عربي ودولي

التطبيع المتدرج خيار السعودية لتوثيق التعاون مع إسرائيل دون استفزاز إيران
التطبيع المتدرج خيار السعودية لتوثيق التعاون مع إسرائيل دون استفزاز إيران
أثرت حرب غزة على مسار تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، حيث كانت فرص تحققه كبيرة قبل السابع من أكتوبر الماضي، لكن محللين يرجحون انتهاج الرياض سياسة التطبيع المتدرج، وهو ما سيمكنها من توثيق التعاون مع الإسرائيليين دون استفزاز إيران.

ويتوقع المحللون انخراط السعوديين في اتفاق دفاعي غير رسمي مع واشنطن وتل أبيب، وفي الوقت نفسه الحفاظ على هدوء العلاقات مع إيران.

وللتوصل إلى تطبيع معلن ورسمي تشترط السعودية إقامة دولة فلسطينية، وهو ما يبدو صعبا على المدى القريب لاسيما مع غياب أفق لإنهاء الحرب في غزة وبدء مسار لحل الدولتين.

إذا أعاد الإيرانيون شن الهجمات بالوكالة، فستكون السعودية قد عززت دفاعاتها من خلال اتفاقها الأمني مع واشنطن

وأعادت تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال زيارته إلى السعودية الأسبوع الماضي للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي، التطبيع السعودي – الإسرائيلي إلى الواجهة.

وقال في لقاء خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي “أعتقد أن عمل السعودية والولايات المتحدة معا فيما يتعلق باتفاقياتنا قد يكون قريبا جدا من الاكتمال”. وأكد أن المضي قدما في التطبيع سيتطلب تهدئة في غزة ومسارا موثوقا به لإقامة دولة فلسطينية.

وكافحت السعودية في السنوات القليلة الماضية للدفاع عن نفسها ضد هجمات إيران ووكلائها، وهو ما دفعها إلى مطالبة الولايات المتحدة بأنظمة أسلحة أكثر تقدما. وأكدت على كون هذا شرطا لأي اتفاق تطبيع محتمل مع إسرائيل.

ويرجح تقرير لستراتفور أن تكون السعودية قد تحمست لفكرة الدخول في تحالف غير رسمي مع إسرائيل والولايات المتحدة بعد مشاهدة التحالف الذي جمع الولايات المتحدة وفرنسا والأردن والمملكة المتحدة للدفاع عن إسرائيل ضد هجوم إيران في 13 أبريل الماضي من خلال إسقاط عدد كبير من الطائرات المسيرة والصواريخ.

وأغلب الظن أن السعوديين يرغبون في أن يصبحوا جزءا من تحالف مماثل يساعدهم على الدفاع عن أراضيهم إذا شنّت إيران ووكلاؤها هجوما ضدها.

ويرى المحللون أن السعوديين سيحاولون تجنب الانضمام ظاهريا إلى تحالف رسمي يمكن اعتباره هجوميا، بما قد يتسبب في إثارة غضب الإيرانيين بينما يعمل البلدان على إصلاح علاقاتهما لتعزيز الاستقرار الإقليمي.

ويحاول السعوديون منذ بدء الحرب في غزة قبل نصف سنة عزل أنفسهم عن التهديدات الأمنية -خاصة من إيران ووكلائها- التي قد تعرقل جهودهم لتحقيق أهداف رؤية 2030 المعتمدة على الأمن المحلي والإقليمي.

وعبْر اتباع هذا النهج التدريجي تأمل السعودية في مواصلة التعاون مع طهران قدر المستطاع  في القضايا الإقليمية والثنائية وتجنب دفع الإيرانيين إلى إعادة شن هجماتهم بالوكالة من العراق واليمن ضد مصالحها.

ولكن إذا أعاد الإيرانيون شن الهجمات بالوكالة، فسيكون السعوديون قد عززوا دفاعاتهم الجوية من خلال اتفاقهم الأمني مع الولايات المتحدة. وبحسب تقرير ستراتفور فإن التطبيع المتدرج ستكون له فوائد مهمة عبْر تعزيز التجارة الثنائية.

وسيعكس الممر الاقتصادي المخطط له بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا التكامل الاقتصادي المحتمل بين السعودية وإسرائيل، وهو ممر عبور مخطط له من السفن إلى السكك الحديد، ما من شأنه أن يربط آسيا ودول الخليج وإسرائيل وأوروبا، وبالتالي ربط السعودية بإسرائيل ودول أخرى لتعزيز التنمية الاقتصادية والتنويع للمملكة.

السعوديون سيحاولون تجنب الانضمام ظاهريا إلى تحالف رسمي يمكن اعتباره هجوميا، بما قد يتسبب في إثارة غضب الإيرانيين

 ولا يعد التطبيع شرطا للمشروع، إلا أن تحسين العلاقات سيسهل هذه الخطة التي مازالت تواجه العديد من العقبات، بما في ذلك المشاعر المعادية لإسرائيل بشكل عام داخل العالم العربي.

وجاء الإعلان عن المشروع في سبتمبر 2023 مع توقيع ثمانية مؤسسين على مذكرة تفاهم. وكان التقدم محدودا منذ ذلك الحين. ويرجع ذلك جزئيا إلى غياب الاستقرار الإقليمي المرتبط بالحرب بين حماس وإسرائيل.

وعلى الرغم من احتمال إقامة علاقات أوثق مع إسرائيل، وتعاون دفاعي أقوى مع الولايات المتحدة، وعلاقات ثابتة مع إيران، من المرجح أن تستمر السعودية في مواجهة العديد من التهديدات الأمنية الإقليمية في توازنها الجيوسياسي خلال السنوات القليلة المقبلة.

ومن المتوقع أن تستمر أنماط العداوات المتكررة بالمنطقة والصراعات المستمرة منذ عقود في تشكيل تهديد مستمر لتطلّع السعوديين إلى تحقيق خطة رؤية 2030، ومنطقة مستقرة ومتكاملة، وتنويع اقتصادي. كما من المرجح أن يستمر الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في السنوات المقبلة، حتى لو وافقت الحكومة الإسرائيلية المستقبلية على مسار لا رجعة فيه لتحقيق حل الدولتين.

06 مايو 2024

هاشتاغ

التعليقات