عربي ودولي

باحثون سعوديون وغربيون يناقشون أدوار الترجمة في تنمية الإبداع
باحثون سعوديون وغربيون يناقشون أدوار الترجمة في تنمية الإبداع
اختتمت الجمعة أعمال ملتقى الترجمة الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية بمقر وزارة التعليم، والذي استمر يومين، وقدم الملتقى بمشاركة عدد من المتخصصين والمترجمين والفاعلين في قطاع الترجمة في السعودية وخارجها جلسات متعددة تناولت واقع نشاط الترجمة في السعودية والعالم، والتحديات التي تواجهه.

وناقش الملتقى على مدى يومين أهم القضايا في ميدان الترجمة الحديثة عبر ثلاث جلسات يومية، إلى جانب إقامة عشر ورش عمل لصقل مهارات الممارسين وتطوير قدراتهم في مجالات الترجمة التحريرية، والترجمة الشفوية، وإدارة مشاريع الترجمة، وتقنيات الترجمة الحديثة وبرامجها المساندة.

واستهل الملتقى نشاطه بكلمة للرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الأكاديمي محمد حسن علوان أكد فيها إيمان الهيئة بأهمية الترجمة، لكونها مقوما أساسيا من مقومات النهوض بالحضارة، مشيراً إلى الحاجة للترجمة أكثر من أي وقت مضى، وذلك من أجل وطن أكثر اعتداداً بمكوناته المحلية، وأكثر انسجاماً مع محيطه الدولي، مبيناً أن الملتقى يهدف إلى فتح مساحة للحوار بين المهتمين بالمجال، وبحث سبل تنميته وتطويره.


الملتقى يسلط الضوء على مجال الترجمة وتحدياته ويفتح مساحة للحوار بين المهتمين بالمجال وبحث سبل تنميته وتطويره

تلا ذلك إقامة ثلاث جلسات حوارية، ابتدأت بجلسة بعنوان “الترجمة ودورها في تقريب ثقافات الأمم” شارك فيها كل من الباحثة مارثا لوسيا بوليدو، والدكتور محمد البركاتي، وبريان جيمس باير، ونواف البيضاني في الجلسة التي أدارها حمد الشمري.

وتحدثت مارثا لوسيا عن مدينة “لوريكا” الكولومبية التي تمتزج فيها ثقافات مختلفة تتضمن العربية، إلى جانب الثقافة الإسبانية، حيث يعتبر هذا التنوع عادة عاملاً مهماً لتأكيد ضرورة الترجمة وقيمتها، فيما حملت ورقة نواف البيضاني عنوان “ابنا آوى اللذان علما الأمم” تطرق فيها لحكاية “كليلة ودمنة”.

 وقال البيضاني “عندما نتأمل في كتاب كليلة ودمنة سنحتار في صاحب الفضل في انتشارها، لنتساءل هل يعود ذلك للمؤلف الذي تفتق ذهنه عن هذه الحكايات متقنة السبك وهذا الأسلوب التعليمي الماتع الممتع، أم هو برزويه الذي نقله من لسان الهند إلى لسان الفرس، أم ابن المقفع الذي نقله إلى لسان الفصاحة العربية”.

من جهته أكد الدكتور محمد البركاتي على أن الترجمة عامل مهم في ازدهار الثقافة وانتقالها من مكان إلى مكان، وربما معول لهدمها وتذويبها.

وأشار إلى أن التقريب في الترجمة يسهم في البناء والتجسير ويقدم نصوصاً تروق لذائقة القراء، ولكنه يقوم بتذويب الحضارات لبعضها البعض، فيما يحفز التغريب القارئ لتناول المفاهيم الثقافية الخاصة ليترك في داخله مساحة من الهوية لكل ثقافة لتصنع ألوانها ومذاقها.

فيما شدد الباحث بريان جيمس باير على إمكانية ربط أمتين متباعدتين من خلال الترجمة بعد الأخذ بالاعتبار الفهم الدقيق للثقافة بين اللغة الأصلية والمراد الترجمة إليها.

وجاءت ثاني الجلسات الحوارية بعنوان “الترجمة الأدبية: من الترجمة إلى الإبداع” وأدارها الأكاديمي إبراهيم القرني، وتحدث الضيفان الباحثان شريف بقنة وإيمانويل فارلييه، عن ماهية الأدب وهدف الترجمة من ذلك، حيث أوضح بقنة أن النص الأدبي يتطلب دلالة غموض وميزة إبداعية تؤهله لنقله إلى لغة أخرى، فيما أشار إيمانويل إلى أن كبار المترجمين غير متفرغين، الأمر الذي أدى إلى تراجع القطاع وأن من الواجب على المؤسسات الثقافية تفريغ ومساعدة المترجمين ونقلهم إلى الاحترافية.

وتناولت الجلسة الأخيرة لليوم الأول من الملتقى، والتي أدارها الأكاديمي مبارك القحطاني، الترجمة واقعاً وتشريعات وآفاقا، وتحدث خلالها الباحثان إبراهيم البلوي وعبدالرحمن السليمان، والناقدة كاثرين واي التي قدمت كشفاً عن المشهد اللغوي في إسبانيا، مؤكدة أن قطاع الترجمة غير منظم في العالم، حيث يفتقد لكيان دولي ينظم عمل المترجمين، فيما رأى البلوي أن السياسة اللغوية مهمة، حيث اهتمت السعودية بذلك ونالت خلال السنوات الماضية عناية كبيرة، أنتجت جمعيات ومعاهد تولّد ترجمة منظمة وواعية.

وشدد السليمان على أن التشريعات تساعد المترجمين في تطوير المنتج اللغوي، باعتبار أن الترجمة صناعة تكنولوجية متعددة، مستشهداً ببلجيكا التي وضعت نظاما فعالا منذ ثلاث سنوات.

وشهد اليوم الثاني والأخير ثلاث جلسات، إضافة إلى ورش عمل، وجلسة خاصة، وأخرى ختامية، تناولت في مجموعها جوانب مختلفة من صناعة الترجمة وآفاقها في السعودية والعالم.

وسعت هذه التظاهرة للوقوف أمام التحديات التي تواجهها الترجمة متمثلة في تحديات الهوية والعولمة والإعلام الجديد وغيرها مما استجد بفعل التطور العالمي الراهن.

كما تهدف هيئة الأدب والنشر والترجمة من تنظيم “ملتقى الترجمة” إلى تسليط الضوء على مجال الترجمة، والنهوض بالتقنيات الحديثة المستخدمة في القطاع، وتشجيع القدرات الترجمية الناشئة، إلى جانب تحسين بيئة العمل في مجال اتصالي معرفي حيوي مثل الترجمة.

كما تسعى لتنظيم مجال الترجمة في المملكة وتعزيز دورها المؤثر في التواصل الحضاري بين الثقافات العالمية، مسلطة الضوء على واقع مهنة الترجمة في المملكة، وفاتحة نوافذ اتصالية تجمع مجتمع المترجمين بالجهات ذات العلاقة بالمجال.

04 ديسمبر 2021

هاشتاغ

التعليقات