عربي ودولي

ترامب ترك معاهدة
ترامب ترك معاهدة "الأجواء المفتوحة" فماذا عن بايدن
في عالم تكثر فيه التحديات وتعصف به الأزمات، والتي زادت من حدتها الأزمة الوبائية العالمية، يبدو أن التحرك الأحادي الأخير من جانب إدارة دونالد ترامب والمتعلق بالانسحاب من معاهدة دولية رئيسية لضبط التسلح، أضاف المزيد من عدم اليقين إلى سياسات الولايات المتحدة الخارجية، والتي يرجح محللون ألا تستمر مع ساكن البيت الأبيض الجديد.

 يتفق الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة على أن العدوّين الأوليان لبلدهما هما روسيا والصين، فهما لا يترددان في وصف هذين البلدين بأنهما أهم منافسي واشنطن وحلفائها وأكبر مهدد للسلم العالمي.

وحددت إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في إستراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة لعام 2017 موسكو وبكين باعتبارهما منافسين أيديولوجيين “يصممان على جعل العالم أقل حرية وأقل عدالة مع تطوير جيوشهما، فضلا عن السيطرة على المعلومات والبيانات لقمع مجتمعاتهما وتوسيع نفوذهما”.

ومع ذلك، اتخذ ترامب خطوة تبدو عكس تلك السياسة، فقد أعلنت إدارته الأحد الماضي، وعلى لسان مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة “الأجواء المفتوحة”، لتبتعد بذلك أكثر عن التزامها بالحفاظ على السلام والأمن العالميين باعتبارها القوة العظمى الأهم في العالم.

وهذا القرار جاء بعد ستة أشهر من إخطار الإدارة الأميركية الأمم المتحدة بشأن الخروج من هذه المعاهدة المهمة بعد أن تبادلت الاتهامات مع الكرملين بعدم الالتزام بالاتفاقية، في الوقت الذي أشار فيه الخبراء إلى أن هذه الخطوة قد تقوض التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها في حلف الناتو.

وتسمح المعاهدة، التي تم توقيعها في عام 1992 ودخلت حيز التنفيذ في عام 2002، للأطراف الموقعة بتنفيذ طلعات جوية استطلاعية غير مسلحة فوق أراضي بعضها البعض لجمع البيانات حول الأنشطة العسكرية من أجل تدعيم التفاهم المتبادل وتعزيز الثقة ودفع الانفتاح والشفافية في المجال العسكري خلال حقبة ما بعد الحرب الباردة.

وحتى العام الماضي، تم إجراء أكثر من 1500 طلعة جوية بأمان بموجب تلك المعاهدة، أما الآن وبعد أن أدارت واشنطن ظهرها للمعاهدة، يمكن تصور أن تكون الاتفاقية المتضررة أقل فاعلية في التخفيف من مخاطر سوء التقدير الإستراتيجي وترويض المواجهة الجيوسياسية.


ورغم أن التأثيرات المنجرة عن الانسحاب لن تكون حينية في كل الأحوال، إلا أن مجرد اتخاذها يربك العمل الجماعي للقوى الكبرى، التي تسعى بكل الطرق إلى تجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة قد تجعل العالم يدخل في حرب عالمية ثالثة.

ويرى كل من جو غوولد وفاليري إنسينا وهارون ميتها في تحليل نشره موقع “ديفنس نيوز” أنه نظرا إلى أن الأمر قد يستغرق شهورا حتى تنسحب القوات الجوية الأميركية عبر الإجراءات القانونية والبيروقراطية اللازمة لإخراج طائرات بوينغ أو.سي – 135 بي، التي تعمل انطلاقا من قاعدة أوفت الجوية لتنفيذ مهماتها وفق المعاهدة، يبدو أن إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن لديها الكثير لعكس المسار.

وكشف مسؤول بالقوات الجوية لـ”ديفنس نيوز” الثلاثاء الماضي، أنه لم يتم اتخاذ القرار النهائي بشأن التصرف في موارد معاهدة الأجواء المفتوحة. وأكد أن سرب الاستطلاع الخامس والأربعين في قاعدة أوفت لا يزال يقوم بمهماته، بينما يواصل سلاح الجو تقييم الخيارات لإعادة تنظيم أو تغيير الغرض وفقا لتوجيهات وزارة الدفاع.

ورغم أن التقارير تفيد بأن إدارة ترامب ربما تسعى جاهدة للتخلص من طائرات أو.سي – 135 بي، إلا أن مصدرا في الكونغرس أشار إلى أن القوات الجوية تخطط للاحتفاظ بالطائرات حتى نهاية 2021، ولم يتخذ قادة الخدمة قرارا حازما بشأن ما يجب القيام به.

وانتقد الديمقراطيون ترامب بسبب نمط أوسع للتخلي عن اتفاقيات الحد من التسلح، بينما يشكك البعض في شرعية الانسحاب من معاهدة الأجواء المفتوحة مستشهدين بالصيغة الواردة في قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2020 الذي أعاد تأكيد دعم الكونغرس للمعاهدة وفرض على الإدارة تبرير الانسحاب قبل أربعة أشهر من إمكانية حدوث أي إخطار رسمي بالانسحاب.

وتم إطلاق عمليات التحليق الأميركية قبل عقود لتعزيز الثقة بين القوى العظمى وتجنب الصراع، ولكن بايدن انتقد بشدة فكرة الانسحاب من المعاهدة قائلا إنه “سيؤدي إلى تفاقم التوترات المتزايدة بين الغرب وروسيا وسيزيد من مخاطر سوء التقدير والصراع”.

وتقول ألكسندرا بيل، كبيرة مديري السياسات في مجلس “عالم صالح للعيش”، “بالنظر إلى الديناميكيات الحزبية في مجلس الشيوخ، فمن غير الواضح أن الغرفة العليا يمكن أن تحصل على أغلبية الثلثين المطلوبة لإعادة التصديق على المعاهدة. ومع ذلك، قد يكون بايدن قادرا على إعادة الدخول في المعاهدة بطريقة لا تتطلب مشورة رسمية وموافقة مجلس الشيوخ”.

ويتمثل أحد المسارات في أن يقوم بايدن بصياغة اتفاقية تنفيذية تتطلب موافقة الأغلبية البسيطة في كلا المجلسين، وبالتالي يجب أن تكون أطراف المعاهدة في المجلس، كما سيحتاج الكونغرس كذلك إلى الموافقة على الأموال لاستمرار مشاركة الولايات المتحدة.

وتعتقد بيل أن احتمال قيام ترامب بإغراق الطائرات “قد يعقد الخيارات الدبلوماسية، لكن إدارة بايدن القادمة من المرجح أن تتخذ خيارات بشأن مستقبل المعاهدة بناء على اعتبارات الأمن القومي وليس سلوك فريق ترامب”.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع أشار النائب دون بيكون، وهو عميد متقاعد بالقوات الجوية وكان قائد الجناح 55 في قاعدة أوفت، إلى أنه يمكن استخدام أو.سي – 135 أس لجمع الصور غير السرية أثناء مهام الاستجابة للكوارث وغيرها.

وقال “آمل أن يتم عكس خطوة إنهاء الأجواء المفتوحة لأنها عملية أساسية ولا ينبغي لنا اتخاذ أي خطوات لإلغاء عمليات طائرات الاستطلاع لأنها تشغل بالفعل أدوارا إضافية مهمة تتجاوز معاهدة الأجواء المفتوحة وما بعدها”.

26 نوفمبر 2020

هاشتاغ

التعليقات