يواجه الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو سيلا من الاتهامات بعدما استهدفته عملية للشرطة الخميس، للاشتباه بتنفيذه "محاولة انقلاب" على خلفية أعمال شغب وقعت في 8 يناير/كانون الثاني 2023 في برازيليا.
أُمر بولسونارو بتسليم جواز سفره للسلطات. ومن المرجح أن يتعرض الرئيس السابق اليميني المتطرف والذي يؤكد أنه ضحية "اضطهاد"، للاعتقال قريبا بحسب مراقبين.
في ما يلي عرض للاتهامات التي وردت في وثائق قضائية سمحت بشن العملية التي أطلق عليها اسم "ساعة الحقيقة"، ونفذت فيها الشرطة عشرات من عمليات الدهم مع مصادرة وثائق واعتقال العديد من حلفاء بولسونارو.
ماذا تبين للمحققين؟
نقلا عن المحققين، تضمن الحكم المؤلف من 135 صفحة والذي أصدره قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس، الذي أعطى الضوء الأخضر للعملية، دليلا على أن بولسونارو وأعضاء حكومته وكبار المستشارين وكبار القادة العسكريين تواطأوا في خطة لتقويض الديموقراطية البرازيلية وإبقائه في السلطة.
ويعرض الحكم تفاصيل أشهر من مناورات مناهضة للديموقراطية قام بها بولسونارو وحلفاؤه استعدادا لـ "انقلاب" في الفترة التي سبقت انتخابات البرازيل في أكتوبر/تشرين الأول2022، والتي أفادت استطلاعات الرأي بأن الرئيس الحالي سيخسرها أمام اليساري المخضرم لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
ويؤكد جيرالدو مونتيرو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية ريو دي جانيرو "هذا ليس مجرد هراء هذياني لأحد المتعاونين. لقد كان عملا منسقا بحضور العديد من الوزراء ورئيس الجمهورية. إنه أمر خطير للغاية".
وتقول الشرطة إن المرحلة الأولى من الخطة كانت تهدف إلى تشويه سمعة نظام التصويت الإلكتروني في البرازيل من خلال حملة "تضليل" قبل الانتخابات، من أجل "إضفاء الشرعية على التدخل العسكري" في حال خسارة بولسونارو.
ونشرت المحكمة العليا مقطع فيديو لاجتماع عُقد في الخامس من يوليو/تموز 2022، دعا فيه بولسونارو "جميع الوزراء" إلى المساعدة في تشويه نظام التصويت.
وقال النقيب السابق في الجيش "إذا تحركنا بعد الانتخابات، ستحدث فوضى، وحرب عصابات، وستشتعل البلاد".
ورأى الجنرال في الجيش أوغوستو هيلينو وهو من كبار مستشاري بولسونارو أنه اذا تطلب الأمر "تغيير الوضع، فيجب أن يكون ذلك قبل الانتخابات".
وفي النهاية، في 8 يناير/كانون الثاني 2023، بعد أسبوع على تنصيب لولا، اقتحم آلاف من أنصار بولسونارو مقار القصر الرئاسي والبرلمان والمحكمة العليا وألحقوا بها أضرارا جسيمة.
هل كان هناك مؤامرة انقلابية؟
يقول المحققون إن الاستعدادات كانت قائمة للقيام "بانقلاب عسكري بهدف منع الرئيس المنتخب شرعيا من تولي السلطة".
وتقول الشرطة إن بولسونارو قام شخصيا بتحرير مسودة مرسوم كان سيدعو فيه إلى انتخابات جديدة ويأمر باعتقال القاضي دي مورايس.
وتم تقديم النص إلى عسكريين رفيعي المستوى في اجتماع عقد في 7 ديسمبر/كانون الأول.
ولكن في نهاية المطاف، لم يتم إصداره.
وجاء في حكم القاضي دي مورايس أيضا أن "ضغوطا مورست على ضباط الجيش الذين لم يحسموا أمرهم بعد للانضمام إلى مؤامرة الانقلاب".
ما تأثير هذا على بولسونارو؟
يرى مونتيرو أن ما تم كشفه يمثل "أكبر ضربة حتى الآن" لبولسونارو، مرجحا أنه سيضر به أكثر من منع السلطات الانتخابية له في يونيو/حزيران الماضي من الترشح لمنصب حتى عام 2030.
ويقول لوكالة فرانس برس "هذه المرة نتحدث عن اتهامات جنائية محتملة" موضحا "من المرجح أن يتم اعتقال بولسونارو، نظرا لتورطه المباشر في الاستعدادات للانقلاب".
ولن يتم توجيه أي اتهامات جنائية إلا بعد انتهاء التحقيق، وتشير تقارير وسائل الإعلام البرازيلية إلى أن هذا الأمر وشيك.
وأكدت الشرطة أن التحقيقات تتضمن تهم "محاولة الانقلاب" و"إطاحة سيادة القانون الديموقراطي".
وأصدرت المحكمة العليا أحكاما بالسجن تراوح بين 14 إلى 17 عاما بحق المدانين بهذه التهم في أعمال الشغب في 8 من كانون الثاني/يناير.
ما هي التداعيات السياسية؟
بقي بولسونارو إلى حد كبير حتى الآن شخصية مؤثرة في اليمين، رغم العديد من التحقيقات المتعلقة بالفساد وإساءة استخدام السلطة منذ تركه منصبه.
يستبعد مونتيرو أن تؤثر الفضيحة الجديدة على "الفئة الأكثر تطرفا من مؤيديه" ولكنها ستؤثر على شعبية بولسونارو على نطاق أوسع.
وأوردت شركة "كوايست" للابحاث والاستطلاعات أن 58% من الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي حول عملية الشرطة الخميس كانت منتقدة لبولسونارو.
وبحسب شركة أوراسيا غروب الاستشارية فإن "التداعيات على المدى القريب تبدو متواضعة"، لكنها "ستفاقم الانقسام السياسي في البلاد".