عربي ودولي

سوريا تبدأ عامها الدراسي وسط تحديات وصورة قاتمة
سوريا تبدأ عامها الدراسي وسط تحديات وصورة قاتمة
تعيش سوريا مأساة طويلة الأمد ولا ضوء يلوح في الأفق.. تلك الدولة التي ضمت بين جانبيها 6 مواقع مصنفة في التراث العالمي، هي دمشق القديمة وحلب القديمة ومدينة بصرى القديمة وقلعة الحصن وموقع تدمر والقرى القديمة في الشمال، هي سوريا اليوم التي تنازع ويفتقد أهلها كل ما يغذي جسدها من تعليم كي تعيش كما كانت بالأمس.

ففي ظل الأزمة السورية المستمرة، يواجه نظام التعليم في سوريا تحديات جساما تهدد مستقبل الأجيال القادمة، فالحرب والأزمة الإنسانية أثّرت بشكل كبير على البنية التحتية للتعليم في سوريا وعلى جودة التعليم المقدم للطلاب.

وتعتبر التحديات التي يواجهها النظام التعليمي في سوريا متعددة ومتشعبة.. أحد أبرز هذه التحديات هو تدمير العديد من المدارس والمؤسسات التعليمية نتيجة القصف والتدمير الذي شهدته البلاد خلال السنوات الماضية. 

وفقًا للمنظمات الإنسانية، يُقدر أن أكثر من 5000 مدرسة تعرضت للتدمير أو الضرر الشديد، ما أدى إلى فقدان الفرص التعليمية لمئات الآلاف من الطلاب، بالإضافة إلى التدمير البنيوي، وتعاني المدارس السورية من نقص الكوادر التعليمية المؤهلة. 

وهاجر العديد من المعلمين والأساتذة خارج البلاد، ما أدى إلى نقص حاد في عدد المعلمين المتاحين لتلبية احتياجات النظام التعليمي، وهذا التحدي يؤثر على جودة التعليم المقدم ويؤدي إلى تراجع في المستوى التعليمي للطلاب. 

وأدى تزايد الفقر والبطالة، إلى تراجع قطاع التعليم، إذ تعاني العديد من الأسر من عدم قدرتها على تأمين احتياجات التعليم لأبنائها، مثل الكتب المدرسية والزي المدرسي والمستلزمات الأخرى، ما يعوق فرصة وصول التعليم للعديد من الأطفال في سوريا.   

ووفقًا لتقارير اليونيسف يواصل الأطفال في سوريا دفع ثمن الأزمة التي ستترك علامة قاتمة في تاريخهم، ويعاني نظام التعليم في سوريا من الإجهاد الكبير، ونقص التمويل، والتفكك وعدم القدرة على تقديم خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال. 

"يوجد في سوريا أكثر من 2.4 مليون طفل غير الملتحقين بالمدرسة، منهم 40 في المئة تقريبًا من الفتيات، كذلك أثرت جائحة "كوفيد-19" التي أدت إلى تفاقم تعطّل التعليم في سوريا، ولم تعُد واحدة من كل 3 مدارس داخل سوريا صالحة للاستخدام لأنها تعرضت للدمار أو للضرر أو لأنها تُستخدم لأغراض عسكرية.

أما الأطفال القادرون على الالتحاق بالمدارس، فإنهم يتعلمون في الغالب في صفوف دراسية مكتظة، وفي مبانٍ لا تحتوي على ما يكفي من المياه ومرافق الصرف الصحي والكهرباء والتدفئة أو التهوية. 

وتؤكد الأمم المتحدة وقوع نحو 700 هجوم على منشآت التعليم وطواقم التعليم في سوريا منذ بدء التحقق من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، وتم تأكيد 52 هجوما في العام الماضي.

ووفقًا لسوريين هاتفتهم "جسور بوست"، يتطلع الشعب السوري إلى استعادة نظام تعليم قوي ومستدام يسهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة، ويتطلب ذلك دعمًا دوليًا مستمرًا وتعاونًا بين الحكومة والمنظمات الدولية والمحلية، لتخطي العقبات وتحقيق تحسينات جذرية في نظام التعليم في سوريا.

"جسور بوست"، تناقش مشكلات التعليم وسط وضع أمني واقتصادي صعب.

خروج سوريا من التصنيف العالمي لجودة التعليم | زمان الوصل

دلال وبناتها الأربع

دلال في نهاية العقد الثالث من عمرها، تقطن منطقة السلمية محافظة حماة، قصتها تلخص وضع التعليم في سوريا بل الوضع بشكل عام، فهي أم لأربع بنات جميعهن بعمر الزهور، قتل زوجها في الحرب، تصف الأمر بجملة: "لا نعرف ما الذي يعنيه زي مدرسي جديد"، تسرد قصتها قائلة"

"ساء الوضع كثيرًا بسبب الغلاء والاضطرابات، ربما كان التعليم لا بأس به إذا كنت تمتلك المال، فمعظمه يعتمد على الدروس الخصوصية، ومن أين نأتي بالأموال إذا كان الراتب لا يكفي لليوم الخامس في الشهر".

كلمات دلال وجيزة، نطلب منها الإسهاب وشرح الوضع صوتيًا
تجيب بأنها لا تمتلك هاتفا حديثًا به هذه الخاصية، وتعقب: "الجوال عندي قديم لا يسجل صوتا، جيد أنني أستطيع توفير هذا من الأساس".

تستطرد دلال في وصف الحالة بقولها: "الوضع لدينا في سوريا صعب جدا وغلاء فاحش ورواتب قليلة، والمعيشة أصبحت صعبة ولا نعلم من أين سنوفر لأطفالنا الأكل والتعليم، فرواتبنا لا تكفي إلا لخمسة أيام في الشهر، أحمل الهم بسبب المدارس، من أين سآتي بملابس بناتي خاصة الشتاء، (وما بعرف منين أدبر حالي)، تحمل المسؤولية صعب جدا عليَّ والحياة تزداد سوءا والحمد لله على كل حال".

الأرقام لا تكذب

قال مدير مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية السوري، الدكتور فواز العواد، إن ثلث الأطفال السوريين خارج العملية التعليمية، بعد ما يزيد على عشر سنوات من الحرب والصراع في سوريا، كذلك لم تكن القضية التعليمية ذات أهمية للمجتمع، وقت الثورة كان الاهتمام الأكبر بالسياسة والحرب، والآن نحن نجني ضريبة ذلك، فالأوضاع متردية والأرقام في ذلك لا تكذب.

وفي تصريح لـ"جسور بوست"، قال “العواد”، إن التقارير التي ترصد تراجع قطاع التعليم السوري كثيرة، لافتا إلى أن تقريرًا لمنظمة يونسيف عن واقع التعليم في سوريا وأثر الحرب عليه.

وأكد “العواد”، أن المدارس التي تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي بلغت أكثر من 4000 مدرسة منذ منتصف عام 2011، وهو ما يشكل 40 بالمئة من مدارس سوريا. 

وأتم: “هناك عدة تقارير دولية أخرى أكدت تضرر الملايين من الأطفال السوريين، وانقطاعهم عن التعليم بسبب الحرب التي شنها نظام الأسد على الشعب السوري”. 

سوريا بلا تعليم
وعلّق الطالب الجامعي السوري طارق هيثم بقوله، إن الوضع يزداد سوءا كل يوم، فلا تعليم في سوريا ولا آفاق ولا أمل في تحسين الوضع التعليمي في سوريا بهذه المعطيات، وبالطبع تعمل العديد من المنظمات الدولية والمحلية والمجتمع المدني على دعم التعليم في البلاد من خلال برامج إعادة الإعمار وتوفير الموارد التعليمية وتدريب المعلمين لكنها غير كافية ولا تغطي جميع البلاد والشرائح، لدينا المدارس مهدمة وطاقم التدريس لجأ إلى أعمال يدوية لإعاشة أسرهم.

Aucune description disponible.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": أدى مقتل العديد من الرجال إلى ترك الأسر بلا عائل، وفي حين لا تستطيع الأم توفير معاش أطفالها اليومي فيصبح توفيرها زي المدارس ضربا من الخيال، نحن هنا نعاني معاناة نفسية شديدة بسبب ندرة الإمكانات، ولذا يلجأ الكثيرون إلى التعليم المنزلي، وهذا بدوره يخلق أجيالا ضعيفة دراسيًا بل فاقدة لهويتها الثقافية، نحن هنا لا نحظى بحقوقنا الإنسانية، أقل القليل الذي ينعم به أي طفل حول العالم، هو أبعد ما يكون عنا، ولكن إلى متى.

وأتم حديثه: على الرغم من ادعاء النظام حدوث تغييرات فإن الوضع لا يزال قاتمًا ولا نرى بارقة أمل حولنا، فالمدارس مهدمة والتسرب من التعليم في ارتفاع، وزاد ذلك الوضع الاقتصادي الصعب نتيجة انهيارات اقتصادية عالمية ومحلية.

 

17 سبتمبر 2023

هاشتاغ

التعليقات