اخبار

مرونة السوداني تفتح طريق عودة بارزاني عن قرار مقاطعة الانتخابات
مرونة السوداني تفتح طريق عودة بارزاني عن قرار مقاطعة الانتخابات
لم تفقد الأطراف العراقية المهتمة بإنقاذ انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقرّرة لشهر يونيو القادم من الفشل، الأمل في إثناء قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني عن قراره مقاطعة الانتخابات احتجاجا على تدخّل المحكمة الاتّحادية العراقية في قانونها وطريقة إجرائها.

ويأتي في مقدّمة تلك الأطراف رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني الذي يَدخُل الحفاظ على استقرار الإقليم وتماسكه ضمن دائرة مسؤولياته باعتباره صاحب المنصب التنفيذي الأهمّ في الدولة الاتّحادية.

ويلعب السوداني في محاولته ثني الحزب الذي يقوده الزعيم الكردي العراقي المخضرم مسعود بارزاني عن قرار المقاطعة ورقة المرونة التي تجلّت أولا في قراره صرف رواتب موظّفي إقليم كردستان دون التقيد بالضوابط التي وضعتها المحكمة الاتحادية والتي اقتضت أن يتمّ إيصال تلك الرواتب إلى مستحقيها عبر عدد من المصارف العراقية بدلا من تحويلها إلى حكومة الإقليم لتوزيعها على أصحابها.

ومثّلت خطوة السوداني تلك متنفّسا كبيرا لحكومة الإقليم وتحديدا للحزب الديمقراطي الذي يقودها بشكل رئيسي كون الإجراءات التي أقرّتها المحكمة كانت ستؤخّر صرف رواتب موظفي الإقليم وتُدخل الأخير في أزمة اجتماعية محرجة لحكومته وللحزب الذي يتوّلى أرفع المسؤوليات والمناصب فيها.

كما أنّ الخطوة جاءت بمثابة تعبير عن حسن النوايا تجاه الإقليم وذلك لتمهيد الطريق أمام جهود أشمل قالت مصادر عراقية إن رئيس الحكومة الاتّحادية شرع فيها لإقناع قيادة الحزب الديمقراطي بالمشاركة في الانتخابات باعتبارها طرفا أساسيا في إنجاحها بما له من موزن سياسي وجماهيري في الإقليم، وأيضا من دور في العملية السياسية بالعراق ككل.

وقالت المصادر إن السوداني سيكثّف جهوده لحل هذه المشكلة قبل زيارته المقرّرة منتصف الشهر الجاري إلى الولايات المتّحدة، حيث يتوقّع أغلب الملاحظين أن يكون موضوع علاقة الحكومة الاتّحادية بسلطات إقليم كردستان العراق موضع اهتمام أميركي قد يصل حدّ ممارسة ضغوط على السوداني  لأجل تحسين تلك العلاقة.

ويرى مطّلعون على الشأن العراقي أنّ ما يمنح رئيس الوزراء فرصة لإنجاح مساعيه أنّ لحزب بارزاني أيضا مصلحة كبيرة في العودة عن قرار مقاطعة الانتخابات وقد يكون بصدد البحث عن صيغة مرضية وغير محرجة له أمام جماهيره للنزول عن السقف العالي الذي ارتقاه باتخاذه ذلك القرار الصعب والذي لا يخلو من مقامرة بمكانة الحزب ودوره في السلطة بإقليم كردستان وبمكاسبه التي يحصل عليها من خلال قبضه على زمامها.

وعبّرت أشواق الجاف عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني عن تفاؤلها بالتوصل إلى تفاهمات بين السوداني وقيادة الحزب، وقالت في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلّية إنّ “جميع الجهود التي تتعارض مع الدستور وتستهدف إقليم كردستان ستفشل”، معتبرة أن “الجهود المبذولة ستكون مفتاحا لتنفيذ برنامج حكومة السوداني، وهذه بداية جيدة لحل باقي القضايا”.

وقرّر الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان يشغل خمسة وأربعين مقعدا في البرلمان السابق لإقليم كردستان العراق، ويتولى رئاسة الإقليم ورئاسة حكومته مقاطعة الانتخابات تعبيرا عن رفضه قرارات أصدرتها المحكمة الاتحادية أعلى سلطة قضائية في العراق وقضت بتقليص عدد مقاعد برلمان الإقليم إلى مئة مقعد وذلك بإلغاء المقاعد الأحد عشر المخصصة للأقليات بموجب نظام الكوتا. كما قضت بتقسيم الإقليم إلى أربع دوائر انتخابية بدلا من دائرة واحدة، وأسندت الإشراف على الانتخابات إلى المفوضية المستقلة العليا للانتخابات (اتحادية) بدلا من المفوضية المحلية التابعة للإقليم.

وقال الحزب في بيان إنّه يرفض المشاركة “في انتخاب يجري خلافا للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابي مفروض”، مبررا قراره بأنّه لا يريد “إضفاء الشرعية على انتخاب غير دستوري وغير ديمقراطي”، منتقدا “جميع الخروقات الدستورية التي تمارس من قبل المحكمة الاتحادية ضد إقليم كردستان ومؤسساته الدستورية عامة”.

