المجتمع

الجزء الثامن من
الجزء الثامن من "الكبير أوي" يكتب كلمة النهاية للمسلسل
لم يستطع مسلسل “الكبير أوي” في الجزء الثامن منه أن يأتي على صدارة الأعمال الكوميدية المعروضة في رمضان أسوة بما حققه من نجاحات في أعوام سابقة، كان فيها أشبه بأيقونة كوميدية للكثيرين.

ومع أنّ المسلسل حقق نجاحا ضخما في الجزء السادس، إلا أنه تراجع العام الماضي وأصبح مثار انتقادات عديدة هذا العام، ما أدّى إلى إمكانية أن يسدل الجزء الثامن الستار عليه، بعد أن وقع في فخ التكرار ورتابة الأحداث، وظهرت مشكلات واضحة في الخط العام لشخصياته التي كانت أبرز عوامل نجاحه في السنوات الماضية.

وينتمي المسلسل إلى الكوميديا الهزلية والضحك هدفه الرئيسي، ومع تراجع قدرته على رسم البهجة على وجوه المشاهدين بدأ يفقد بريقه، وحاول صناع العمل إضافة شخصيات جديدة إليه والتوسع في الاستعانة بضيوف الشرف، لكن ذلك لم يكف لتحقيق النجاح، وجاءت النكات مستهلكة ومكررة.

كما أن أحداثه طغت عليها الرتابة ولا تلقى قبولا لدى الجمهور الذي تلقى جرعة كوميدية كبيرة هذا العام، وليس مضطرا لانتظار ما يضحكه في عمل ظهرت عليه علامات الشيخوخة الكوميدية أخيرا، وظهر بطل العمل الفنان أحمد مكي بشخصياته الثلاثة التي يجسدها (الكبير وجوني وحزلقوم) مفتعلا أكثر من اللازم.

ولم يختر صناع العمل بعناية بدء حلقاته الأولى التي تعد مؤشرا على مدى إقناع الجمهور بجودة العمل أم ضعفه، وبدت الحلقات التي ظهرت فيها شخصية “الكبير أوي” بعد أن جرت معاقبته على يد كائن أسطوري يدعى “الشمامة”، وهي شخصية في التراث، طلبت منه مهام مستحيلة موجهة للأطفال وليس لجمهور عام اعتاد متابعته.

وأسهمت الحلقات الأولى في فقدان مبكر لقطاعات انصرفت عن العمل وتركت انطباعَا سلبيًا بأنه خرج عن إطار البيئة الصعيدية (جنوب مصر) ومفارقاتها الكوميدية الساخرة، والتي كانت على رأس عوامل جذب الجمهور للمسلسل سابقا.

كما غابت عن المسلسل هذا العام شخصيات درامية مؤثرة على مستوى البناء القصصي للعمل وقدرتها على الإضحاك، مثل شخصية “فزاع” وجسدها في المواسم السابقة الفنان هشام إسماعيل، وأحد العاملين بمنزل الكبير ويدير أعماله ويشاركه في العديد من أموره، ولعب دورا في ابتكار مواقف كوميدية انطلاقا من العلاقة التي تربطه بالكبير، وغابت شخصية “أشرف” التي يجسدها الفنان حسين أبوالحجاج، وهو أحد الخفراء الذين يعملون في منزل الكبير.

ويتفق البعض من النقاد على أن المسلسل الذي بدأ عرضه من حوالي خمسة عشر عاما على فترات غير متتالية عانى الأعراض التي واجهتها الأعمال ذات الأجزاء المتعددة ويهبط مؤشرها كلما جرى توسيع حلقاتها.

وعاد الفنان أحمد مكي إلى استكمال مسلسل “الكبير أوى” في رمضان قبل الماضي بتقديم الجزء السادس بعد سبع سنوات من التوقف، حيث قدم مكي الجزء الخامس عام 2015، وبعد عودته في الجزء السادس حقق نجاحا كبيرا وأفرز العمل عددا من النجوم الكوميدية الصاعدة، مثل رحمة أحمد وحاتم صلاح ومصطفى غريب.

وعلى الرغم من أن المسلسل لا يعتمد على الأحداث المتتابعة ويتم تقسيم أحداثه وحلقاته، ولكل منها فكرة مركزية، يظهر فيها ضيوف شرف، لكن يبدو أن استمرار الشخصيات دون قدرة على الابتكار الذي يدفع لتطورها كان سببًا في توجيه الانتقادات للعمل، ما يؤشر لحدوث حالة من التشبع الفني لدى الجمهور.

ويشارك في بطولة العمل بجوار أحمد مكي، رحمة أحمد، بيومي فؤاد، مصطفى غريب، محمد سلام، سماء إبراهيم، حاتم صلاح، وغيرهم من الفنانين، وعدد من ضيوف الشرف، ومن إنتاج سينرجي، وإخراج وإشراف على الكتابة أحمد الجندي.

وقال الناقد الفني رامي المتولي إن “الكبير أوي” لم يغب عن مشهد المسلسلات الأكثر متابعة هذا العام، وبقي ضمن الأكثر مشاهدة على منصة “وواتش ات”، لكن المشكلة أنه لم يأت على المستوى الفني المأمول، ورفع سقف توقعات الجمهور مع النجاح الذي حققه على مستوى الأداء الفني والكتابة سابقا، وفي حين امتزج الجزء السابع بين الحلقات الجيدة والمتوسطة والضعيفة، بات الجزء الثامن ضعيفًا فنيًا.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الأزمة الأكبر التي يواجهها العمل هذا العام ترتبط بالسيناريو، فهناك حالة فقر في الأفكار، ولم يكن البناء الذي تعتمد عليه المواقف الكوميدية متماسكًا هذا الموسم، في حين أن العمل استغرق في الموسم الماضي في تقديم محاكاة مصرية لشخصيات عالمية وجاء في إطار سريع، واستغرق النصف الأول من المسلسل العام الجاري في حلقات تدور في فلك موروثات شعبية وإعادة تقديم أفكار المسلسل الإسباني الشهير “لاكازا دي بابل” عبر حلقات سرقة البنك.

وأشار رامي إلى أن حالة الرتابة في حلقات المسلسل الأولى عبّرت عن رغبة صناعة في إطالتها قبل أن يبدأ النصف الثاني الذي قدم كوميديا الموقف مستندا لأفكار غير مبهرة، توقعها الجمهور الذي اعتاد على كوميديا المفاجآت التي يقدمها العمل كل عام، كما أن إدخال تعديلات على فريق العمل بدا فقيرا، وكان من المفترض اختيار شخصيات تمثل إضافة قوية وتعوض غياب أبرز نجومه الفنان هشام اسماعيل.

واجهت الفنانة رحمة أحمد انتقادات في هذا الموسم، لكن ظهورها في دور إحدى الخادمات في مسلسل “أشغال شقة” وقدرتها على لفت الأنظار إليها برهن على أن المشكلة في كتابة دورها في مسلسل “الكبير أوي”، وكان دلالة على وجود مشكلات في السيناريو الذي أشرف عليه هذا العام لأول مرة المخرج أحمد الجندي.

وأكد رامي المتولي لـ”العرب” أن شخصية الفنان مصطفى غريب “العترة” هي الأكثر تماسكًا، وشكلت أحد عناصر الكوميديا في العمل، في حين أن شخصية “حزلقوم” التي حققت شعبية في الأجزاء السابقة وكانت ثرية من جهة قدرتها على الإضحاك لم تكن مكتوبة بشكل جيد هذا الموسم.

واجه المسلسل ظروفًا معاكسة في أثناء إعداده أثرت على جودته، في مقدمتها الخلاف بين الفنان بيومي فؤاد الذي يجسد شخصية “د. ربيع”، وبين الفنان محمد سلام ويجسد شخصية “هجرس” إثر اعتذار الأخير عن المشاركة في إحدى مسرحيات موسم الرياض بعد اندلاع الحرب على غزة، وما أعقب ذلك من هجوم على الفنان بيومي فؤاد واضطرار صناع العمل (الكبير أوي) لإجراء تعديلات في السيناريو كي لا يلتقي بيومي وسلام في مشاهد مشتركة.

وشدد رامي المتولي في حديثه لـ”العرب” على أن التراجع من الممكن أن يقود إلى إنهاء التجربة بعد حلقات الجزء الثامن، مع تصاعد أزمة بيومي فؤاد ومحمد سلام، حيث هناك جزء مهم ضمن أحداث العمل قائم على التواصل بين الشخصيتين.

ورفض المتولي الربط بين تقديم المسلسل في عدد حلقات طويلة وبين انحدار مستواه، لأن الأزمة الجوهرية تتمثل في ضعف التأليف والسيناريو، فهناك أعمال كوميدية حققت نجاحًا هذا العام، أبرزها “أشغال شقة” و”بابا جه” و”كامل العدد” و”لحظة غضب”، وكانت فيها الكتابة عنصرا مهمّا، واستطاع صناعها تقديم ألوان مختلفة من الكوميديا، تنوعت بين الموقف والهزلية و”الفارس” والمفاجآت والمزج بينها أحيانا.

06 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات