بعد نحو أسبوع على توقيع وزير الخارجية المصري سامح شكري، على بيان العلا بشأن استعادة العلاقات بين دول الرباعي العربي والدوحة، عقب ثلاث سنوات ونصف السنة من المقاطعة، أعلنت مصر رفع الحظر الجوي عن الرحلات القطرية، والسماح بعبورها الأجواء المصرية؛ لتكون آخر دولة من دول الرباعي العربي تتخذ هذا القرار، علماً بأن رحلة مباشرة وصلت من الدوحة إلى العاصمة المصرية في نفس يوم انعقاد قمة العلا، وعلى متنها وزير المالية القطري ووفد رفيع للمشاركة في افتتاح فندق قطري على ضفاف النيل بالقاهرة.
ورغم أن الخطوة كانت متوقعة؛ فإن ثمة تفسيرات متباينة لها بين السياسيين المصريين، ففي الوقت الذي يقول فيه وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، لـ”كيوبوست”: إن الخطوة جاءت كإجراء روتيني مدني ليس له أي بُعد سياسي، يرى اللواء محمود منصور الخبير الأمني المصري، ومؤسس المخابرات القطرية، في تعليقٍ لـ”كيوبوست”، أن الخطوة تعني انتهاء النقاط الخلافية بشكل كامل، في وقتٍ كان يتمنى فيه السفير المصري الأسبق بالدوحة محمد المنيسي، عدم اتخاذ القاهرة هذه الخطوة في الوقت الحالي.
خدمة للشعوب
يرى محمد العرابي أن استئناف الرحلات، وفتح المجال الجوي، هدفه في المقام الأول خدمة الشعبَين، وليس له أي أهداف سياسية؛ “خصوصاً أن هناك قطريين يرغبون في زيارة مصر، وهناك مصريون في الدوحة”، فضلاً عما تسهله رحلات الطيران المباشر من أعمال تجارية ومصالح اقتصادية، مطالباً بعدم إعطاء القرار المصري أكثر من حجمه.
لكن اللواء محمود منصور يرى أن هذه الخطوة تعبر بشكل واضح عن انتهاء الخلاف المصري- القطري، ونجاح البلدَين في تجاوز الأسباب التي أدَّت إلى المقاطعة العربية خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن مسألة عودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدَين لن تتأخر طويلاً؛ لا سيما أن الدوحة سعَت لإنجاح المفاوضات قبل قمة العلا على مدار عام ونصف العام.
وتتراوح تقديرات المصريين المقيمين في قطر ما بين 250 و300 ألف شخص كانوا يضطرون من أجل الوصول إلى المدن المصرية إلى استقلال رحلات طيران ترانزيت عبر عدة دول؛ من بينها الكويت وسلطنة عمان والأردن ولبنان، قبل أن يصلوا إلى المطارات المصرية، علماً بأن هناك قراراً قطرياً صدر في بداية جائحة كورونا بمنع دخول المصريين، وتبعه قرار بالمثل من الحكومة المصرية، منع آلاف المصريين من مغادرة الدوحة أو العودة إليها بالنسبة إلى حاملي التأشيرات والإقامات السارية.
ترقب حذر
على العكس، يرى محمد المنيسي أن اتفاق العلا سيظل اتفاقاً ثنائياً بين المملكة العربية السعودية وقطر، لحين أن تثبت الدوحة حسن نيَّاتها تجاه باقي الدول العربية، مشيراً إلى أن التعبير الأدق لمخرجات العلا عبَّر عنه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، عندما تحدث عن انتظار إظهار النيَّات القطرية من خلال التصرفات، خلال الفترة المقبلة.
كان الوزير قرقاش قد أكد، في مقابلةٍ تليفزيونية، أن قمة العلا “أنهت الخلاف مع قطر؛ لكن هناك حاجة إلى اتخاذ خطوات من أجل بناء الثقة”، مؤكداً وجود مسائل يجب أن يتم التعامل معها بنضج وشفافية وعقلية.
وأكد المنيسي أن مصر لديها 4 ملفات؛ إذا لم تتحرك فيها الدوحة فلن تكون المصالحة واقعية، وهي ملفات مرتبطة بتمويلات الدوحة لسد النهضة الإثيوبي، والدعم القطري بالتمويل لحركة حماس وفلول الإرهابيين الموجودين في شمال سيناء، بجانب الدعم المقدم إلى الجماعات الإرهابية في ليبيا، والتي تهدد الأمن القومي المصري من الجانب الغربي، فضلاً عن دعم الدوحة للتحركات التركية في ليبيا، مشيراً إلى أن هذه الملفات ليست مرتبطة بأمن الدوحة، وليس لها فيها ناقة أو جمل.
يشير محمد العرابي إلى صعوبة التنبؤ بالسياسات القطرية في المستقبل القريب، متوقعاً أن لا تشهد المرحلة الحالية تحولات جذرية؛ لكن في المقابل ستشهد تهدئة إعلامية على الأقل بشكل كبير.
ويختم محمود منصور، قائلاً: إن المصالحة العربية ستدعم حماية الأمن القومي العربي؛ خصوصاً في ظل الأخطار الإقليمية الموجودة، وما تتطلبه من تكاتف عربي خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى النص الذي يوضح بشكل صريح عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والذي تضمنه بيان قمة العلا؛ حيث “سيكون الأساس الذي يتم البناء عليه خلال الفترة المقبلة”، حسب منصور.