عربي ودولي

استحالة الحسم العسكري تدفع فرقاء السودان إلى استئناف مفاوضات جدة
استحالة الحسم العسكري تدفع فرقاء السودان إلى استئناف مفاوضات جدة
في ظل جمود دبلوماسي وقتال متوسع، يأمل السودانيون أن يستأنف الجيش وقوات الدعم السريع مفاوضاتهما بمدينة جدة السعودية، في مايو المقبل، لإنهاء الحرب المستمرة بينهما منذ عام.

ويرى محللون أن من أبرز دوافع احتمال استئناف المفاوضات، هو تفاقم الكارثة الإنسانية، وعجز أي من طرفي الحرب عن الحسم عسكريا أو تحقيق اختراق دبلوماسي أو تكوين حاضنة شعبية.

ويشير هؤلاء المحللون إلى أن قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان بات يرغب في إنهاء الحرب عبر التفاوض خشية تداعيات بالغة الخطورة، لكن حلفاءه الإسلاميين المستفيدين من الحرب يدفعون نحو تأجيج نيرانها ووضع العراقيل أمام أي مفاوضات لتسوية الصراع لا تسوعبهم ولا تضمن مصالحهم.

ويؤكد هؤلاء أن نجاح مفاوضات جدة المرتقبة رهن ليونة البرهان وتخليه عن محاذيره، إذ إن محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد أبدى استعدادا لوقف القتال في منابر جدة السابقة.

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش والدعم السريع حربا مروعة، خلّفت نحو 15 ألف قتيل وحوالي 8.5 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة، فضلا عن دمار هائل بالبنى التحتية.

وسبق وأن استضافت جدة محادثات برعاية سعودية – أميركية، في الحادي عشر من مايو 2023، أسفرت عن أول اتفاق لطرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين. كما تمكن مسار جدة من إعلان أكثر من هدنة، لكن وقعت خلالها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر 2023.

وآنذاك فشل الطرفان السودانيان في التوصل إلى تفاهمات لوقف إطلاق النار، وتمسك الجيش بخروج الدعم السريع من المؤسسات الحكومية وهي مطالب يعرف الجيش السوداني مسبقا أنها مرفوضة.

ومنذ ذلك الوقت، تصاعد القتال وتمدد إلى مناطق إضافية، وشمل ولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وسنار إلى جانب ولايات دارفور (5 ولايات) وكردفان (3 ولايات).

وتزايدت دعوات أممية ودولية إلى تجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.

ومع مرور عام من القتال، قال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو، عبر منصة إكس، منتصف أبريل الجاري، إن “الحرب على الشعب السوداني يجب أن تنتهي الآن”.

وتابع “ونظرا للحاجة الملحة إلى السلام، نرحب بقرار السعودية استئناف محادثات جدة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة”.

وجاء حديث بيرييلو عقب لقائه وليد الخريجي نائب وزير الخارجية السعودي، على هامش مؤتمر باريس حول السودان.

وبينما التزمت الخارجية السعودية الصمت حيال احتمال استئناف المفاوضات، أفادت بأن الخريجي بحث مع بيرييلو تطورات الأوضاع على الساحة السودانية.

البرهان عالق

يدفع الوضع الإنساني الكارثي، حسب مراقبين، الأطراف الدولية المعنية إلى التحرك لإيجاد تسوية تنهي الحرب.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في بيان منتصف أبريل الجاري، أن نحو نصف سكان السودان، أي 25 مليون شخص، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية.

ومع مرور عام على الحرب، أضافت “أوتشا” أن “حوالي 5 ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، ويواجه 18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد”.
ويقول المحلل السياسي يوسف حمد إن “هذه الحرب بدأت بلا مبرر”.

وتابع حمد “رغم وجود دوافع حركت الطرف البادئ بإطلاق النار، لكن اتضح أنه من المستحيل تسويق هذه الدوافع في خطاب سياسي يبرر استمرار القتال”.

وأردف “الآن، ليس بوسع الجيش أو الدعم السريع تحقيق انتصارات عسكرية واضحة على الأرض، وكذلك ليس من السهل عليهما تحقيق اختراق دبلوماسي”.

كما “فشلت مساعيهما لبلورة خطاب سياسي يوفر لهما حاضنة اجتماعية بين المواطنين، ولهذا فهما معزولان تماما لأنهما أحدثا كارثة مجانية”.

ورجح أن مع وضع الجيش والدعم السريع الراهن فإن “القليل من ضغط المجتمعين الدولي والإقليمي سيجبرهما على التفاوض”.

جهات مستفيدة
يرى المحلل السياسي عثمان فضل الله أن من “الملاحظ رغبة الجيش في إنهاء الحرب عبر التفاوض”.

واستدرك “لكن هناك جهات (لم يسمها) مستفيدة من الحرب تدفع نحو استمرارها وتأجيج نيرانها ووضع العراقيل أمام أي محاولات لإنهائها بالتفاوض”، في إشارة إلى الإسلاميين.

وأضاف “الجيش يعلم أن هذه الحرب لا يمكن حسمها عبر السلاح، وأن تداعيات ذلك على البلاد بالغة الخطورة.

ولهذا تجد محاولاته للتفاوض، غير أنه لا يستطيع الفكاك من تحالفاته مع أطراف (الإسلاميون) تؤجج الصراع”.

26 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات