تقارير

من لبنان إلى اليمن.. ميليشيات
من لبنان إلى اليمن.. ميليشيات "فاسدة" حتى داخل بيئتها

منذ ما قبل انتخابات 2018، انعطف حزب الله نحو الاهتمام بالشأن الداخلي اللبناني، الاجتماعي والاقتصادي والإداري، رافعاً شعار "مكافحة الفساد" مدغدغا مشاعر اللبنانيين وأفكارهم خصوصا أنهم الشعب قد اكتوى من نار هذا الفساد. نيات الحزب من ذاك الشعار "مفضوح" وجلّ المراد منه لا يتعدى "التصويب على خصوم سياسيين"، والمتاجرة بمشاعر اللبنانيين.

تباعا بدأت الوقائع تكشف روائح فساد في صلب الحزب من الاتجار بالسلاح والمخدرات إلى أعمال تبييض للأموال، وهو ما وثّقته مرجعيات دولية، وكانت سبباً في فرض عقوبات عليه.

فرضت واشنطن عقوبات على مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق بحزب الله وفيق صفا، لتسهيله نشاطات الحزب، إلى جانب نائبين هما محمد رعد (رئيس الكتلة البرلمانية) وأمين شرّي.

ولوفيق صفا وضع خاص داخل حزب الله، إذ يعتبره البعض بمثابة وزير، يمتد نفوذه للمعابر البرية والجوية في لبنان، إلى جانب استمراره في مركز حسّاس داخل الحزب رغم التهم التي تطاله.

بدأت مسيرة صفا كبائع فقير قبل أن يُصبح "Dealer" كبيراً بفضل موقعه الحزبي وقربه من أمين عام الحزب، حسن نصر الله، علماً أن راتبه الشهري لا يتخطى الـ 1300 دولار أميركي، فيما يمتلك إمبراطورية تقدر بعشرات ملايين الدولارات ونفوذا موصوفا بحسب تقارير إعلامية لبنانية وأجنبية.

هذه الشخصية الأساسية والرقم الصعب بحزب الله تشرح الكثير عن الفرق بين القاعدة الحزبية وقادتها. معارضون للحزب أبدوا في أكثر من مناسبة امتعاضهم من الفوارق واستغلال قادة حزب الله لموقعهم على حساب بيئة شيعية "تنازع" حالها كحال اللبنانيين.

آخر فصول الفساد كشفه تقرير لموقع Lebanon Talks حول ميدان فساد جديد للمضاربة وبين دولار السوق السوداء ومنصة صيرفة وضحاياه من عائلات بيئة حزب الله في بلدات النبي شيت وشمسطار وبريتال واللبوة وبدنايل وعلي النهري. يكشف الموقع أن قياديين في حزب الله يأخذون الأموال من أقاربهم في تلك البلدات لاستثمارها في فارق الصرف بين السوق السوداء والمنصة وذلك بعد أن يوهمونهم أن الأموال محفوظة وبمعرفة وموافقة قيادة الحزب. الأموال "المنصوبة" حتى اليوم يقدرها الموقع بقرابة 4 ملايين دولار ويحكى في أوساط الأهالي أن الجناة يتحصنون بفتاوى من ما يعرف بقضاء حزب الله، وتنصّ على أنه "طالما لا توجد مستندات تثبت أن احداً له حق في ذمتكم فلا يحق لاحد بمطالبتك". وعُلم أن أصحاب الحق اشتكوا أمام قضاء الحزب وطالبوا بلقاء المسؤول هاشم صفي الدين، كما وقعوا على شكوى مكتوبة رفعوها إلى أمين عام حزب الله حسن نصرالله إلا أنهم لم يتلقوا اي ردّ. وذكر موقع Lebanon Talks أن المتورطين في تلك الجريمة المالية هم قياديون بـ"الوحدة الصاروخية في حزب الله".

هذا المثال الحي، ينسحب على اليمن. ففي العاصمة صنعاء، تبادل اتهامات بتبديد 40 مليار دولار.

الحوثيون.. والفساد

في صنعاء، تصاعد الصراع بين أجنحة ميليشيات الحوثي. اتهم تقرير متداول داخل الميليشيات جناح القيادي أحمد حامد المكنى "أبو محفوظ" مدير مكتب مهدي المشاط رئيس ما يسمى ـ "المجلس السياسي الأعلى" بنهب ما يقارب 40 مليار دولار خلال السنوات السبع الماضية.

ذكرت جريدة "الشرق الأوسط" أن التقرير الذي أعده بشكل سري أعضاء حوثيون في برلمان صنعاء أتهم جناح " أحمد حامد" بنهب أكثر من 14 مليار دولار من خزينة الدولة وعدد من صناديقها وحسابات مؤسساتها بينها مؤسسة التأمينات والمعاشات بشكل مباشر. ويضيف التقرير أنه تم بنهب أموال أخرى تقدر بنحو 13 مليار دولار، تحت مسمى "المجهود الحربي" وكفالة عائلات قتلى الحرب، وإيرادات قطاع النفط والغاز.

بحسب المصادر، فإنّ التقرير تم إعداده بإيعاز وتشجيع من قيادات في جناح محمد علي الحوثي، الذي يستحوذ على قطاع العقارات والمنظومة العدلية والأوقاف ويعتبر الأقوى في السيطرة على النشاط الاقتصادي في مناطق سيطرة الميليشيات.

يكشف التقرير عن جمع إتاوات بمبلغ 4.2 مليار دولار وجبايات من الشركات ورجال الأعمال والمطاعم والمزارعين باستثناء ما يجري تحصيله للمناسبات الدينية كعيد الغدير والمولد النبوي.

حاول التقرير تبرئة جناح "محمد علي الحوثي" زاعما أن الجهات التي تتبعه ومنها على سبيل المثال الأوقاف والزكاة والمنظومة العدلية، تورد ما تحصل عليه من مبالغ إلى البنك المركزي، على عكس ما تفعله الجهات والكيانات التي يديرها "أحمد حامد".

يرى خبراء اقتصاديون يمنيون أن التقرير الذي أعد في إطار صراع الأجنحة داخل الميليشيات يعترف بحجم الفساد الذي يمارسه أقطاب الحوثية للإثراء على حساب الشعب اليمني.

وبحسب "الشرق الأوسط"، كان مقرراً أن تعرض نتائج التقرير أمام برلمان صنعاء (التابع للحوثيين) إلا أن ضغوطاً من أعلى هرم قيادة الميليشيات حالت دون ذلك خشية ما قد يثيره من غضب شعبي ضد الحوثيين.

يبدو بالخلاصة، أنّ الحال واحد بين فساد قيادات حزب الله وفساد قيادات الحوثي، ومحاولات التعتيم على امتعاض القاعدة الشعبية للجماعتين قد تُخفى لحين ويُعتّم عليها لكن النقمة إلى ازدياد.

28 يوليو 2023

هاشتاغ

التعليقات