من هنا وهناك

في ظل غياب الجمهور.. هل خسرت مصر بتنظيم مونديال اليد؟
في ظل غياب الجمهور.. هل خسرت مصر بتنظيم مونديال اليد؟
في شهر نوفمبر من عام 2015، أعلن الاتحاد الدولي لكرة اليد فوز مصر بتنظيم مونديال اليد 2021، بعد منافسة شرسة مع النرويج وبولندا والمجر في حدث رياضي استثنائي آنذاك، لكن لم تكن تعلم مصر أن 2021 سيكون عام الموجة الثانية من جائحة كورونا.


وتقام حاليا في مصر فعاليات مونديال اليد 2021 وحتى نهاية شهر يناير الجاري، بحضور 32 منتخبًا بدلًا من 24 للمرة الأولى في تاريخ البطولة، التي أصر الاتحاد المصري على إقامة نسختها الـ27 في موعدها على أراضي المحروسة.

وقبل مونديال اليد 2021، تأجلت عديد من البطولات العالمية وعلى رأسها أولمبياد طوكيو، كما ألغيت بطولتا كأس العالم للشباب والناشئين لعام 2021، من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، ليكون المشهد المتوقع هو مطالبة مصر بإلغاء وتأجيل البطولة كما فعلت الدول الأخرى، لكن هذا ما لم يحدث.



رسالة إلى العالم

ويوضح رئيس اتحاد كرة اليد المصري ورئيس اللجنة المنظمة لمونديال 2021، أن تنظيم  البطولة لم يضر مصر من الناحية الاقتصادية، كما يظن البعض، "هي رسالة إلى العالم تؤكد قدرتنا على تنظيم أول بطولة عالم بعد جائحة كورونا، فتنظيم البطولة هو بمثابة دعوة عامة لكل دول العالم لزيارة مصر، فهو أفضل دعاية ممكنة حاليًا للسياحة والاستثمار بمصر".

وأشار نصر  في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن  الدعاية التي كانت تقوم بها مصر في ظل الجائحة كانت ستتكلف أكثر مما أنفقته لتنظيم البطولة، "بطولة العالم يشاهدها قطاع كبير من سكان الدول الأجنبية، والتوقعات التي سبقت البطولة بإلغائها أو تأجيلها، أضافت لفعاليات المونديال طابعًا خاصًا، يبرز نجاحنا وتفوقنا بشكل كبير".



وتابع: "تطوير وإنشاء الصالات قبل البطولة، كان إضافة قوية للبنية التحتية للرياضة المصرية، فمصر الآن تملك المقومات الكافية لإستضافة بطولات قارية وعالمية أخرى في الألعاب الرياضية المختلفة وليس كرة اليد فقط".

وأردف: "تنظيم مونديال اليد هو خطوة البداية فقط، نسعى لاستضافة بطولات عالمية أخرى، فالرياضة باتت من أقوى المسارات التي تعتمد عليها الدول لإنعاش اقتصادها، نظرًا لمتابعتها من قبل كل مواطني دول العالم تقريبًا".

وفي السياق ذاته، أكد نصر أن مصر كانت لديها فرصة قوية لتأجيل البطولة أو إلغائها كما فعلت الدول الأخرى، لكن وزارة الشباب والرياضة المصرية وجدت أنها فرصة مناسبة للتميز والاختلاف، لتكون مصر رائدة حاليًا في تنظيم البطولات الدولية في ظل أزمة استثنائية مثل جائحة كورونا.

كما أضاف رئيس اتحاد كرة اليد المصري: "بعثة المنتخب الياباني وصلت إلى مصر قبل البطولة بأسبوع، للاستفادة من التجربة المصرية، والاقتداء بها، وهناك عديد من الدول خاطبت وزارة الشباب والرياضة لمعرفة الخطة التي وضعتها مصر لتنظيم المونديال، للاستفادة منها في تنظيم البطولات التي ستستضيفها تلك الدول على أراضيها، وكانت تلك الرسائل هي هدفنا من البداية".

يذكر أن كأس العالم للجمباز الفني 2021 سيقام في مصر، وهذا لأول مرة في تاريخ البطولة، كان قد صنف الاتحاد الدولي للعبة الاتحاد المصري في المركز السابع عالميًا من حيث الإدارة والتنظيم.

شكوك حول مصير البطولة

وفي نهاية الجولة الأولى من الدور التمهيدي لمونديال اليد 2021، أعلن الاتحاد الدنماركي لكرة اليد، أن الفحوصات الطبية كشفت عن إصابة "إميل ياكوبسن" لاعب المنتخب بعدوى فيروس كورونا المستجد، قبل ساعات من المواجهة مع البحرين، التي فاز بها المنتخب الأوروبي.

وزادت تلك الإصابة الشكوك حول مصير البطولة، خوفًا من ظهور حالات أكثر في الأيام المقبلة، وعلى إثر ذلك، أعلن الاتحاد الدولي لكرة اليد عن خضوع جميع أعضاء الوفود من كل الفرق، وكل الحكام، ومسؤولي البطولة للاختبار بشكل يومي للكشف عن فيروس كورونا.



وفي هذا السياق، أوضح نصر أنه لا يمكن منع الإصابات بالفيروس داخل المونديال، لكن الأمر يتعلق بالحد من عدد المصابين بكورونا داخل معسكرات البطولة، والتعامل مع المصاب بشكل سريع حتى لا تتنشر العدوى، "نملك عديد من غرف العزل الطبي داخل فنادق إقامة المنتخبات المشاركة في البطولة، كما تتواجد أجهزة طبية كاملة تملك كل الإمكانيات اللازمة للتدخل في أي وقت في حالة ظهور أي أعراض بالإصابة بـ"كوفيد-19"، وحتى الآن نسيطر على الأمور بشكل كامل".

وأشار نصر إلى المجهود الكبير الذي تقدمه وزارة الصحة والسكان المصرية للوصول بتلك البطولة إلى بر الأمان، مؤكدًا أن نجاح الأكبر في تنظيم مونديال 2021، سيكون على المستوى الصحي والحفاظ على سلامة بعثات المنتخبات المشاركة بالبطولة ".

وكانت وزارة الصحة المصرية وضعت نظامًا صحيًا بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، وهو ما يطلق عليه نظام "الفقاعة"، إذ تخضع كل بعثات المنتخبات المشاركة بالبطولة، سواء لاعبين أو أجهزة فنية أو إداريين، لحجر صحي منذ وصولهم مصر، بعد القيام بمسحات طبية تؤكد سلامتهم، ويُمنع دخول أو خروج أي منهم طوال فترة البطولة.

واستطرد نصر: "الحياة لابد أن تسير، فلا يمكن أن تمنعنا الجائحة من ممارسة الأنشطة الرياضية، التي تساعد في تخفيف الضغوط لدى متابعيها، الأمر يتطلب مجهودات أكبر في التنظيم، وأخذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، وهذا ما نعمل عليه طوال فترة البطولة".

حظوظ المنتخب المصري

ونجح منتخب مصر لكرة اليد، في الفوز على منتخبي تشيلي ومقدونيا الشمالية، ليتبقى له انتصار وحيد على منتخب السويد ليضمن تصدر المجموعة السابعة قبل الانتقال إلى الدور الرئيسي.

يشار إلى أن منتخب السويد تُوج ببطولة العالم لكرة اليد 4 مرات من قبل، كما أنهى البطولة الأخيرة في المركز الخامس، وهو أحد أقوى المرشحين للفوز باللقب هذا العام.

وقد صرح لاعب منتخب تشيلي، إروين فيوشتمان، في تصريحات صحفية قبل لقاء افتتاح البطولة أمام مصر، أن فريقه سيحاول استغلال غياب الجمهور المصري عن المدرجات، لكن نجح منتخب الفراعنة رغم غياب الجماهير في تحقيق فوز مهم على تشيلي في بداية البطولة.

وكان تصريح فيوشتمان بمثابة إشارة واضحة إلى إدراك منافسي مصر على البطولة، بأن المنتخب المصري يخوض منافسات البطولة خاسرًا للدعم الجماهيري بصفته البلد المستضيف، خاصةً أن آخر نسختين من المونديال فاز بهما أصحاب الأرض والجمهور.


ومن جانبه، أكد هشام نصر أن غياب الجمهور المصري عن المدرجات سيؤثر بالسلب على أداء المنتخب، مشيرًا إلى أن قرار إلغاء الحضور الجماهيري جاء بناءً على رغبة المنتخبات المشاركة في البطولة خوفًا على لاعبيهم، "رغم الظروف الصعبة، نثق في لاعبينا على تقديم أداء مميز، والوصول إلى أبعد مكان بالبطولة، وكان هذا واضحًا في أداء المنتخب في المباراتين السابقتين، فهم يحلمون بإسعاد الجمهور المصري وتحقيق إنجاز مشرف لبلادهم".

برامج سياحية

وعلى هامش البطولة، أوضح رئيس اللجنة المنظمة لمونديال 2021، أن هناك برامج ترفيهية مقننة لبعثات المنتخبات المشاركة في البطولة، للتعرف على المعالم السياحية المصرية، "خلال تلك الرحلات، نحافظ أيضًا على النظام الصحي الذي وضعناه منذ بداية البطولة، فلا يخالط أفراد الرحلة أي شخص خلال الزيارة، وفور انتهائها، يعودوا مباشرة إلى فنادق الإقامة".

كما أشار نصر إلى أن مصر كانت تجهز برامج سياحية أكبر من التي تنفذ حاليًا، لكن للتعايش مع الموجة الثانية من فيروس كورونا تم تقنينها، بشكل يضمن الحفاظ على النظام الصحي المتبع طوال فترة البطولة.

وختم: "يعرب لنا أفراد بعثات المنتخبات المشاركة عن سعادتهم الكبيرة من زيارة المعالم السياحية المصرية، وهذا يضمن زيادة البعثات السياحية القادمة إلى مصر في الشهور القادمة، وهذا نجاح عظيم بالنسبة لنا".

بادرة أمل
وتقام فعاليات البطولة على أربع صالات رياضية رئيسية، وهي: صالة إستاد القاهرة، صالة الرياضية ببرج العرب، صالة الدكتور حسن مصطفى في مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، والصالة الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة.

ويجدر بالذكر أن الصالة الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة هي أحدث منشآت مصر الرياضية، وتم تشييدها خصيصًا لاستضافة فعاليات هذه البطولة، وتقع بالمدينة الرياضية في عاصمة مصر الإدارية الجديدة شرقي القاهرة، وتتسع لنحو 7500 مشجع.



وتمثل الصالة جزءًا من مدينة رياضية متكاملة تم إنشاؤها بتكلفة بلغت 2.2 مليار جنيه (137 مليون دولار)، وتضم هذه المدينة الرياضية مجمعًا للصالات المغطاة، ومجمعًا لحمامات السباحة، ومنطقة ملاعب لكرة القدم والكرة الخماسية، إضافة لملاعب للتنس الأرضي بجانب منشآت أخرى عديدة.

ومن جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي، أحمد معطي أن وجود صالة رياضية جديدة داخل مشروع استثماري ضخم مثل العاصمة الإدارية الجديدة ضمن الصالات المستضيفة للبطولة، يعد وسيلة جذب إلى رجال الأعمال والمؤسسات الأجنبية للاسثمار في مصر، خاصةً أن جزء كبير من هذا المشروع تم خلال وجود جائحة كورونا، وهذه بادرة أمل واضحة للجميع على ما تستطيع الدولة المصرية إنجازه في ظل الظروف العادية.

وأضاف معطي لموقع "سكاي نيوز عربية": "تنظيم بطولة عالم في تلك الظروف، يؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد المحلي في الأشهر القادمة، فهو يعكس الاستقرار الذي تتحلى مصر به في ظل أزمة عالمية ضخمة مثل جائحة كورونا، وهذا يزيد حظوظنا في زيادة المشاريع الاستثمارية الأجنبية على الأراضي المصرية".



وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أثر البطولة الإيجابي بدأ في الظهور خلال الأيام، حيث  أعلن المركز الروسي للتعامل مع أزمة فيروس كورونا المستجد، السبت، أن روسيا ستزيد عدد الرحلات الجوية المنتظمة بين موسكو والقاهرة حتى خمس رحلات أسبوعيًا.

وتابع: "ربما لم نحقق المكاسب المادية المرجوّة من استضافة حدث رياضي عالمي مثل مونديال اليد، لكن مصر قدمت رسالة مهمة إلى العالم بقدرتها على الحفاظ على صحة زوارها من الدول الأجنبية، وهذا ربما يكون خطوة قوية نحو استقرار قطاع اقصادي مهم مثل قطاع السياحة، التي تضررت بشكل كبير من جائحة كورونا".

وختم: "لا يجب أن ننظر أسفل أقدامنا، فتنظيم البطولات العالمية ساعد عديد من الدول على إنعاش اقتصادها المحلي، وعلى عكس المتوقع، فإن الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم ستزيد المكاسب المصرية من البطولة، وهذا ما نتوقع نتائجه في الأيام القادمة"، مؤكدًا أن مصر أظهرت إلى العالم الاستقرار الاقتصادي والصحي داخل أراضيها، وهو ما تبحث عنه كل الشركات الاستثمارية في الوقت الحالي.

18 يناير 2021

هاشتاغ

التعليقات