تقارير

اختراق هام في مفاوضات مسقط بالتخلي عن ملف القحطان
اختراق هام في مفاوضات مسقط بالتخلي عن ملف القحطان
أعلنت الحكومة اليمنية مساء السبت اختتام جولة المشاورات في العاصمة العمانية مسقط مع جماعة الحوثي، وتحقيق “اختراقات هامة” في ملف “المختطفين والمخفيين قسرا”، في الوقت الذي يقول فيه مراقبون إن الطرفين ما كانا ليتوصلا إلى هذه الاختراقات لولا ضغوط خارجية، خاصة ما تعلق منها بوفد الحكومة الذي يبدو أنه تخلى عن ملف إطلاق سراح القيادي الإخواني محمد القحطان.

ولم يكن التخلي عن موضوع القحطان تنازلا تلقائيا من وفد الحكومة بل هو جزء من ضغوط سعودية لإزالة العقبات التفصيلية التي يمكن أن تعرقل التوصل إلى تسوية للملفات الخلافية مقدمة لتسوية شاملة. وتريد السعودية ربح الوقت من أجل التوصل إلى تفاهمات واضحة تكون مقدمة لوقف الحرب في اليمن، والتي تعني تخلص السعودية من أحد أهم الأعباء التي واجهتها في السنوات الأخيرة، في وقت تسعى فيه الرياض لتوظيف كل إمكانياتها في إنجاز المشاريع الكبرى التي تضمنتها رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وكانت مصادر أكدت أن وفد الحكومة اليمنية ذهب إلى مسقط بتوجيهات سعودية واضحة لقيادة الشرعية وبناء على اتّفاق مسبق بين المملكة وسلطنة عمان على وجوب إبداء أكبر قدر ممكن من المرونة في المفاوضات وتجاوز أيّ عوائق وعراقيل يمكن أن تطرأ، وتسهيل التوصّل إلى اتّفاق ولو بالحدّ الأدنى ليكون منطلقا لوضع الأرضية الإنسانية ولاحقا الاقتصادية للانتقال إلى مرحلة مناقشة الحل السياسي الشامل للصراع اليمني.

وتحدث ماجد فضائل، المتحدث باسم الفريق الحكومي المفاوض بشأن ملف الأسرى، عن اختراقات هامة في مفاوضات مسقط. ‏وقال فضائل، وهو عضو الفريق المفاوض ووكيل وزارة حقوق الإنسان، “اختتمنا (السبت) الجولة التاسعة للمشاورات بشأن الأسرى والمعتقلين، والتي احتضنتها العاصمة العمانية مسقط خلال الأيام الماضية”. وأضاف “حققت المشاورات بعض الاختراقات المهمة في ملف المختطفين والمخفيين قسرا، على أن تعقد جولة تكميلية قادمة خلال شهرين، يسبقها تبادل كشوفات المحتجزين والمختطفين والتقارب حولها برعاية مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن (هانس غروندبرغ)”.

واتهم فضائل الحوثيين “بالعمل على إفشال أي تبادل في هذه الجولة، كونهم لا يقيمون للأسرى وعائلاتهم وزنا”. وقبل ذلك أعلن عبدالقادر المرتضى، مسؤول ملف الأسرى في جماعة الحوثي، استكمال مشاورات مسقط بعد الاتفاق على بعض النقاط أهمها حل الإشكالية بشأن القيادي الإصلاحي محمد القحطان، وتبادل بعض قوائم الأسرى.

◙ وفد الحكومة اليمنية ذهب إلى مسقط بتوجيهات سعودية واضحة لقيادة الشرعية وبناء على اتّفاق مسبق بين المملكة وسلطنة عمان على وجوب إبداء أكبر قدر ممكن من المرونة في المفاوضات

وأضاف المرتضى في بيان “نظراً لضيق الوقت تم الاتفاق على استئناف المفاوضات بعد شهرين، على أن يركز الطرفان اهتمامهما خلال هذه الفترة على استكمال رفع الكشوفات واعتمادها حتى انعقاد الجولة المقبلة”. ويظهر كلام فضائل والمرتضى أن ملف القحطان لم يعد مهما في المرحلة الحالية، وأن تأجيله سيفسح المجال لتمرير تفاهمات جزئية أخرى بدل الوقوف عند نقطة خلافية حساسة.

وكانت الحكومة اليمنية قد بدت مرتبكة حيال الموقف من محادثات مسقط حيث أعلنت قبل أيام من انطلاقها عدم نيتها المشاركة فيها وذلك تأثّرا بالشقّ الإخواني داخلها، لكن سرعان ما تبين أنّ ذلك الموقف المتسّرع غير منسّق مع قيادة الشرعية التي يبدو أنّها تلقّت توجيهات مختلفة من الرياض، الأمر الذي دفع الوفد الحكومي إلى التدارك وإعلان سفره إلى العاصمة العمانية للمشاركة في مفاوضات الأسرى. لكنّ حزب الإصلاح واصل شنّ حملته على جولة المفاوضات متّخذا من قضية القيادي في صفوفه محمد القحطان الأسير لدى الحوثيين منذ حوالي تسع سنوات ذريعة لتلك الحملة.

وهاجم محمّد اليدومي، رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح، الأداء الحكومي في مفاوضات مسقط، وقال في منشور له عبر منصّة إكس “صدر عن الأخ يحيى الشعيبي مدير مكتب رئاسة الجمهورية توجيه لفريق التفاوض حول الأسرى والمخفيين قسريا يؤكّد عليهم بعدم إبرام أيّ صفقة تبادل لا تشمل إطلاق سراح الأخ محمد القحطان، أو على أقل تقدير الكشف عن مصيره”. وأضاف “بعد هذا التوجيه انعقد في مسقط لقاء للميليشيا الحوثية تحدثت فيه بلغة واحدة وكنا نتمنى أن يكون للشرعية من يمثلها في هذا اللقاء”.

ولا يُعرف على وجه الدقة عدد الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين حاليا، لكن خلال مشاورات في ستوكهولم عام 2018 قدّم وفدا الحكومة وجماعة الحوثي قوائم بأكثر من 15 ألف أسير ومحتجز. والأربعاء أعلنت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي الاتفاق على تبادل القحطان، مقابل 50 أسيرا من الحوثيين. والأحد الماضي انطلقت مشاورات لتبادل الأسرى بين الطرفين في مسقط برعاية الأمم المتحدة.

وفي أبريل 2023 نفذت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي أحدث صفقة تبادل، تم بموجبها إطلاق نحو 900 أسير من الجانبين، بوساطة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة، بعد مفاوضات ثنائية في سويسرا. ومحمد القحطان قيادي بارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح وأحد 4 أشخاص مشمولين بقرار مجلس الأمن الدولي 2216 لعام 2015، الذي يلزم جماعة الحوثي بإطلاق سراحهم.

واعتقل الحوثيون القحطان من منزله في العاصمة صنعاء في 5 أبريل 2015، بعد أيام من فرض الجماعة إقامة جبرية عليه، وتقول أسرته إنها لا تعلم مصيره أو مكان اعتقاله، فيما لم يتم التواصل معه أبدا منذ احتجازه. ومنذ أبريل 2022 يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 10 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وقوات جماعة الحوثي المسيطرة على محافظات ومدن، من بينها العاصمة صنعاء، منذ 2014.

07 يوليو 2024

هاشتاغ

التعليقات