عربي ودولي

عاصفَة اللاذقيّة تكشُف الضُعف والفوضَى!
عاصفَة اللاذقيّة تكشُف الضُعف والفوضَى!
منذ أيّام شهدت اللاذقية عاصفة مطريّة تسبّبت بسيُول وفيضانات تعدّ الأسوأ منذ سنوات، وبسبب ذلك حصلت أضراراً كبيرة في البنية التحتيّة وبيوت وممتلكات السكّان المحلّيين، كذلك تعرّضت للضرر مؤسسات حكومية تابعة للنظام بالمدينة، في حين لم تسجّل إصابات بين المدنيين وفقاً لعدّة وسائل إعلامية.

ماهي الأضرار بالتحديد؟ ماقصّة "نهر الغاز" والإستنفار الحكوميّ-الأمنيّ للبحث عن الإسطوانات المفقودة؟ هل كشف العاصفة "فضائح" عن ضعف سلطات النظام بتقصيرها في محافظة اللاذقيّة والفوضى الّتي حصلت بسبب السيول؟ لماذا دوت صفّارت الإنذار لعدّة مرّات في المدينة وقت العاصفة؟

أضرار بالجملة بالمدينة والريف

أشارت محافظة اللاذقية إلى أنّ العاصفة الّتي استمرّت لمدة يومين ضربت معظم الممتكات العاّمة بشكل خاص وأضرّت العديد منها. من جهته أصدر محافظ اللاذقية عامر اسماعيل هلال ، قراراً بتعطيل جميع المدارس العامّة يوم الأحد الماضي نتيجة الاحوال الجويّة السائدة في المحافظة.
 
مصادر إعلاميّة قي اللاذقيّة صرّحت لـ"جُسور"  بأنّ كلام المسؤولين السوريين سواءً باللاذقية أو على مستوى الحكومة، هو كلام غير دقيق، حيث أنّ العاصفة الّتي سببت سيول وفيضانات في شوارع المدينة كذلك الريف لم يكن معظمها لممتلكات الدولة، وبحسب المصادر الأضرار الكبيرة كانت من نصيب قرى وأرياف اللاذقية خصوصاً على الثروة الحيوانيّة والمواشي والمزارع والأراضي، كذلك في المدينة تضرّر عدد كبير من البيوت الّتي أخلاها سكّانها بصعوبة دون وجود جهة رسميّة تُساعدهم أو تُحصي الأضرار الماديّة في البيوت كذلك في العديد من سيارات المدنيين، على وجه الخصوص في مناطق شارع الجمهورية والزقزقانية ومنطقة القنجرة والرمل الجنوبي ودوار الأزهري وغيرهم

من جهتها أشارت صحيفة "البعث" الحكومية التابعة للنظام السوري بأنّ الأضرار الزراعية الناجمة عن الظروف المطرية الشديدة "شبه غائبة" في مشهد العاصفة، بحسب قولها.. مضيفةً بأنه بحسب "المعطيات المتوفرة" لم يحدث سوى غمر أجزاء من "المبقرَة" الخاصَة الكبيرة في الزقزقانية بمدينة اللاذقية، كذلك غمر بعض أجزاء من أراض زراعية بسبب "سوء تصريف في شبكات الصرف"، وارتفاع منسوب المياه في الأراضي المنخفضة سيئة الصرف.

كلام الصحيفة يتعارض مع كلام عدّة شخاص تواصلت معهم "جسور" في اللاذقية وريفها، حيث أشاروا إلى أنّ الضرر تجاوز ما سوّقته وسائل الإعلام الرسميّة التي لم تصدق في الإحصائيات والأرقام كالعادة والأضرار، في حين سجلت مئات الشكاوى عن أضرار تسبب بها العاصفة لممتكات وأراضي زراعية، وسبب عدم ذكر الأضرار من قبل السلطات سببه الهروب من التعويض بإنكار تلك الأضرار الجسيمة.

 ونقلت الصحيفة الحكوميّة عن "رئيس دائرة صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية" المهندس زاهر تويتي، بأنه لم يتمّ الإبلاغ عن وقوع أضرار زراعية جرّاء العاصفة، مضيفاً أنّ الاستفادة من "تعويض الصندوق" تقتضي حصول أضرار ما نسبته ٥٠٪ من إجمالي الإنتاج عند المزارع، بما في ذلك المربّي للثروة الحيوانية.

مديرية الزراعة باللاذقيّة أحصت وفقَ مصادرها الخسائر التي طالت قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، وقالت أنه تم الإبلاغ عن نفوق 8 رؤوس من الأبقار في موقع الزقزقانية، إضافة إلى الإبلاغ عن عدة حالات غمر لأراضي مزارعين ولكن لم يتم إحصاء الأضرار بعد.

نهر الغاز!
انتشرت في الأسبوع الماضي عدّة مقاطع فيديو لسيول تحمل آلاف إسطوانات الغاز المنزلي في شوارع اللاذقية، واجتاحت تلك السيول وحدة تعبئة الغاز في مؤسسة حكوميّة "معمل سنجوان للغاز" وتوقف العمل فيه، ووفق مصادر رسميّة إعلاميّة جُرفت نحو 36238 أسطوانة غاز منزلي وتجاري بسبب ذلك، وصرّحت وزارة النفط السورية إنها استعادتها ما عدا 744 أسطوانة ما زال البحث جارياً عنها.

وقال أحد سكّان مدينة اللاذقية لـ"جسور" بأنّ "نهر الغاز" الّذي شاهدهُ الجميع جعلَ سكّان المدينة في حالة غضب بسبب المعاناة من نقص تلك المادة الّتي يحصل فيها المواطن على اسطوانة غاز واحدة لعائلة كاملة وذلك كلّ 90 يوماً وفقاً للـ"البطاقة الذكيّة"، وتتحجج الحكومة بأنّ مادة الغاز نادرة وتعاني الحكومة من أزمة لتوفيرها بسبب العقوبات الغربيّة وتلك الحجج الواهية الّتي لم يعد يصدقها طفل صغير!

ويتابع "بالدليل القاطع آلاف إسطوانات الغاز تسبح في فيضان شوارع اللاذقية ما يكشف كذب تلك الحكومة الّتي تسمح بالخفاء لبيع جرّة الغاز بأسعار خيّالية بالسوق السوداء ومتوّفر بكلّ الأوقات! في حين ينتظر المواطن الفقير ثلاثة أشهر لكي يتمتّع بطبخة شتوية تدفئهُ بغياب وسائل التدفئة..والآن سترتفع أسعار الغاز طبعاً وسيضع سارقي الحكومة و"شبه الدولة" التي نعيش فيها، حجّة جديدة وهي أنّ السيل ابتلعها".

ويضيف الشخص الذّي يسكن بمنطقة قريبة من حادثة نهر الغاز -كمّا سماها-، بأنّه من المعروف شعبياً أنّ تلك الحادثة غالباً مُفتعلة لتغطية السرقة والنقص من قبل مستودع الغاز، والدليل أولاً لماذا كانت أبواب المنشاة الحكوميّة مفتوحة ومن دون حرّاس في ذلك اليوم الطقس العاصف! وثانياً بانّ الحادثة تكّررت للمرة الثانية حيث حصل نفس الأمر في عام 2020 وجرفت السيول إسطوانات الغاز.. والمثير للسخريّة بحسب قوله إنّ قوى من الجيش والأمن استنفرت للبحث عن اسطوانات الغاز المفقودة، وسطَ اتهامات من أولئك بأنّ سكّان المدينة سرقوها..ويختم حديثهُ: "انا بدوري أقول لمن سرقها صحتين عقلبكم".

الجدير بالذكر أنه في عام 2020 جرت نفس الحادثة ، حيث أدت السيول وقتها لجرف ألفي أسطوانة غاز في اللاذقية إلى مسافة 3 كم، وذلك وفق ما صرّح به مدير "سادكوب" حينها لوكالة سانا الرسميّة التابعة للنظام السوري.

وشهدت القوى الأمنيّة استنفاراً غير مسبوق في اللاذقية لاسترجاع "جرّات الغاز" حتّى وصلت الأمر لاستدعاء غوّاصين للبحث عنها! فقالت مصادر أنّ عمليات البحث مستمرّة وبأن 450 ضابطًا وعنصراً من "القوى البحرية" في الجيش ساعدوا على تجميع وتحميل أسطوانات غاز انجرفت من المستودعات إلى شوارع المدينة، وإعادتها إلى المستودعات.

توقّف الكهرباء و صفّارات إنذار!

تسببت العاصفة بأعطال مُختلفة تعرضت لها شبكة الكهرباء بمحافظة اللاذقية، وذلك وفقاً لمصادر عدّة..ونقلت صحيفة "تشرين" الرسميّة التابعة للنظام السوري عن مدير كهرباء اللاذقية جابر عاصي، بأن الأضرار طالت مختلف شبكات الكهرباء، وأن "التوتر المنخفض" على مستوى جميع مراكز الصيانة تعرّض لـ106 أعطال.
 
وبحسب الوزير تلك المراكز توزّعت على أقسام الكورنيش الشمالي والجنوبي، جناتا، البرج، عين البيضا، البهلولية، الدعتور، سقوبين، اسطامو، البصة، الرمل الجنوبي.

من ناحيةٍ أُخرَى تداولت وسائل إعلام محليّة سوريّة وكذلك وسائل التواصل، عن سماع أصوات صفّارات الإنذار بمدينة اللاذقية لعدّة مرّات في نفس أيام العاصفة، ما أثار الذعر والخوف الكبير بين السكان ، وتقول لمى "موظفة حكومية تعمل في مدينة اللاذقية" إن صوت تلك الصفّارات كانَ واضحاً ومسموعاً بمعظم مناطق المدينة، مضيفةً أنّ الغريب بالأمر هو التبرير الرسميّ بأنّ سبب دوي الصفّارات نتيجة "ماس كهربائي"، في حين قالت مصادر ثانية بأنها أُطلقت "بالخطأ " بسبب خلل فنّي سببه العاصفة!

وتضيف لمى: "المضحك بالموضوع هو أن "الماس الكهربائي" شمّاعة تستخدما الحكومة والسلطة لإخفاء ضعفهم، كما يحدث حينَ تحترق محلات تجارية بدمشق أو حتى حينَ يتعرّض البلد لعدوان إسرائيلي أحياناً يقولوا أن السبب ماس أيضاً! وللعلم أنه منذ 2011 وماجرى من معارك وحروب وتفجيرات وفوضى أمنية وغيرها، لم تدوي صفّارة إنذار واحدة في اللاذقية إلا بالخطأ وقت العاصفة، ويبدو أنها مخصصة ومبرمجة فقط لتحذيرنا من العواصف والبرق والفيضان ولا تعمل على الحروب أو الفوضى الامنيّة!"

وتختم: "ويسخر الناس من أنه كيف الكهرباء تعطّلت بكل المدينة وقتها إلا مكان تشغيل صفارت الإنذار؟ يعني أنه يوجد كهرباء بالحقيقة لكنها تختفي عن بيوت الشعب الّذي يعيش في عتمة منذ سنوات وسيظلّ يعيش في ذلك خصوصاً في هكذا دولة فاشلة بكلّ المقاييس وعلى كافة المستويات".

22 فبراير 2024

هاشتاغ

التعليقات