عربي ودولي

جماعة
جماعة "أمناء الهيكل".. هل تشكل تهديدًا للمسجد الأقصى؟
في قلب المدينة المقدسة، تتلاقى الديانات والثقافات في مكان يعتبر محطة للتاريخ والديانة على حد سواء. وفي هذا الصرح الروحي، تبرز "جماعة أمناء الهيكل" وهي جماعة يمينية يهودية متطرفة، تعمل لأجل هدم المسجد الأقصى وبناء "الهيكل الثالث" على أنقاضه، أسّسها الضابط في الجيش الإسرائيلي "غرشون سولومون"، وهي واحدة من 40 منظمة يهودية صهيونية متطرفة يقودها حاخامات.
 
تؤمن جماعة "أمناء الهيكل" بأن اليهود مطالبون ببناء الهيكل تحضيرًا لعودة السيد المسيح، وتعتبر أن قيام إسرائيل وعاصمتها القدس بداية لخلاص العالم بأسره، وقد عرفت منذ تأسيسها بتنظيم اقتحامات للأقصى، وحاولت مرات عدة إرساء حجر الأساس للهيكل المزعوم لكن المرابطين المقدسيين تصدوا لها. وتثير نشاطاتها استجابات متباينة وقد تشكل تحديات أمنية وسياسية في المستقبل. فماذا نعرف عن جماعة "أمناء الهيكل" اليهودية؟
 
النشأة والتأسيس
 
أسس الضابط في الجيش الإسرائيلي غرشون سولومون جماعة "أمناء جبل الهيكل" بعد حرب يونيو/حزيران سنة 1967، وقال في خطاب لأتباعه "اصعدوا إلى جبل الهيكل، واهدموا المسجد الأقصى وكنيسة القيامة لإقامة الهيكل الثالث مكانه وتهيئة الظروف لقدوم المسيح المخلص".

تعدّ الجماعة من أقدم المنظمات اليهودية المتطرفة نشاطا في اقتحامات الأقصى، وحاولت أكثر من مرة وضع حجر الأساس لـ"هيكل سليمان" المزعوم، وتنظم صلوات بجوار المسجد الأقصى في انتظار الصلاة في الهيكل. رفعت شعار "جبل الهيكل هو المركز القومي والديني للشعب وأرض إسرائيل". اعترف بها رسميا سنة 1982، واتخذت من مدينة القدس مقرها الرئيسي، ولها فرع بالولايات المتحدة الأميركية حيث يدعمها سياسا وماليا المسيحيون المساندون للحركة الصهيونية خاصة من كاليفورنيا.
 
الأهداف
 
ينصّ العهد القديم على 3 شروط لعودة المسيح إلى الأرض وخلاص شعب "إسرائيل" وهي:
هجرة كل اليهود إلى "الديار المقدسة".

قيام دولة إسرائيل على الأرض التي يزعمون أن الله وعدَ بها إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
إعادة بناء الهيكل الثالث في الحرم القدسي الشريف.وبناء على هذه القناعة التوراتية، حدد أعضاء الجماعة أهدافهم منذ تأسيسها عام 1967، وأقسموا على "شنّ حرب مقدسة حتى تحرير جبل الهيكل"، وبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى وقبّة الصخرة. وتعتبر الحركة أن الشرط الأول قد تحقّق.
 
الأهداف بعيدة المدى
 
تحرير "جبل الهيكل" (الحرم الشريف) من "الاحتلال العربي الإسلامي"، حسب تعبيرها.
إعادة تشييد الهيكل الثالث "المزعوم"، والذي سيكون بيت عبادة لشعب إسرائيل ولكل الأمم.
إقامة إسرائيل التوراتية "من الفرات إلى النيل".
 
الأهداف قريبة المدى
 
تقوية الحركة تنظيميًا في القدس؛ لتحقيق أهدافها بعيدة الأمد.
القيام بحملة توعية لشعب إسرائيل؛ لفهم "خطة الله" في موضوع خلاص إسرائيل.

نشر رسالة الحركة ومبادئها عبر الوسائل الإعلامية وعقد المؤتمرات، بجانب جبل الهيكل.

استيطان القدس القديمة، "القدس التوراتية" حسب تعبيرها.
 
العضوية
 
من أبرز أعضائها مؤسسها غرشون سولومون، الذي يجمع بين التكوين العسكري والأكاديمي التاريخي، إذ كان من ضمن وحدة المظليين التي احتلت القدس عام 1967.
 
وكان قبل ذلك عضوا في رابطة الدفاع اليهودية المتطرفة التي أنشأها مائير كاهانا، وتورطت في مجازر ضد الفلسطينيين. تخصص في الدراسات الشرق أوسطية وتحديدا في تاريخ الحركة القومية الكردية، واستغل هذا التكوين في تقوية صفوف حركته.

أكدت عدة أبحاث وتقارير إعلامية أن أعضاء الجماعة يعدون بالمئات، وأغلبهم من الحاخامات المتطرفين، ومن أبرزهم الحاخام يهودا غليك، العضو السابق في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، الذي قاد مرات عديدة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، وسعى إلى تغيير القانون الإسرائيلي لأجل السماح لليهود بأداء الصلاة في باحة المسجد، ويعلن أن "جبل الهيكل هو مصدر حياته ومصدر رزقه أيضا".
أقسم أعضاء الجماعة منذ تأسيسها عام 1967م على شنّ حرب مقدسة حتى تحرير "جبل الهيكل" وبناء "الهيكل الثالث" على أنقاض المسجد الأقصى وقبة الصخرة والمسجد الأقصى.

ويقول باحثون فلسطينيون إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تُجَّند وتدرب أعضاء من الحركة عسكريا، وهم من يقودون الاقتحامات لباحات المسجد الأقصى المبارك، ويرتكبون الانتهاكات بحمايتها ودعم من أجهزتها الأمنية.

يتجاوز تأثير الجماعة حجم أعضائها، إذ بات لها حضور إعلامي كبير في المشهد الإسرائيلي، سعيا منها للتمكين لقناعاتها وخطابها وسط الرأي العام الإسرائيلي. كما تمكنت الجماعة التي يعتقد باحثون كثر، أنها مظلة لمنظمات أخرى استطاعت الدخول إلى الكنيست منذ ثمانينيات القرن الـ20.

فبعد أن منعها القانون من الترشح، تقدم أعضاء من الجماعة تحت مظلة حزب الليكود -الذي يدعمه أغلب أعضاء الحركة- وترجموا قناعات حركتهم في برنامج الحزب عبر التعهد بـ"إيجاد حل يسمح بحرية العبادة لليهود على جبل الهيكل".

ومنذ انتخابات 2003، بات تمثيل مختلف جماعات الهيكل واضحا في المؤسسة البرلمانية، ويتزايد في كل انتخابات إلى أن تجاوز عدد مقاعدها 15% من إجمالي مقاعد الكنيست.

كما تمكنت تلك الجماعات -ومنها جماعة أمناء جبل الهيكل- من تولي حقائب وزارية عديدة خاصة في الحكومات التي قادها بنيامين نتنياهو، وتصبح رقما صعبا في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر.

وترفض حركة أمناء جبل الهيكل محادثات السلام مع الفلسطينيين وتعتبرها زائفة، إذ إنها ستؤدي إلى "انقسام إسرائيل، وكسر وعد الله، والرباط المقدّس، والعهد بين الله وشعبه (شعب إسرائيل)"، حسب تعبيرها.

كما تتمسّك الحركة بالقدس وتعتبرها "عاصمة موحّدة وغير مقسّمة لدولة إسرائيل".

04 مارس 2024

هاشتاغ

التعليقات