كما هدّد الحزب بتصعيد يتجاوز مجرّد عدم المشاركة في انتخابات برلمان الإقليم إلى الانسحاب من العملية السياسية في العراق برمّتها قائلا “نضع أطراف تحالف إدارة الدولة أمام مسؤولياتهم الوطنية في تطبيق الدستور وجميع بنود الاتفاق السياسي والإداري الخاصة بتشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، وبعكسه لا یمكننا الاستمرار في العملیة السیاسیة”.

وقال سبهان ملا جياد مستشار الشؤون السياسية للسوداني إنّ الأخير يقوم بمساع لثني الحزب الديمقراطي الكردستاني عن قراره واصفا مشاركة الحزب في انتخابات الإقليم بالمهمّة.

وكشف في تصريحات لوكالة شفق نيوز أن رئيس الوزراء على تواصل بشكل شبه يومي مع قيادة الحزب الديمقراطي لإقناعها بعدم مقاطعة الانتخابات لما لهذه المشاركة من أهمية كبيرة، قائلا إنّ “الكل يعلم أن المقاطعة قد تدفع لعدم إجراء الانتخابات”.

واعتبر جياد أنّ “السوداني له مقبولية سياسية كبيرة لدى كل الأطراف السياسية وهو قادر على حل الكثير من المشاكل، وقد أثبت ذلك خاصة في ما يتعلق برواتب موظفي الإقليم”.

ما يمنح رئيس الوزراء فرصة لإنجاح مساعيه أنّ لحزب بارزاني أيضا مصلحة كبيرة في العودة عن قرار مقاطعة الانتخابات وقد يكون بصدد البحث عن صيغة مرضية وغير محرجة له أمام جماهيره

وأشار إلى أن “هناك نتائج إيجابية لتحركات رئيس الوزراء باتجاه قيادات الحزب الديمقراطي فهم يقدّرون جيدا الظروف التي يمر بها العراق وكذلك ما يتعرض له السوداني بشكل شخصي على مختلف الأصعدة، وهم لا يحمّلونه مسؤولية مقاطعتهم لانتخابات الإقليم”.

وتجمع بين حزب بارزاني وعدد من القوى الشيعية المنتمية للإطار التنسيقي الذي يمثلّ المظلّة السياسية لحكومة السوداني علاقة متوتّرة كون تلك القوى مقرّبة من إيران التي تنظر للحزب الديمقراطي الكردستاني باعتبارها حليفا للولايات المتّحدة منافستها الأولى على النفوذ في العراق.

وتقف تلك القوى وراء الضغوط المالية والسياسية والأمنية على حكومة إقليم كردستان، الأمر الذي لا يخلو من حرج لرئيس الوزراء الذي يحاول التوازن بين استرضاء القوى الشيعية المساندة لحكومته، وعدم خسارة الحليف الكردي المستعد للانضمام لخصومه الطامحين لانتزاع منصب رئاسة الحكومة من يده.

وسبقت تحرّكاتُ السوداني زيارةً من المقرّر أن يقوم بها السبت رئيس كردستان العراق نيجيرفان بارزاني القيادي في الحزب الديمقراطي إلى بغداد ويُتَوّقع أن يكون موضوع انتخابات الإقليم بندا رئيسيا على أجندتها.

وقال دلشاد شهاب المتحدث باسم رئاسة الإقليم، الجمعة، إنّ الرئيس سيناقش في بغداد تثبيت مسألة الرواتب واستئناف تصدير النفط وتنفيذ بنود الاتفاق السياسي. وأضاف أن نيجيرفان مسؤول عن تنظيم العلاقات بين أربيل وبغداد وحل المشاكل والأزمات، وذلك بموجب القانون وباعتباره شخصية مؤثرة وقوية في كردستان والعراق.

وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني قد لعب دورا في تشكيل حكومة السوداني من موقعه كطرف في تحالف إدارة الدولة. وسمح ذلك التحالف في انتزاع امتياز تشكيل الحكومة من يد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إثر الانتخابات النيابية الماضية والتي فاز فيها التيار بعدد كبير من مقاعد البرلمان الاتّحادي.

وتشكّل التحالف بناء على تفاهمات سياسية قضت بأن تحصل القوى المشاركة فيه على مكاسب محدّدة، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني يقول إنّ التفاهمات لم تتطبق.

وأشار شهاب إلى أن رئيس الإقليم سيؤكد في بغداد على تنفيذ بنود الاتفاق السياسي بين أطراف ائتلاف إدارة الدولة والتي كانت هناك وعود بتنفيذها لكنها لم تنفذ. ولفت شهاب إلى أن نيجيرفان بارزاني “يريد أن تكون العلاقة بين أربيل وبغداد قوية وطيبة وودية، وألا تعطلها التصريحات الإعلامية”.

06 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات