المجتمع

لوحة القيادة تكشف ثغرات الخصوصية في السيارات المتصلة
لوحة القيادة تكشف ثغرات الخصوصية في السيارات المتصلة
غيرت المركبات المزودة بإمكانية الاتصال بالإنترنت مشهد القيادة بشكل كبير من خلال دمج ميزات قيمة مثل التطبيقات داخل السيارة ونقاط اتصال واي فاي والوظائف عن بعد ونظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.أس).

ومع ذلك، تشكل هذه المركبات أيضا مخاطر كبيرة على الخصوصية من خلال جمع بيانات هائلة عن سلوكيات السائقين، كما توفر فرصا لقرصنة المعلومات.

ويستخدم صانعو السيارات هذه البيانات ويشاركونها أو يبيعونها لأطراف ثالثة، بما في ذلك شركات التأمين التي تستخدمها لأسباب مختلفة، بما في ذلك اتخاذ قرارات بشأن أقساط التأمين على السائقين والتجديدات.

وعادة ما يحتاج جمع البيانات واستخدامها إلى أن يكون أكثر شفافية وتنظيما متسقا عبر الكثير من المناطق حول العالم لضمان عدم ترسب المعلومات الخاصة بالمستخدمين في سياراتهم الحديثة إلى أطراف ثالثة.

وعلى سبيل المثال، في حين أن بعض الولايات الأميركية قد سنت قوانين تسمح للمستهلكين باختيار عدم بيع معلوماتهم الشخصية، فإن وسائل الحماية هذه تختلف على نطاق واسع ولا تشمل عادة بيانات السيارة المتصلة، مما يترك العديد من فجوات الخصوصية.

واكتشف العديد من السائقين أن هذه الأنواع من تقارير عادات القيادة قد تمت مشاركتها مع شركات التأمين الخاصة بهم، الأمر الذي تسبب في زيادة أسعار التأمين، وفي بعض الحالات، إلغاء التأمين.

وغالبا ما يتم تبرير تبادل بيانات السائق مع شركات التأمين من خلال الفوائد المحتملة لنماذج التأمين على أساس الاستخدام، والتي تقترح أن عادات القيادة الأكثر أمانا، حيث تتم مراقبتها مباشرة من السيارة.

ورغم أن احتضان عصر السيارات المتصلة يجلب فوائد غير مسبوقة، ولكن مع تسارع صناعة السيارات من بوابة دمج التكنولوجيا في كل أجزاء المركبة تتزايد أيضا مخاطر الأمن السيبراني والخصوصية.

ويعتقد كارستن رود غريغرسن أحد مؤسسي شركة نابتو المتخصصة في تكنولوجيا الاتصالات وإنترنت الأشياء، ومقرها آرهوس الدنماركية، أن هناك حاجة ملحة إلى تحصين دفاعات المركبات في مواجهة التهديدات المتطورة.

ووفقا لتحليل الفرص العالمية وتوقعات الصناعة حتى العام 2023 والذي أوردته منصة سبيس وورك، ينمو سوق السيارات المتصلة بنسبة 20 في المئة سنويا، مما يوفر أشياء مثل تحديثات حركة المرور في الوقت الفعلي، ومعلومات الطقس، وتدفق الموسيقى مباشرة إلى السائقين.

ولكن اتصال السيارة لا يقتصر فقط على الترفيه والراحة، حيث يمكن أن يساعد جمع البيانات الضخمة من المركبات في تحسين السلامة على الطرق وتقليل الحوادث. وفي الوقت نفسه، وبفضل نظام جي.بي.أس المدمج، تتصدر شركة تسلا قائمة السيارات الأقل سرقة في الولايات المتحدة مثلا.

ومع ذلك، هناك جانب مظلم لهذا التطور، إذ تحتوي بعض المركبات شبه المستقلة على تسع كاميروات لرؤية العالم من حولها. ويقول غريغرسن إنه إذا تُركت الكاميرات التسع غير آمنة، فإنها توفر تسعة أهداف قرصنة، مما قد يعرض خصوصية السائق وأمانه للخطر.

وأظهر الناشطون في مجال القرصنة أن هذا ممكن من خلال استهداف أنظمة التحكم عن بعد، وواجهات برمجة تطبيقات السيارات، والبنية التحتية.

ونجحت مجموعة من القراصنة خلال العام الماضي، في اختراق سيارة كيا والوصول عن بعد إلى الكاميرا ذات الرؤية 360 درجة، وعرض الصور الحية من السيارة.

وعلاوة على ذلك، تظل العديد من التساؤلات عالقة حول كيفية تعامل الشركات مع الصور داخل السيارة بعد أن أبلغ موظفو تسلا عن فتح نافذة جديدة لمشاركة التسجيلات الخاصة في غرف الدردشة. وتمثل السيارة المتصلة تطورا إيجابيا ساحقا في مجال النقل والراحة وإنترنت الأشياء. ومع ذلك، يجب إغلاق بعض الثغرات الأمنية السيبرانية وبسرعة.

وثمة سبب وجيه وراء تبني المصنعين والسائقين على حد سواء لهذا التحول. ومن الملاحة إلى نظام المعلومات والترفيه وتكنولوجيا المعلومات، فإن تحويل السيارة إلى جهاز متصل يجلب العديد من الفوائد.

وبالنسبة للسائقين، يمكنهم بسهولة اتباع أسرع الطرق وتجنب المخاطر وتوقع التأخير. وربما تتعلق إحدى أكبر الفوائد بأمن المركبات. وخير مثال على ذلك هو تسلا و”وضع الحراسة” الخاص بها.

ويمكن للسيارة اكتشاف التهديدات واستخدام الكاميرات الخارجية لمراقبة وتسجيل المناطق المحيطة بها، وبالنسبة للتهديدات الخطيرة، مثل قيام شخص ما بكسر نافذة السيارة، فإنه يقوم بتنشيط المنبه وتشغيل الموسيقى.

وبالإضافة إلى ذلك، في حالة حدوث عملية سرقة، يمكن للسائقين إظهار الموقع الدقيق للسيارة للشرطة باستخدام تطبيق تسلا، والذي يعتبره الخبراء مفيد جدا بالفعل.

ويقول غريغرسن إن شركات تصنيع السيارات بإمكانها تقديم المساعدة في حالات الطوارئ وتشخيص المركبات وتحديثات البرامج عبر الهواء بشكل أفضل.

وفي صناعة ذات هوامش أقل من السابق، توفر السيارات المتصلة إمكانية خدمات الاشتراك. وعلى سبيل المثال، أعلنت شركة فورد في سبتمبر الماضي، أن السائقين يمكنهم الوصول إلى تكنولوجيا القيادة دون استخدام اليدين مقابل 75 دولارا شهريا.

وبما أن هذه الخدمات يمكن أن تبدأ وتتوقف عند نقرة زر واحدة، تقترح الشركة الأميركية أن يقوم السائقون بالاشتراك في رحلة برية وإعادة تنشيط الخدمة حسب الحاجة.

وعلاوة على كل ذلك، ثمة مجموعة رئيسية أخرى تدفع هذا التحول إلى الأمام وهم مخططو الطرق.

وقد تصبح هذه الثروة من المعلومات موردًا قيمًا لحركة المرور، حيث تولد السيارات المتصلة أكثر من 25 غيغابايت من البيانات في الساعة، بما في ذلك متغيرات مثل السرعة والتسارع والكبح والمزيد.

ومن الأمثلة على ذلك الجهد التعاوني الكبير بين جامعة بوردو الفرنسية ووزارة النقل في ولاية إنديانا الأميركية فيما يتعلق بالحوادث والوفيات بالقرب من مناطق العمل.

وكشف تحليل شامل أن هذه الحوادث تُعزى جزئيا إلى قيام السائقين بالفرملة فجأة عند مواجهة طابور من المركبات في انتظار المرور عبر منطقة العمل.

ومن خلال الاستفادة من هذه البيانات، نفذت ولاية إنديانا تنبيهات في الوقت الفعلي للسائقين الذين يقتربون من مناطق العمل، مما مكنهم من توقع انخفاض السرعة.

ووفقا لجامعة بوردو، فقد أدى ذلك إلى انخفاض بنسبة 50 في المئة في حوادث الكبح الشديد والحوادث اللاحقة، وهو ما أظهر الفوائد الملموسة لاستخدام هذه الرؤى المستندة إلى البيانات.

08 مايو 2024

هاشتاغ

التعليقات