عربي ودولي

تعثر رقمنة إجراءات التقاضي يقلق المحامين في تونس
تعثر رقمنة إجراءات التقاضي يقلق المحامين في تونس
 لا يزال تأخير رقمنة إجراءات التقاضي يثير قلقا لدى المحامين والحقوقيين في تونس، بالموازاة مع تصاعد دعوات أهل القطاع إلى ضرورة التسريع بتفعيل الرقمنة كضمانة لتحسين الخدمات القضائية. وتأتي تلك الدعوات بسبب تواصل مشاكل طول فترات التقاضي ونشر القضايا بالمحاكم دون الفصل فيها في آجال معقولة، وهو ما أرهق المتقاضين والقضاة على حد السواء.

وظلت محاولات رقمنة القضاء في تونس مجرد شعارات، تستثمر فيها سياسيا الحكومات المتعاقبة. ودعا حاتم المزيو عميد المحامين في تونس، الأحد، وزارة العدل إلى "الالتزام بتعهداتها وتفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني وتعميمه ورقمنة القطاع وتوفير ضمانات النفاذ إلى العدالة باعتبارها مقوما أساسيا من مقومات التنمية".

وشدد على أن “العدالة الإلكترونية إحدى أكبر ضمانات النفاذ إلى العدالة وعلى أن ذلك يستوجب توفر إرادة سياسية قادرة على تجسيد التعهدات على أرض الواقع والانطلاقة الفعلية في إجراءات التقاضي الإلكتروني ووجوبية تطبيقها”، مذكرا بأن "وزارة العدل استكملت مثل بقية هياكل المهنة الإعداد اللوجستي والفني (منصّة إلكترونية، تكوين، معدات..)".

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية في تونس عن المزيو قوله، على هامش اختتام الملتقى العلمي حول النفاذ إلى العدالة الذي نظمه الفرع الجهوي للمحامين بجندوبة بالشراكة مع فروع تونس والقصرين وسطيف الجزائري بطبرقة، إن العدالة “محرك أساسي من محركات التنمية والاستثمار” وإن “رقمنة إجراءاتها عنوان من عناوين التقدم والتغيير باتت تفرضه مستجدات المرحلة” وإن “الولوج إليها حق للمتقاضين وكافة الأطراف المتدخلة وواجب على الدولة توفيره وتحويله إلى واقع ملموس".

وتناول عدد من الباحثين المختصين في القانون بالتحليل والمقارنة والاستنتاج مبدأ مجانية التقاضي والتكلفة الفعلية للولوج إلى العدالة وإجراءات التقاضي والحق في النفاذ إليها في تونس ومقارنتها مع الجزائر وعدد من بلدان العالم على غرار فرنسا ودول الخليج العربي التي خطت خطوات متقدمة في رقمنـة إجراءات التقاضي.

واعتبر محمود داوود يعقوب الأستاذ بالجامعة التونسية أن الدولة هي المسؤولة عن تأمين مرفق قضائي يسهل الولوج إليه وأن المتقاضين التونسيين اليوم مثقلون بجملة من الإجراءات التي تحول دون قدرتهم على النفاذ إلى التقاضي والتمتع بحقوقهم ومواكبة زمنه، مشيرا إلى أن عدم ضمان النفاذ إلى العدالة له انعكاسات اقتصادية خطيرة على الأمن الاجتماعي لاسيما في ظل تنامي ظاهرة القصاص الشخصي.

ولفت يعقوب إلى أن هناك قوانين بالية تستوجب التغيير كما تستوجب أربعة مشاريع: مجلة الإجراءات الجزائية ومجلة القضاء الإداري ومجلة القانون الدولي الخاص والمجلة الجزائية، التفعيل خاصة وأن القوانين القديمة (وهي قوانين ورقية) لم تعد قادرة على مواكبة مستجدات العصر سواء تعلق الأمر بالرقمنة أو توزيع العمل القضائي على كامل الجمهورية أو التخصّص القضائي وطرق التبليغ الإلكترونية.

واعتبر داوود أن شيطنة القضاء والضغط عليه والتشهير به من قبل السلطة التنفيذية وكذلك المعارضة وعموم المواطنين منذ 2011 وإلى حد اليوم أفقدت الثقة في القضاء وشجعت المواطن على القصاص الذاتي وهو أمر بات في نظر داوود مقلقا ويستوجب الحوار الواسع والشامل لوضع حدّ لمخاطر هذا التوجه.

وترى أوساط حقوقية أن تفعيل إجراءات الرقمنة في عمليات التقاضي الإلكتروني، مرتهن بتوفر الإرادة السياسية في الإصلاح والتغيير، ذلك أن رقمنة المحاكم تعتبر أبرز ركائز تطوير العمل القضائي، وهو ما يجعل العدالة الإلكترونية ضرورة حتمية لمتابعة مسار ومآل القضايا.

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي باسل الترجمان بأن "مطالب الرقمنة لا تقتصر على الإجراءات الإدارية في وزارة العدل، بل كل الإجراءات في مختلف الإدارات والقطاعات، ذلك أن طرق العمل التقليدية تجعل الإدارة عقيمة خصوصا من خلال الكم الهائل من الوثائق في إجراءات التقاضي".

وأكد في تصريح لـ"العرب" أن "الدولة تحاول أن تتخلص من ذلك العبء، وهذا ما يتطلب إنهاء منظومة العمل الفرنسية على الإدارة التونسية، وهي منظومة تقليدية متوارثة ولم تغير من أساليبها إلى حد الآن".

وأشار الترجمان إلى أن "رقمنة الإجراءات القضائية أصبحت أمرا ضروريا، والمواطن يتطلع إلى التخلص من ذلك العبء الذي يثقل كاهله، كما أن الأمر يحتاج إلى آليات تنفيذ معينة، مع توفر الشجاعة الكافية".

28 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات