حرب مفتوحة، لأن ذلك، في نظر طهران، يعني دائمًا قتال الأميركيين.

وإلى أن تبدأ القيادة الإيرانية في رؤية تنافسها مع إسرائيل باعتباره صراعًا جيوسياسيًا يمكن تسويته وليس كمهمة دينية مقدسة، فلن تتمكن طهران من الناحية الواقعية من أن تكون جزءًا من أي عملية سياسية إسرائيلية – فلسطينية.

وما إذا كان الصراع يمكن أن يفسد مثل هذه العملية، فذلك يعتمد إلى حد كبير على قوة الالتزام الإسرائيلي والفلسطيني/العربي بحل الدولتين.

06 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات