تجري الاستعدادات حثيثة في العاصمة المصرية القاهرة لاستقبال أعمال الفنانين المشاركين في معرض مصر الدولي للفنون “إيجيبت آرت فير”، والذي ستنطلق فعاليات نسخته الثانية خلال الفترة الممتدة من 26 إلى 28 فبراير الجاري.
ويستضيف المعرض هذا العام أكثر من 120 فنانا وفنانة من المنطقة العربية، منهم من يعرض أعماله في القاهرة للمرة الأولى، إلى جانب آخرين خاضوا من قبل تجربة العرض والاحتكاك بالجمهور والحركة الفنية المصرية، ما يُعدّ فرصة سانحة للفنانين العرب من أجل الحوار وتبادل الخبرات والأفكار والاطلاع على تجارب الآخرين وإسهاماتهم الإبداعية.
ومن بين هذه الأسماء العربية البارزة يحضر في النسخة الثانية من المعرض الدولي كل من بهرم حاجو وعادل داود ومهند عرابي ووليد المصري وإدوارد شهدا وحسام بلان من سوريا، وسيروان باران وعلي نوري من العراق، وجورج باسيل من لبنان، وصلاح المر من السودان، وحكيم العاقل من اليمن.
وسيستعرض العاقل تحت سماء القاهرة آخر منجزاته التشكيلية التي تجمع ثنائية الحرب والسلام واحتمالات الحياة المؤجلة في خضم التوترات والصدامات والأمل الباقي عبر ألوان منفلتة في تفاعلاتها التعبيرية والتجريدية وفق حركات تُجيد محاورة الواقع وإعادة تشكيله بدمج الذاكرة والطبيعة والعادات والتراث والهوية والوجود والإنسان.
وهو في ذلك كشأن الفنان السوداني صلاح المر الذي يشتغل على ذاكرته الطفولية ليطرح عبر لوحاته ومنحوتاته سيناريوهات لأبطاله، وكأنه يضع بهم مفردات عالم سينمائي عبر أسلوبه التشخيصي التجريدي، وألوانه الصريحة، وملمسه في النحت الذي يكاد ينطق بفصول من حكايات مهجورة من حكايات الفلكلور السوداني.
أما العراقي سيروان باران الذي سبق له أن قدّم في العام الماضي معرضه الخاص “ذاكرة لا تمحى” بغاليري مصر بالقاهرة، مستعرضا فيه حمولات الحرب وويلاتها، فسيستكمل في المعرض الجماعي الجديد سرد غيض من فيض مشروعه الفني الذي يوثّق لسنوات الألم العراقي بفرشاة غاضبة.
ويشارك من مصر أكثر من عشرين فنانا وفنانة، بينهم أحمد عبدالوهاب وصبري منصور وعبدالغفار شديد وجورج بهجوري ومحمد عبلة وعبدالوهاب عبدالمحسن وفتحي عفيفي وإيفلين عشم الله وعصام معروف وسعاد عبدالرسول وإسلام زاهر ووائل درويش، بالإضافة إلى حضور لافت لأعمال مجموعة من الفنانين المخضرمين والشباب على غرار إسراء زيدان وعلي سعيد وأحمد مجدي.
وتوجّه الدورة الجديدة التحية إلى روح الفنان المصري الراحل عمر النجدي الحاضر بأعماله التي استلهمها من الفن الآشوري البابلي والأيقونات المسيحية ووجوه الفيوم المتميزة والفن الفلكلوري المصري.
ومن بين الأعمال المنتظرة في المعرض ما أبدعته ريشة الفنانة إيفلين عشم الله، التي انطلقت منذ العام 2015 في إظهار الكلمات داخل لوحاتها، لتجمع بذلك بين سحر الصورة المرسومة ومعاني الكلمات المكتوبة، مستكملة مشروعها الفني السريالي الذي اشتغلت عليه زهاء نصف قرن من البحث والتجريب والتجديد، دون الإخلال بثيماتها الثابتة التي تستقيها من الموروث الشعبي المصري والمواضيع المستمدة من الأساطير الفرعونية.
التجارب الفنية المُشاركة تُلقي الضوء على أطياف مُتعددة من الممارسات التشكيلية العربية التي تجمع بين أجيال مختلفة
وغير بعيد عن عشم الله ومفرداتها التشكيلية الشعبية يحضر جورج بهجوري ببورتريهاته ذات الخطوط المميزة التي تجمع بين فني الكاريكاتير والرسم، إلى جانب البعض من لوحاته التي تجسّد الشارع المصري والحياة اليومية للبسطاء.
والدورة الجديدة من معرض مصر الدولي للفنون يُشرف عليها مجلس حكماء مكوّن من 12 عضوا، بينهم فنانون ورجال أعمال ونقاد وسينمائيون من مصر والعالم العربي.
وعن المعرض يقول عضو مجلس الأمناء محمد يونس “ما يميّز الحدث هذا العام جمعه بين تجارب مستقرة من جيل الوسط وأخرى تسعى بعنفوان إلى التحقّق، وهذا الاختلاف والتمايز الذي تتمتّع به المشاركات الفنية يرسّخ القيمة التي تحتلها القاهرة كفضاء حر ومشترك للمُبدعين العرب في كافة المجالات، ومن بينها بلا شك الفنون البصرية”.
وأقيمت الدورة التأسيسية لـ”إيجبت آرت فير” على مدار يومي 8 و9 مارس 2020 بالقاهرة، وشهدت إقبالا كثيفا حيث تخطى عدد الحضور 4500 زائر.
وشارك فيها نحو مئة فنان تشكيلي من بينهم 20 من الفنانين العرب والأجانب الذين يعتبرون من الرواد بالإضافة إلى فنانين معاصرين من جيل الوسط وصولا إلى جيل الشباب، ومن مختلف المجالات الفنية كالنحت والرسم والتصوير الفوتوغرافي.
كما شارك أكثر من 12 غاليري بعرض أعمال مشتركة تعدّدت فيها الاتجاهات الفنية والمدارس التشكيلية كالتعبيرية والواقعية والتجريدية والسريالية وغيرها. وتضمنت الدورة الأولى محاضرات ومؤتمرات فكرية قدّمها خبراء في الفن التشكيلي للفنانين الشباب بهدف تشجيعهم على مواصلة الإبداع.
وجاءت خطوة تأسيس “إجيبت آرت فير” إثر نجاح تجربة لبنان الذي يقيم سنويا “بيروت آرت فير”، وهي بادرة فنية تسعى لجمع الفنانين المحليين بتشكيليين من المشرق وشمال أفريقيا كي يقتسموا التجارب الإبداعية فيما بينهم.