اخبار

نقابة التعليم الأساسي في تونس تصعّد ضدّ وزارة التربية بملف الشواغر
نقابة التعليم الأساسي في تونس تصعّد ضدّ وزارة التربية بملف الشواغر
دشّنت الجامعة العامة للتعليم الأساسي في تونس (نقابة)، مرحلة جديدة من التصعيد ضدّ وزارة التربية من خلال إثارة ملف إدارات المدارس الابتدائية الشاغرة ومشاركة الوزارة في تسيير دواليب قطاع التعليم، في وقت يرى مراقبون أن الخطوة ليست من مشمولاتها. ولم ينف مراقبون أن يكون الهدف من تصعيد نقابة التعليم الأساسي، بعد فترة من الهدوء، إرباك وزيرة التربية المعينة حديثا، ومحاولات للضغط عليها حتى لا تكسب “معركة” السيطرة على قطاع التعليم الذي ظلّ متخبطا في الأزمات والصعوبات.

ويضيفون أنه ربما ترسّخ لدى النقابيين أن الوزيرة الجديدة السائرة بجدية نحو إصلاح القطاع، ستفتح سريعا ملفات مسكوتا عنها تتعلق بالخروقات والتجاوزات من قبل النقابة، مع إمكانية القيام بمراجعات لا تخدم مصالح النقابات. كما يمكن أن يكون أيضا دليلا جديدا على أن جامعة التعليم لم تتعلم من دروس أزمتها مع الوزارة ومن ورائها الحكومة التي حسمت الجدل في عدة ملفات تتعلق بالقطاع.

ودعت الجامعة العامة للتعليم الأساسي في تونس (نقابة تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل)، في بيان لها مساء الثلاثاء، وزارة التربية إلى سحب المنشور والبلاغ المتعلقّين بإسناد إدارات المدارس الابتدائية الشاغرة، معتبرة أنها تنمّ عن نكث العهود وعدم الإيفاء بالالتزامات ونسف المكتسبات. وحثّت النقابة وزارة التربية إلى الدخول في مفاوضات عاجلة معها بما من شأنه أن يضع حدا للانتهاكات التي طالت مكتسبات نافذة منذ عقود ومنظمة بمقتضى اتفاقيات مبرمة بين الطرفين، معبّرة عن استنكارها بشدّة لسياسات تجاهل الطرف الاجتماعي وضرب المكتسبات.

وبيّنت أن إصرار الإدارة على ضرب الاتفاقيات النافذة بشكل منفرد ودون تفاوض في الأمر مع الجامعة العامة إنما يؤكد حقيقة فاضحة جوهرها ضرب الحق النقابي من خلال التملّص من تطبيق النصوص الاتفاقية.

ودعت الجامعة من ناحية أخرى منظوريها  إلى مقاطعة عملية الإسناد التي ستشكل مخرجاتها “عبئا إضافيا على المدرسة الابتدائية بالنظر إلى الخروقات المرتبطة بها الأمر الذي أثبتته تجربة السنة المنقضية”، معتبرة أن هذا الإسناد الذي ينظمه المنشور ويحدّد البلاغ كيفية المشاركة فيه وآجال ذلك، يفتقر إلى العنوان السانح بتصنيفه إن كان عملية تكليف بخطة وظيفية دائمة لإدارة مدرسة ابتدائية أم هي عملية تكليف محدّدة في زمنها.

وأوضحت الجامعة العامة للتعليم الأساسي أن الشرط الأساسي لاكتساب حق المشاركة في ما وصفته بهذه “المهزلة” المتعلقة بالعدد البيداغوجي (20/12) يكشف النقاب عن استخفاف الوازرة بالمدرسة الابتدائية وعدم اكتراثها لأحد أبرز مهام المدير ووظائفه وواجباته المتصلة بالتأطير البيداغوجي بدليل العدد المستوجب والذي يمكن إدراكه بعد ثلاث سنوات أقدمية.

وبيّنت أن السن القصوى المحدّدة للمشاركة في عملية الإسناد (52 سنة) بقدر ما هو مخالف للناجز منذ سنوات (57 سنة) فإنّه يثبت مرة أخرى رهانات وزارة التربية “الخاطئة” التي تستبعد عامل الأقدمية بما يعنيه من مهارات اتصالية ومران ومراس بيداغوجي ودراية واسعة بأسرار وقواعد التدبير الفعال والناجع للشأن التربوي عامة وللمدرسة بشكل خاص رغم افتقارها إلى أبسط مقومات الإدارة.

