عربي ودولي

المتفرج: الحرب بين حزب الله وإسرائيل مجرد مشهد أمام الجيش اللبناني
المتفرج: الحرب بين حزب الله وإسرائيل مجرد مشهد أمام الجيش اللبناني
يكتفي الجيش اللبناني بمراقبة الاشتباكات الدائرة بين الجيش الإسرائيلي وقوات حزب الله منذ شن إسرائيل غزوها البري على لبنان، وهو ما يضعه في موقف المتفرج على الحرب الدائرة.

وليست هذه المرة الأولى التي يجد فيها الجيش الوطني نفسه يراقب الحرب في الداخل من موقع غير مريح.

وينأى الجيش اللبناني بنفسه عما يجري لأسباب سياسية حيث سيقوده الرد على إسرائيل إلى الانخراط في محور إيران، ما سيؤثر على علاقته الوطيدة بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى أسباب لوجستية حيث تضررت ترسانته خلال السنوات الأخيرة متأثرة بالأزمة الاقتصادية، بينما يبدو حزب الله، الذي يمتلك 100 ألف مقاتل مقابل 80 ألفا للجيش، أكثر قوة وترسانته العسكرية أكثر تقدما.

ويحظى الجيش اللبناني بشعبية واسعة، ويظل من المؤسسات القليلة التي تحد من مشكلة الانقسامات الطائفية والسياسية في البلاد.

الإدارة الأميركية تعتبر الجيش اللبناني جزءا أساسيا في أي حل دبلوماسي للحرب الحالية

وأصبح العديد من قادته رؤساء. ويعتبر القائد الحالي، العماد جوزيف عون، من المرشحين الأوفر حظا لتولي منصب الرئيس الشاغر منذ سنتين.

وشنت إسرائيل قصفا جويا كبيرا على لبنان وغزوا بريا خلال الأسابيع الأخيرة، تقول إنهما يهدفان إلى إبعاد حزب الله عن الحدود والسماح للسكان النازحين في شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وانسحب الجنود اللبنانيون من مراكز المراقبة على طول الحدود وانتشروا على بعد حوالي 5 كيلومترات حين شنت القوات الإسرائيلية غزواتها الأولى عبر الحدود ورد حزب الله بإطلاق الصواريخ.

ولم تتقدم القوات الإسرائيلية إلى هذا الحد حتى الآن. وكانت الاشتباكات المباشرة الوحيدة بين الجيشين في 3 أكتوبر الجاري؛ عندما أصابت نيران الدبابات الإسرائيلية موقعا للجيش اللبناني في منطقة بنت جبيل، ما أسفر عن مقتل جندي، ويوم الجمعة الماضي؛ حين قُتل جنديان في غارة جوية في المنطقة نفسها. وقال الجيش اللبناني إنه رد في المناسبتين.

ورفض الجيش التعليق على ما سيفعله إذا تقدمت القوات البرية الإسرائيلية إلى مسافة أبعد. وقال محللون مطلعون على طريقة عمل الجيش إنه إذا وصل التوغل الإسرائيلي إلى مواقع الجيش الحالية، فستخوض القوات اللبنانية معركة من المرجح أن تكون محدودة.

وقال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد حسن جوني لأسوشيتد برس إن “مهمة الجيش الطبيعية والتلقائية تكمن في الدفاع عن لبنان ضد أي جيش قد يدخل أراضي البلاد. وسيدافع عنها طبعا إذا دخل العدو الإسرائيلي ولكن ضمن الإمكانيات المتاحة… دون بلوغ حد التهور أو الانتحار”.

ويعد الغزو الإسرائيلي الحالي للبنان الرابع خلال السنوات الخمسين الماضية. ولعب الجيش اللبناني دورا هامشيا مماثلا في الغالب.

واعتبر آرام نركيزيان، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، أن الاستثناء الوحيد كان في 1972، عندما حاولت إسرائيل إنشاء منطقة عازلة بطول 20 كيلومترا لصد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية.

وقال نركيزيان لأسوشيتد برس إن الجيش اللبناني نجح آنذاك في إبطاء وتيرة التقدم الإسرائيلي و”وفّر الوقت للقيادة السياسية في بيروت للسعي إلى تدخل المجتمع الدولي من أجل الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار”.

لكن الوضع الداخلي في لبنان، بما في ذلك قدرات الجيش، تدهور عقب اندلاع حرب أهلية سنة 1975 استمرت 15 عاما. واحتلت القوات الإسرائيلية والسورية خلالها أجزاء من البلاد. وكان حزب الله الفصيل الوحيد الذي سُمح له بالاحتفاظ بأسلحته بعد الحرب الأهلية، لتحقيق الهدف المعلن المتمثل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان (الذي انتهى سنة 2000).

وقال نركيزيان إن الجيش اللبناني لم يكن “قادرا على الاستثمار في أي تحديث بعد الحرب، ولم يكن يستطيع ردع القوة الجوية الإسرائيلية… وتُرك مكشوفا تماما. وظهرت محدوديته في المرات القليلة التي اشتبك فيها الجيش اللبناني مع القوات الإسرائيلية عسكريا”.

وشهد الجيش اللبناني تدفقا جديدا للمساعدات العسكرية بعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا المجاورة خلال 2011 وظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فيها. وقاتل بنجاح ضد داعش على الحدود اللبنانية سنة 2017، لكنه لم يكن وحده، حيث كان حزب الله يهاجم الجماعة في الوقت نفسه على الجانب الآخر من الحدود.

ثم تلقى الجيش ضربة عندما انهار النظام المالي والعملة في لبنان سنة 2019. ولم تعد له ميزانية لشراء الأسلحة وصيانة معداته ومقاتلاته وطائراته الحالية. ويبلغ متوسط راتب الجندي الآن حوالي 220 دولارا في الشهر، ويلجأ الكثيرون إلى العمل في وظائف ثانية. وقدمت كل من الولايات المتحدة وقطر في مرحلة ما دعما شهريا لرواتب الجنود.

وكانت الولايات المتحدة الممول الرئيسي للجيش اللبناني قبل الأزمة. وقدمت له حوالي 3 مليارات دولار من المساعدات العسكرية منذ 2006، حسب بيانات وزارة الخارجية التي قالت إن الدعم هدف إلى تمكين الجيش من أن يكون قوة استقرار ضد التهديدات الإقليمية وتعزيز سيادة لبنان، وتأمين حدوده، ومواجهة التهديدات الداخلية، ومقاومة الإرهاب.

كما تعتبر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الجيش اللبناني جزءا أساسيا في أي حل دبلوماسي للحرب الحالية، آملة أن تؤدي زيادة نشر قواته إلى استبدال حزب الله في المنطقة الحدودية.

لكن لهذا الدعم حدوده. وكانت المساعدات الممنوحة للجيش اللبناني مثيرة للجدل سياسيا داخل الولايات المتحدة أحيانا، حيث يرى بعض المشرعين أنها يمكن أن تقع في أيدي حزب الله. ولا يوجد دليل على حدوث ذلك.

ويرى الكثيرون في لبنان أن الولايات المتحدة منعت الجيش من الحصول على أسلحة أكثر تقدما قد تسمح له بالدفاع عن الوطن ضد إسرائيل -أقوى حليف لأميركا في المنطقة- التي تلقت ما لا يقل عن 17.9 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية منذ اندلاع الحرب في غزة.

وقال وليد عون، وهو جنرال متقاعد في الجيش اللبناني ومحلل عسكري، “أرى شخصيا أن الولايات المتحدة لا تسمح للجيش اللبناني بامتلاك معدات دفاع جوي متطورة، ويتعلق هذا بإسرائيل”.

وقال نركيزيان إن المسألة “ليست نظرية مؤامرة أو نصف حقيقة”. وأشار إلى أن الولايات المتحدة وضعت شرطا قانونيا لدعم تفوق إسرائيل العسكري النوعي مقارنة بكل جيوش المنطقة الأخرى.

14 أكتوبر 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة