المجتمع

فضاءات معمارية في الطائف تمزج الماضي بالحداثة المتجددة في السعودية
فضاءات معمارية في الطائف تمزج الماضي بالحداثة المتجددة في السعودية
تميّز أبناء الطائف في تصميم فضاءات معمارية جديدة لتكون مزارًا ترفيهيًا ملهمًا لسكان المحافظة وزوارها من السائحين القادمين من كافة دول الخليج والعالم، مؤكدين أن ذلك ليس أمرًا مستحيلًا، حيث أضاف الأبناء إلى متنزهات مركزي الشفا والهدا وقلب الطائف تفاصيلً وأشكالًا ترتبط بالذاكرة الجماعية للمجتمع وتراثه المعماري، واهتموا بإبراز الأماكن السياحية بتصاميم تاريخية، تضم أحمالا من عبق تاريخ المجتمع وأعرافه وتقنياته المحلية في التصميم والبناء، لتُسلط أعمالهم المعمارية الضوء على فكرة أن التراث لا يقتصر على الزمن البعيد، بل يشمل الأحداث والأحوال التي شهدها المجتمع على مر الزمن، ويشهدها في وقتنا الحاضر.

ومزج أبناء الهدا والشفا وغيرهما من المناطق في عمارتهم للأماكن الترفيهية، من مقاه ومطاعم ومتنزهات، الماضي بالحاضر والحداثة بالعراقة والتجدد بالأصالة والكلاسيكية بالنمط العصري الآسر، لتصبح في زيارتها واستقبالها للسائحين بمثابة رحلة سياحية استثنائية إلى ربوع الماضي الجميل وحياة الأجداد، وما حملته حياتهم قديمًا من تقاسم للمعرفة الفنية، ونقل تفاصيلها الراسخة إلى الناشئة من الأجيال الشابة.

وتمتاز الطائف منذ الأزل بروح تراثها وهوائها النقي الذي ينعش زوارها أينما وجدوا، وما تحمله من جوانب جمالية كامنة في التراث المعماري في أزمنة التنمية والنهضة المعاصرة، وبشكل بصري أخاذ تروى من خلاله روعة التراث وإنجازات الأجداد وقصة الطائف بين الأمس واليوم.

الطائف تمتاز منذ الأزل بروح تراثها وهوائها النقي الذي ينعش زوارها أينما وجدوا، وما تحمله من جوانب جمالية كامنة في التراث المعماري في أزمنة التنمية والنهضة المعاصرة

وأضحى التراث المعماري لمتنزهات الطائف يشكل مصدرًا غنيًا للكثير من حقول المعرفة الفنية والثقافية وغيرها، وداعمًا رئيسيًا في صون أفق وجمال التراث المحلي، حيث استطاعت هذه المتنزهات قلب موازين الإبداع بطابع الهوية الوطنية السعودية، تجمع من خلاله مفهوم التوثيق التقليدي للتراث على أرض الواقع، إلى جانب توظيف التقنيات الحديثة، وتقديم التراث بصورة عصرية تتناسب مع الذائقة المحلية والعالمية، ووصولًا إلى بث روح المكان ليكون فنًا حاضرًا في حياة أبناء وطن لا يعتزون بشيء كما هو اعتزازهم بهويتهم السعودية.

ووثقت وكالة الأنباء السعودية (واس) تقدم أعمال الثقافة المعمارية السياحية في الطائف بشكل نوعي، ما جعلها بمثابة متاحف رائعة، بمطاعمها التقليدية والديكورات الكلاسيكية ذات الطراز القديم والمحملة بأدق التفاصيل التي تعكس الحياة ببساطة متناهية من خلال جلسات تراثية متداخلة مع التصميم الداخلي وإكسسوارات شاع استخدامها في الماضي، وغيرها الكثير من الوجهات الفريدة، وباستخدام التقنيات الحديثة في البناء، وتوفير وسائل الراحة والتجهيزات الحديثة، مثل الأنظمة الذكية والتكنولوجيا المتقدمة، حيث أعادت هذه المتنزهات تشكيل مفهوم “المكان” في الوعي المعماري المعاصر، متفوقة بقدرتها على استلهام التراث في تحقيق الاستدامة وأنسنة محيطها، واستيعابها للمعطيات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية عند التصميم لضمان استدامتها عبر الأجيال بطريقة تواكب متطلبات الحاضر مع المحافظة على الشخصية الفريدة لبيئة المحافظة العريقة، محافظة في الوقت ذاته على البيئة العمرانية المحيطة كجزء لا يتجزأ من هذا المورد، وباستخدام مواد محلية طبيعية مثل جذوع النخيل والعرعر والسمر والسدر والطلح، والمواد الأخرى الصديقة للبيئة كالطين والجص، لتكون بيئة متكاملة تحمل نسيج المكان والزمان، مع الاحتفاظ بمسارات الطبيعة للأودية والشعاب المجاورة للمتنزهات حفاظًا على التوازن البيئي، بهدف تحسين حياة الإنسان والحفاظ على البيئة وموروثها الحضاري.

وتحتضن أحياء وسط الطائف الكثير من المباني التراثية العريقة التي تجسد مرحلة مهمة من تاريخ الإنسان الذي عاش في الطائف على مر التاريخ، ومازالت تحتفظ ببريقها التراثي الأخاذ المتمثل في أبوابها ورواشينها الخشبية المزخرفة ومشربياتها وأقواسها وأعمدتها وتيجانها، ما جعلها تتحول إلى مزار سياحي مفتوح.

ويلاحَظ أن العمارة التراثية في الطائف اهتمت بالشكل الخارجي للمبنى ليكون متسقاً ومتناغماً مع المنازل المحيطة من حيث المظهر والارتفاع ومراعاة الطابع المعماري لتشكيل نسيج عمراني فريد يدعم التواصل الاجتماعي بين أهالي الطائف وزوارها.

وفي المحافظة يبرز الطراز المعماري المميز بشكل واضح في سلسلة من المباني العريقة، ويتضمن قصر شبرا التاريخي وبيت الكاتب وبيت الكعكي أنواعاً مميزة من فنون العمارة الإسلامية التي امتزجت بفن العمارة الرومانية وفن العمارة التقليدية لمنطقة الحجاز بشكل عام.

وتكتنز القصور التراثية القديمة في الطائف بمجسمات حجرية وجصية وآجورية متنوعة وبأشكال مختلفة، كما تتشكل على جدرانها رسومات وصور وأشكال هندسية تعبر عما تتمتع به البيئة الطبيعية للطائف من ثراء.

وباستخلاص مفردات البراعة المعمارية التراثية لهذه المباني يمكن وصل الماضي بالحاضر، إذ اعتمدت العمارة التراثية على أن تكون الغرف عميقة، ومثل هذا الطراز يعرف عنه أنه يفتح على فناء داخلي أو خارجي مع الاهتمام بالاستعمالات الداخلية لمرافق البناء، ومراعاة تحديد مساحات الغرف وفقا لاستعمالها، وبالقدر المناسب لحجم الأسرة ومركزها الاجتماعي. وسمحت العمارة التقليدية في الطائف بمرونة استخدام المبنى في الأغراض والمناسبات الاجتماعية المختلفة وتوفير الخصوصية اللازمة للرجال والنساء.

وتحتوي واجهات المباني التراثية القديمة عناصر معمارية مختلفة، ومنها البروز الواضح في استخدام الرواشين وفتحات أبواب ونوافذ مختلفة حسب الوظيفة، وكذلك استخدام المشربيات والشوابير.

من جهة أخرى تشتهر مدينة الطائف بمتنزهاتها الخضراء التي تجتذب الكثير من الزوّار باعتبارها مكاناً مناسباً للنزهات العالية ومرتعاً يمرح فيه الأطفال.

وتعتبر منطقة الهدا مركزًا سياحيًا هامًا، ومن وجهات السياحة في السعودية الأكثر شهرة ضمن المنطقة الغربية من محافظة الطائف.

وترتفع ألفي متر عن سطح البحر، وهي منطقة جبلية خضراء ترتبط بمكة المكرمة عن طريق مزدوج يمر عبر جبال كرا.

وتشتهر الهدا بجمال جوها وطبيعتها على مدار السنة، وبشكلٍ خاص في فصل الشتاء، وذلك لاختلاف مناخها عن مناخ البلاد العام.

وتهتم الدولة بمنتجات المنطقة الزراعية من الخضروات والفواكه، وتشتهر بزراعة أنواع الورد والزهور بفضل مناخها المعتدل صيفاً والبارد شتاءً.

وتتضمن العديد من الشاليهات والفنادق والمنتجعات السياحية الهامة، وعدد كبير من المدن الترفيهية، والأماكن المناسبة للنزهات العائلية والرحلات الشبابية.

كما تضم المنطقة العديد من المنتجعات السياحية التي تمنح العائلات فرصة قضاء عدة أيام ممتعة فيها ما بين ملاعب الأطفال والمسابح وغيرها.

وتقع قرية الشفا على بعد 20 كيلومترا جنوب غرب مدينة الطائف وتشتهر بمناخها المعتدل وطبيعتها الخضراء وجبالها الشاهقة.

وتعتبر القرية من المناطق السياحية الهامة في السعودية حيث تكسوها أشجار العرعر والبساتين الغناء التي تنتج أجود أنواع الخضروات والفواكه.

ويتزايد إقبال الزوار على القرية في فصل الصيف بفضل طقسها المعتدل، ولكونها من أفضل مصايف المنطقة القريبة من مكة المكرمة.

وتضم العديد من المراكز السياحية والشاليهات والاستراحات التي تستضيف الكثير من زوار المنطقة لما تتضمنه من إطلالات طبيعية مميزة.

ويمكن للعائلات الاستمتاع بجولة سيرًا على الأقدام في أرجاء القرية التي تتضمن العديد من المساحات الجبلية والسهول الخضراء والينابيع.

كما تتضمن بعض المنتجعات السياحية التي يمكن قضاء بعض الوقت فيها، للاستمتاع بما تحتويه من نشاطاتٍ وملاعب أطفال وغيرها.

وتعتبر القرية من أفضل أماكن التخييم وتسلق الجبال في البلاد، حيث يمكن الاستمتاع بقضاء ليلة خلابة وسط طبيعة المكان الخلّابة.

05 مارس 2024

هاشتاغ

التعليقات