في ظل تعاظم التطورات العسكرية والأمنية على الجبهة الجنوبية مع العدو الصهيوني والمخاوف الكثيرة من قيام العدو بعملية عسكرية كبيرة تستهدف لبنان، تنشط العديد من المؤسسات والهيئات الحوارية اللبنانية للبحث عن مخارج للأزمة اللبنانية والتوصل الى رؤية موحدة لمواجهة مختلف التحديات الوطنية.
وتتوزع هذه الحوارات بين حارة حريك حيث تنشط مؤسسات حوارية عدة لإطلاق حوار وطني لتوحيد الموقف من التطورات في فلسطين ومواجهة الاعتداءات الاسرائيلية ، وقد احتضن المجمع الثقافي الجعفري للبحوث والدراسات الاسلامية وحوار الاديان يوم الثلاثاء الماضي لقاءً حاشدا للعديد من الشخصيات الفكرية والسياسية والإعلامية للبحث في التطورات الجارية وكيفية مقاربات الموقف من الأوضاع في فلسطين وتجاوز الخلافات الداخلية لتوحيد الموقف الوطني ضد العدو الاسرائيلي، وقدمت في اللقاء العديد من المداخلات والاقتراحات، وتقرر في ختامه العمل لوضع وثيقة وطنية مشتركة تحدد الرؤية اللبنانية والوطنية من التطورات وفي مواجهة العدو الصهيوني والعمل لتعزيز الحوارات المجتمعية ومع الأطراف السياسية والحزبية لتعزيز الوحدة الوطنية.
بموازاة ذلك، كانت بكركي تحتضن أكثر من لقاء حوار وطني من أجل البحث في كيفية تطوير النظام السياسي وحماية الوحدة الوطنية ومواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، وبعد أن كانت بكركي وبرعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قد استضافت قبل حوالي الشهر لقاء لبنان الكبير والذي يؤكد وحدة لبنان والدعوة لتطبيق اتفاق الطائف والقرارات الدولية، أقيم لقاء سياسي برعاية الراعي وبدعوة من "لقاء الهوية والسيادة" والذي يرأسه الوزير السابق يوسف سلامة لبحث وثيقة اللقاء لتطوير النظام السياسي اللبناني وشارك فيه العديد من ممثلي الكتل النيابية والمؤسسات الحوارية والمرجعيات الدينية حيث أكد الراعي التطبيق الكامل لاتفاق الطائف وأنه الحل الوحيد لازمات لبنان .
وتواصل بكركي أيضا رعاية حوار وطني بعيدًا من الإعلام للبحث في موضوع تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة حيث تشارك حوالي خمسين شخصية وطنية فكرية وحقوقية وأكاديمية في ورش عمل متواصلة لوضع رؤية مستقبلية بشأن دور لبنان في المنطقة، وستعقد الورشة الخامسة في منتصف الشهر الحالي.
وكانت مجموعة "لبنانيون من أجل الكيان" والتي يشرف عليها الاب طوني خضرا وتضم شخصيات فكرية وأكاديمية متنوعة وتعتبر أنها قريبة من بكركي قد عقدت أيضا ورشة عمل حول اللامركزية الادارية وكيفية تطبيقها وشاركت في الورشة شخصيات سياسية ونيابية وإدارية لها خبرة في اللامركزية الادارية.
وفي المقابل، يستمر المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في تحركه من أجل عقد قمة روحية والعمل لتوحيد الموقف الوطني تجاه التطورات المختلفة.
وقد أطلق الوزير والنائب السابق بطرس حرب عبر جريدة النهار يوم الخميس الماضي نداءً بمصارحة حزب الله تجاه التطورات ولتجنيب لبنان من المخاطر المقبلة.
نحن أمام حراك وطني مجتمعي في موازاة ما تقوم به كتلة الاعتدال الوطني من تحركات سياسية من أجل التوصل الى تفاهم بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وسيكون اللقاء مع كتلة الوفاء للمقاومة اليوم الاثنين في حارة حريك حاسماً لتحديد أفق التحرك المستقبلي ومدى إمكانية الوصول الى مخرج للازمة الرئاسية.
وتشير كل المعطيات الداخلية والخارجية الى أن لبنان يواجه اليوم تحديات كبرى وأنه حتى لو تم التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة فالمخاطر على لبنان لن تنتهي في ظل المخاوف من قيام إسرائيل بعملية عسكرية كبرى تستهدف لبنان في بداية الربيع، وكل ذلك يتطلب تكثيف الحوارات الوطنية لإنقاذ لبنان وللتوصل الى رؤية مشتركة لأن الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى في مواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية.