عربي ودولي

الاستحواذ القطري على باريس سان جرمان يضر بالدوري الفرنسي
الاستحواذ القطري على باريس سان جرمان يضر بالدوري الفرنسي
اعتبر رجل الأعمال الأميركي جون تكستور مالك نادي ليون أن هيمنة باريس سان جرمان (بي أس جي)، المملوك قطرياً، على الدوري الفرنسي لكرة القدم لا تساعد في الترويج للبطولة المحلية.

ومنذ أن شرع النادي، الذي يقوده ناصر الخليفي رئيس شبكة “بي إن سبورت” القطرية، في ضخ الأموال الطائلة لاستقدام النجوم فقدَ الدوري الفرنسي التنافس الذي كان يعرف به، وباتت البطولة محسومة سلفا، وفقدت الفرق التقليدية مثل مرسيليا وموناكو الرغبة في التنافس وجلب اللاعبين والإنفاق دون انتظار النتائج بسبب الفارق الكبير في الاستثمارات المالية.

ويشعر ملاك النوادي الفرنسية، سواء منهم الفرنسيون أو الأجانب، بأنهم لا ينافسون فريقا فرنسيا بل حكومة بإمكانيات مالية بلا حدود، ما يجعل من الصعب الفوز على “بي أس جي” في حين أن الرياضة أساسها المنافسة التي تكون فيها النوادي بإمكانيات قريبة من بعضها البعض.

وبعد استجلاب نجوم مثل الأرجنتيني ليونال ميسي والبرازيلي نيمار دا سيلفا بمبالغ ورواتب خيالية، وفي ظل الإنفاق الضخم والأرقام الخرافية التي وضعت على ذمة كيليان مبابي للبقاء في الفريق شعرت بقية الفرق بأن باريس سان جرمان أصبح مثل قوة عظمى في مجال كرة القدم الفرنسية، لا مجال للانتصار عليها.

ورغم أن سياسة استجلاب النجوم كانت فاشلة ولم تحقق للفريق نتائج ذات قيمة في رابطة الأبطال الأوروبية، فإن المالك القطري لنادي العاصمة الفرنسية يستمر في ضخ الأموال لجلب اللاعبين والمدربين ويزيد من الفوارق بين الفريق وبقية الأندية الفرنسية، ما حدا بمالك نادي ليون إلى التساؤل “من سيهتم بالدوري الفرنسي ومتابعته إذا كنا نعرف سلفا من سيفوز باللقب؟”.

وأضاف تكستور، خلال قمة أعمال كرة القدم التي نظمتها صحيفة “فايننشال تايمز” في لندن، “في فرنسا كل الفرق تتنافس على المركز الثاني، البطل هو ذاته في كل عام. الفرق الأخرى تتنافس مع حكومة وليس مع مؤسسات خاصة”. وكشف “قلت (لرئيس باريس سان جرمان القطري) ناصر (الخليفي) في أحاديث خاصة وأحيانا أمام الرأي العام: هل يستمتع أحد (بما يحصل)؟ لماذا تحب هذا الأمر؟”.

وبعد شراء شركة قطر للاستثمارات الرياضية نادي العاصمة في 2011 أحرز باريس سان جرمان لقب الدوري المحلي 9 مرات، لكنه مازال يلهث وراء أول ألقابه في دوري أبطال أوروبا. وظل “بي أس جي” مثار شكوك واتهامات بخرق قواعد اللعب النظيف بسبب الصفقات الكبيرة التي أبرمها، ومنها صفقة نيمار وتسديد قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب مع برشلونة، والتي بلغت 222 مليون يورو كأغلى لاعب في تاريخ اللعبة.

وكان الاتحاد الأوروبي فرض عقوبة على باريس سان جرمان بلغت 65 مليون يورو لمخالفة قانون اللعب المالي النظيف. وإذا واصل النادي مخالفة اللوائح الصارمة للاتحاد الأوروبي واللعب المالي النظيف، فسيكون مهددا بالاستبعاد من دوري أبطال أوروبا.

لكن الأموال الخيالية التي أنفقها النادي الباريسي لم تشعر ميسي الحائز على كأس العالم بالراحة ولم تشجعه على البقاء في الفريق فانتقل إلى إنتر ميامي الأميركي، ومثله فعل نيمار بالذهاب إلى الدوري السعودي. ولم تُجْد الضغوط المختلفة لإقناع مبابي بفكرة البقاء في الفريق نفعًا، وسط تقارير عن رحيله شبه المؤكد إلى ريال مدريد الإسباني وهدفه نيل لقب رابطة الأبطال الذي استحال عليه التتويج به وهو في صفوف باريس سان جرمان.

وحين فشلت إدارة الخليفي في إقناع مبابي بتجديد العقد الذي سينتهي في 30 يونيو القادم، تردد أنه جرت محاولات لإقناعه بتجديد العقد على هامش حفل العشاء الذي تم استدعاؤه للمشاركة فيه بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي زار باريس قبل يومين.

◙ الأندية الفرنسية تشعر بأنها لا تنافس فريقا فرنسيا بل حكومةً بإمكانيات مالية بلا حدود، ما يجعل من الصعب الفوز على "بي أس جي"

ووجه ماكرون الدعوة إلى مبابي لحضور مأدبة عشاء في قصر الإليزيه، شهدت حضور نخبة من الرياضيين الفرنسيين، ورئيس الاتحاد الفرنسي، ورئيس رابطة الدوري الفرنسي، ووزيرة الرياضة الفرنسية.

وقال ماكرون “كان من الطبيعي أن يكون مبابي حاضرا، فهو بطل عظيم ساعد على تواجد المنتخب في نهائي كأس العالم الذي أقيم في قطر”. والتقطت الكاميرات رسالة أمير قطر إلى مبابي بقوله “حظا سعيدا لك”، بينما داعب الرئيس الفرنسي النجم الباريسي قائلا “ستسبب لنا الكثير من المشاكل”.

ويذكّر حفل العشاء والحفاوة التي استُقبل بها مبابي بحفل غداء شهير في قصر الإليزيه سنة 2010 حضره أمير قطر والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وأسطورة فرنسا في كرة القدم ميشال بلاتيني، الذي كان يرأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وجرى حديث عن تدخل ساركوزي لدى بلاتيني من أجل التصويت لصالح استضافة قطر مونديال 2022. وجرى اللقاء قبل عشرة أيام على حلول موعد التصويت.

وهو ما اعترف به رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جوزيف ساب بلاتر الذي طالته التحقيقات في ما بعد. وأكد بلاتر أن منح قطر تنظيم مونديال 2022 تم بعد تدخل من جانب ساركوزي لدى بلاتيني. وقال “تم تعيين قطر لتنظيم مونديال 2022 بعد تدخل من الرئيس ساركوزي الذي طلب من بلاتيني أن يصوت مع المقربين منه لصالح قطر”.

وأفلت باريس سان جرمان من احتمال التعرض لعقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي في الصيف المقبل، بسبب قانون اللعب المالي النظيف. وتستخدم قطر الرياضة بشكل متزايد لإظهار قوتها الناعمة، إلا أن تحركاتها تشوبها الاتهامات بالفساد إذ لا يزال ملف مونديال قطر 2022 مفتوحا على التحقيقات بشأن دفع رشى ليقع عليها الاختيار.

02 مارس 2024

هاشتاغ

التعليقات