عربي ودولي

ارتباك تونسي في التعامل مع تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة
ارتباك تونسي في التعامل مع تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة
 طرح إجلاء المئات من المهاجرين من مخيمات أقيمت أمام مقرات وكالات الأمم المتحدة في العاصمة تونس (منطقة البحيرة)، وقبلها بأيام قليلة إخلاء عمارة يقطنها أفارقة في مدينة صفاقس (جنوب شرق)، تساؤلات حول هذه الخطوة التي لا تعني سوى نقل المهاجرين من مكان إلى آخر داخل تونس، ما يظهر ارتباكا واضحا في التعاطي التونسي مع الملف.

واعتبر مراقبون سياسيون أن عمليات الترحيل الداخلي للمهاجرين الذين تزايد عددهم من مناطق سكنية في العاصمة نحو الحدود الجزائرية، وإن كان حلاّ جزئيا للتعاطي مع ظاهرة الهجرة التي أصبحت تقلق التونسيين أكثر من أيّ وقت مضى، فإنه إجراء منقوص ولا يعالج أسباب الظاهرة في عمقها.

ويعتبر المراقبون أن الغموض ما زال يكتنف الموقف الرسمي في تونس، التي وجدت نفسها بين ضغط محلي يطالب بإيجاد حلول جذرية للحد من توافد أفارقة جنوب الصحراء على مناطق البلاد، وضغوط من أوروبا التي لا تريد وصول المهاجرين نحو سواحلها، واستمرار تدفق المهاجرين من الحدود الجزائرية والليبية.

وأفاد المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني أن “القرار كان يجب أن يتخذ منذ مدة، وكان من الأفضل أن تنظر مفوضية شؤون اللاجئين في أمرهم، لأن المشهد في تونس أصبح غير لائق بيئيا وجماليا”.

وأكد في تصريح لـ”العرب” أنه “آن الأوان حتى تنظر المفوضية في وضعية المهاجرين، لأن نقلهم من مكان إلى آخر لا يمحو وجودهم في تونس، ونقلهم من منطقة البحيرة (قرب العاصمة تونس)، جاء بسبب شكاوى أصحاب المحال والسكان من تواجد المهاجرين، لكن الحل الأمثل، أن تونس لا يمكنها معالجة الأزمة بمفردها بل يجب أن يتم النظر فيها في نطاق إقليمي”.

وتابع الشيباني “وجب البحث عن حلول جذرية، وهناك أسئلة يجب الإجابة عليها، وأولها لماذا يتركز وجود المهاجرين في مدينة صفاقس (شرق)، وبعد 2011 يبدو أن هناك نية لإغراق تونس في الأزمات”.

ولفت الخبير الأمني إلى أن “ظاهرة توافد المهاجرين تزايدت، وهم ضحايا لشبكات الاتجار بالبشر، كما أن الإشكال أمني واجتماعي واقتصادي، والحلول يجب أن تكون بين دول الانطلاق وبلدان العبور ثم الوصول، لأن الظاهرة معقدة وتونس بصدد التعامل معها في حدود إمكانياتها”.

وقالت منظمة غير حكومية تونسية إن السلطات قامت الجمعة بإجلاء المئات من المهاجرين المنحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء بالقوة من مخيمات أقاموها أمام مقر منظمات الأمم المتحدة في العاصمة، ومن ثم “تم ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية”.

وأفاد المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية “تم إجلاء ما لا يقل عن 300 مهاجر، بينهم لاجئون وطالبو لجوء، بالإضافة إلى نساء وأطفال، بالقوة خلال اليومين الماضيين”.

وتظاهر المئات السبت في ولاية صفاقس في وسط تونس للمطالبة بالإجلاء “السريع” لآلاف المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء الموجودين في المنطقة، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.

وسار المتظاهرون وسط مدينة العامرة على بعد حوالي 40 كلم شمال مركز الولاية.

واعتبر النائب البرلماني طارق مهدي أن “الوضع في العامرة غير مقبول. وعلى السلطات إيجاد حل”، مستنكرا وجود عدد كبير من المهاجرين من دول جنوب الصحراء في المدينة الصغيرة.

وقال المحلل السياسي المنذر ثابت إن “الإجراء ليس استثنائيا ولا يخص تونس فقط، ويفترض أن تكون معاملة المهاجرين إنسانية (صحيا ونفسيا)، وهذا يخص كل البلدان، لأن مشكلة الهجرة عالميا أسقطت الاعتبار الحقوقي”.

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “إيطاليا اتجهت نحو القيام بإجراءات حمائية مشددة، وهناك غموض بشأن الموقف الرسمي التونسي، غير أن السلطات رفضت أن تكون تونس نقطة عبور أو توطين للمهاجرين”، لافتا إلى أن “وضعهم في مناطق خارج العاصمة هو إجراء لا يحل المشكلة، وعلى السلطة أن تجيب بصراحة حول ما إذا كانت تفكر في إقامة منصة لهم أم أنها تنوي ترحيلهم نحو بلدانهم الأصلية”.

وأكد ثابت “لا نعلم في أيّ اتجاه يتم التعاطي مع هذا الملف الحارق الذي تتداخل فيه الرهانات الأمنية والسياسية، ويفترض أن يكون الموقف الرسمي أكثر وضوحا، حتى يكون الرأي العام متحفزا لمعرفة حقيقة الوضع”.

05 مايو 2024

هاشتاغ

التعليقات