تقارير

تفاصيل فساد حكومي بـ
تفاصيل فساد حكومي بـ"20" مليون دولار شهريا لكهرباء عدن
المصدر :المركز العربي للأنباء| متابعات

أكثر من خمس سنوات مرت على تحرير العاصمة الجنوبية عدن من مليشيات الحوثي، استبشر الناس خيراً، واعتقد الجنوبيون أن انتصاراتهم العسكرية ستجلب لهم الخير الوفير، وسيجدون حياة كريمة، وسينعمون برغد العيش، خصوصاً بعد رحيل من كانوا يصفونهم بـ"قوات الاحتلال"، ولكنهم وجدوا بأن شيئاً من ذلك لم يحدث، وأنهم وجدوا أزمات متعاقبة جاثمة على صدورهم، فكلما تداركوا أزمة قابلتهم الأخرى، حتى بات المواطن يقضي حياته في طوابير الغاز والروتي والراتب، وأسمى أمانيه توفر الكهرباء والماء والمواد الضرورية للحياة.

والغريب أن انقطاعات الكهرباء وصلت هذه الأيام إلى (16) ساعة في اليوم الواحد!

 

انهيار جديد في كهرباء عدن

وضربت مؤسسة كهرباء عدن موعدًا لانهيار جديد في المنظومة بسبب نفاد الوقود المشغل للمحطات والمولدات.

وقال متحدث وزارة الكهرباء محمد المسبحي، عبر صفحته في فيسبوك: "وقود الديزل والمازوت لمحطات توليد الكهرباء بالعاصمة عدن سينفد مساء اليوم (أمس الأول الثلاثاء)، وخروج الشبكة عن الخدمة، بسبب نفاد الوقود، وارد بأي لحظة".

وأضاف: "دق ناقوس الخطر، وأتمنى أن تصل رسالتي للجهات العليا حتى يتم تفادي الكارثة الوشيكة جراء نفاد الوقود وتفادي خروج محطات التوليد والشبكة بشكل كامل وتفاقم الانطفاءات الكهربائية في المدينة".

وأوضح المسبحي أن "استيراد وقود محطات الكهرباء ليس من اختصاص الكهرباء، ومن يقوم باستيراد وتوفير الوقود وزارة النفط ممثلة بشركة النفط والمالية، وشركة مصافي عدن تقوم بخزنه وتوريده إلى الكهرباء".

وتابع: "وهذا ما يعني أن ثلاث جهات ذات العلاقة بوقود الكهرباء، فلا داعي للاتهام الذي يسيء لمنتسبي الكهرباء عامة ويخلق حالة من العداوة بين المواطن وعمال الكهرباء لاعتقاد المواطن أن هناك لوبيا يتعمد سرقة الوقود ويتسبب بزيادة الانقطاع الكهربائي في عدن".

وما تزال الكهرباء تمثل أكبر هاجس يؤرق المواطنين في المدينة، منذ سنوات طويلة، بالرغم من تعاقب الحكومات اليمنية وتبدل محافظي عدن وتعهد دول التحالف العربي ودعم الدول المانحة، كل ذلك لم يشفع لمواطني عدن من استمرار عقابهم وإذلالهم بخدمة الكهرباء التي لا زالت إحدى أدوات لعبة سياسية مقيتة، تعبث بخيوطها أدوات وجماعات محلية تدار من دول إقليمية ودولية.

وعلى شهور فصل الصيف بعدن كانت الكهرباء عند استقرارها نسبيا تنقطع لمدة ثلاث ساعات ونصف للجرعة الواحدة، بواقع أربع جرعات يوميا؛ أي ما يعادل 15 ساعة انطفاء تقريبا باليوم، لكنها استقرت مؤخرا قبل أسبوعين بأربع ساعات انطفاء للجرعة، وتحديدا مع عودة محافظ عدن الجديد أحمد لملس، والذي يتفاءل المواطنون بعدن به، وبإخراج المدينة من مستنقع الأزمات.

وقال مواطنون لـ"الأمناء": "نتفاءل بدور المحافظ لملس في إنهاء معاناتنا من انقطاعات الكهرباء المتكررة".

 

إهمال وتضارب مصالح

واتهم الكثير من المواطنين والسياسيين في العاصمة الجنوبية عدن وزارة الكهرباء بالفساد والإهمال وعدم المبالاة بمعاناة المواطنين، وخصوصاً المرضى والأطفال وكبار السن، حيث يغيب التيار لأي سبب، فلا يجد من يهتم أو يسارع في إصلاحه، ويبقى أسابيع وربما أشهر، وحين يتم إبلاغ إدارة الكهرباء لا يتحرك العاملون إلا بمقابل مادي لأعمالهم، أما في الأحياء الفقيرة فقد يبقى التيار مقطوعاً لأشهر، وهذا ما يجعل المواطنين يبحثون عن بدائل والتي أسهلها الربط العشوائي من إنارات الشوارع، وهذا ما أكده المحلل السياسي وليد الصالحي بالقول: "تظل معضلة الكهرباء من أبرز الإشكاليات التي يعاني منها المواطن بدرجة أساسية، نتيجة عبثية الإدارة القائمة على كهرباء عدن، وعدم الاستفادة من الدعم المقدم من قبل الأشقاء في مركز الملك سلمان أو من المشاريع أبرزها المشروع السعودي لتنمية وإعمار اليمن".

وأضاف: "هناك عدم وعي بأهمية تجنيب خدمة الكهرباء أي عبث أو فساد، خصوصاً وأن هناك مناطق داخل عدن تنقطع عنها الكهرباء لأكثر من ثلاثة أشهر متواصلة، وتوجد في هذه المناطق مجمعات صحية".

وأكد أن "عدم الاستفادة هو ما يكرس الفساد بدرجة أساسية"، مشيرًا إلى أنه "يجب أن يتم تحييد المرافق الخدمية من أي صراع سياسي بين الأطراف".

 

فساد المنحة السعودية

ولم تستفد الحكومة الشرعية من منحة المشتقات النفطية التي كانت تقدمها المملكة العربية السعودية لكهرباء اليمن شهرياً منذ أواخر أكتوبر الماضي، بهدف مساندة حكومة هادي لحشد الموارد، وحماية العملة الوطنية من التدهور، حيث كان استمرار المنحة مشروطاً على أن تُحصل المؤسسة العامة للكهرباء رسوم الكهرباء من المواطنين والمؤسسات الحكومية والخاصة، وترفع تعرفة الكهرباء لتعزيز موارد الدولة، وهو الشرط الذي أخلت به الحكومة، خلال الأشهر الماضية، ما تسبب بتعثر المنحة، إلا أن الآمال تتعلق بمحافظ العاصمة الجنوبية عدن الجديد أحمد حامد لملس في إيلاء هذا الملف اهتماما أكبر.

وكانت مصادر مُقربة من رئيس الوزراء معين عبد الملك قد قالت قبل أشهر أن معين بذل جهودًا لإقناع الجانب السعودي بمواصلة تقديم منحة الوقود للكهرباء، إلا أن الجانب السعودي طالب الحكومة اليمنية بإصلاحات مالية وإدارية في قطاع الكهرباء كشرط لاستئناف منحة تمويل محطات الكهرباء اليمنية بالوقود، إلا أن اللجنة الرقابية لمنحة الوقود السعودية تبين لها أن الاستهلاك الفعلي لمحطات الكهرباء من وقود "الديزل والمازوت" وبتشغيل القدرات التوليدية الكاملة لا تحتاج الكميات التي طلبتها الحكومة، ولا تتجاوز قيمة احتياجات محطات الكهرباء الحكومية والتجارية الفعلية إلى (40) مليون دولار.

وكشفت تلك المصادر آنذاك أن "عناصر تتبع متنفذين بدولة هادي كانت تُصرِّف كميات كبيرة من مادتي الديزل والمازوت من المنحة السعودية، في مجاري الصرف الصحي، حتى لا تكتشف اللجنة المراقبة الكميات الحقيقية الفعلية التي تستهلكها محطات توليد الكهرباء، لكن اللجنة تمكنت من معرفة حجم الاستهلاك الفعلي من الوقود لمحطات الكهرباء".

في مقابل ذلك، تقول حكومة هادي إنها تنفق (60) مليون دولار شهرياً لشراء وقود لمحطات الكهرباء، وتنفق (720) مليون دولار سنوياً على وقود محطات الكهرباء، أي بفارق (20) مليون دولار شهرياً، لقيمة الوقود الحقيقية.

وأشارت المصادر إلى أن "وزارة الكهرباء لم تستفد من المنحة ولَم تنفذ أياً من الشروط التي تم الاتفاق عليها مسبقاً".

بدورهم، يؤكد اقتصاديون  أن "ملف الكهرباء أكثر الملفات فسادًا في حكومة هادي، وتعاني مدينة عدن من تعثر قطاع الكهرباء العام الذي يفقد سنوياً جزءاً من قدرته التوليدية في ظل إهمال متعمد مع توسع إقبال الحكومة على الطاقة المشتراة، التي تكلف خزينة الدولة مبالغ باهظة".

 

10 سبتمبر 2020

هاشتاغ

التعليقات