واعتبرت الجامعة أن شرط الشهادة العلمية للمشاركة في عملية الإسناد الذي تنظر له وزارة التربية هو شرط إقصائي يستبعد فئات واسعة من أبناء القطاع تتميز بخبراتها الكبيرة على كافة الأصعدة في غياب الحجج المبررة لهذا الخيار والدالة على طابعه الوظيفي. وأفاد فريد الشويخي الخبير في علم النفس التربوي، أن “تحرك نقابة التعليم الأساسي في هذا التوقيت يقرأ على كل الاحتمالات وأولها سياسة الوزيرة الجديدة التي تم تعيينها منذ أيام والخلافات السابقة التي كانت بينها وبين وزير التربية المقال محمد علي البوغديري باعتباره وزيرا قادما من الهيكل النقابي".

وأضاف لـ”لعرب”، “جامعة التعليم تريد أن تتحرك سريعا، خصوصا وأن اتفاق العام الماضي لم ينل إعجابها، فتمت معالجة أزمة التعليم الثانوي مقابل تجاهل نقابة التعليم الأساسي". ولفت الشويخي إلى أن “النقابة تريد مشاركة وزارة التربية في تسمية مدراء المدارس وتعيينهم، وتسعى للإيفاء بوعودها لمنظوريها، لكن التعيين من مشمولات الوزارة فقط ودور نقابة التعليم تغير بعد 2011، فأصبحت تشارك الوزارة في التسيير، وهذه خطوة سياسية بالأساس".

ولم يخف الخبير في شؤون التربية وجود "استهانة بالوزيرة الجديدة، مع محاولات لإرباكها حتى لا تفتح الملفات سريعا، ومن الوارد جدا أنها ستفعل ذلك وخصوصا فتح تلك الملفات المتعلقة بالخروقات والتجاوزات من قبل النقابة، لأنها امرأة تتبع مسار الإصلاح في قطاع التعليم". وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أقال الاثنين وزير التربية محمد علي البوغديري من منصبه، وعين سلوى العبّاسي خلفا له، بعد أن اتهمته بالتقصير في فتح ملف تزوير شهادات علمية.

وبحسب بيان مقتضب صادر عن الرئاسة التونسية نشرته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك فقد قرر سعيّد “إعفاء محمد علي البوغديري من مهامه وزيرا للتربية، وتعيين سلوى العبّاسي (متفقدة في قطاع التعليم الثانوي وأستاذة عربية) خلفا له". وسلوى العبّاسي، هي أوّل امرأة تقود وزارة التربية، وهي وزارة مهمة وذات ثقل واسع من حيث عدد المنخرطين، وتعرف خلافات كبيرة مع النقابيين حول عدّة ملفات وعلى رأسها المطالب الماديّة للمدرسين.

في المقابل، شهدت فترة توّلي البوغديري لمهامه على رأس وزارة التربية صداما بين الوزارة ونقابات التعليم التي خاضت عدّة إضرابات، للضغط على السلطات بهدف تحسين أوضاعهم المالية، قرّر على إثرها الوزير تعليق دفع رواتب آلاف المدرسين وإقالة المئات من مدراء المدارس، في خطوة تسبّبت بعدّة توّترات في قطاع التعليم.

وقال وزير التربية السابق ناجي جلول، "الوزير السابق (محمد علي البوغديري)، كانت علاقته سيئة جدا مع النقابة، والوزيرة الجديدة لا أعتقد أنها معنية بهذا التصعيد". وأكد في تصريح لـ"العرب"، "الخلاف حول التسيير المشترك وهو شعار غريب جدا، لكن من يعين هو وزارة التربية” متسائلا “ما دخل نقابات التعليم في التعيين؟".

وأشار ناجي جلول (رئيس حزب الإتلاف الوطني التونسي) إلى أن "نقابات التعليم في تونس بعد 2011 أصبحت تتدخل في كل شيء"، مشيرا إلى أن “الوزيرة الجديدة سلوى العباسي تحظى بسمعة جيدة لدى رجال التعليم، وهذه المرأة يمكن أن تكون إحدى حلول الوزارة في المرحلة القادمة".

وإقالة البوغديري من منصبه هي الثانية في أقل من شهر في حكومة أحمد الحشاني، ففي 12 مارس الماضي، أقال سعيّد وزير النقل ربيع المجيدي، وكلف سارة الزنزري وزيرة التجهيز والإسكان بتسيير وزارة النقل بصفة مؤقتة، وإعفاء وزيرة الثقافة حياة قطاط وتكليف منصف بوكثير وزير التعليم العالي والبحث العلمي بتسيير الوزارة بصفة مؤقتة، وفق بيان للرئاسة، ودون ذكر الأسباب.

04 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات