عربي ودولي

بوادر تغيير سياسي بعد حلف السيسي اليمين الدستورية
بوادر تغيير سياسي بعد حلف السيسي اليمين الدستورية
تصاعد الحديث عن ضرورة إدخال تغيير في الوجوه والسياسات العامة للدولة المصرية قبل أداء الرئيس عبدالفتاح السيسي اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة، الثلاثاء المقبل، تستمرّ ست سنوات، كما تجدد النقاش حول إمكانية تفعيل النص الدستوري الخاص بتعيين نائب أو أكثر لرئيس الدولة الفترة المقبلة.

وقال النائب في البرلمان المصري مصطفى بكري (مقرب من الحكومة) إنه حصل على معلومات تفيد بتعيين نائب لرئيس الجمهورية أو أكثر حسب المادة (150 مكرر) من الدستور وتوقع أن تقدم الحكومة استقالتها عقب أداء الرئيس اليمين الدستورية.

وأضاف خلال تقديمه برنامج “حقائق وأسرار” على فضائية “صدى البلد”، الخميس، أن عددا كبيرا من الوزراء سيخرجون من الوزارة ممّن لم يحققوا تقدما ملموسا، وستشهد الوزارة الجديدة انضمام عدد من الشباب، ويشمل التغيير بعض وزراء المجموعة الاقتصادية، وسيلقي السيسي خطابا بعد أداء القسم، كاشفا للمرحلة المقبلة.

ويرسل أداء السيسي اليمين الدستورية أمام أعضاء البرلمان بغرفتيه، مجلسي النواب والشيوخ، بالمقر الجديد في العاصمة الإدارية (شرق القاهرة) إشارات سياسية تتماشى مع ربط النظام المصري بين تشييد العاصمة الجديدة وبين مصطلح الجمهورية الجديدة الذي راج في الأدبيات الإعلامية مؤخرا، وعمدت جهات عدة للتسويق له كدلالة على بداية مرحلة سياسية عقب ترميم مؤسسات الدولة وتصحيح علاقاتها الخارجية.

وتبدأ الولاية الرئاسية الجديدة للرئيس السيسي في الثالث من أبريل المقبل، بعد أن أعلنت اللجنة العليا المشرفة على انتخابات الرئاسة فوزه باكتساح في الاقتراع الذي جرى في ديسمبر الماضي لفترة رئاسية ثالثة، وبنسبة تصويت 89.6 في المئة.

وحسب الأعراف السياسية بمصر، يقدم أعضاء الحكومة والمحافظون استقالاتهم لرئيس الدولة بعد حلف اليمين، وهو من يقرر تجديد الثقة أو ادخال تغيير. ومن المتوقع أن تشهد الحكومة الحالية تغييراً واسعا في الوجوه والتصورات، كما سيتم إجراء تعديلات في عدد من محافظي الأقاليم، واستبدال قيادات في هيئات حكومية عدة لتجديد الدماء، وتنشيط أدوار مؤسسات الدولة والتأكيد على بدء مرحلة جديدة.

ولدى دوائر حكومية رغبة في إرسال إشارات دالة على فحوى التغيير، فما يحدث على مستوى الإجراءات الاقتصادية الأخيرة واستقبال استثمارات أجنبية كبيرة بحاجة إلى طمأنة المواطنين باتخاذ مسارات مختلفة تحقق مردودات إيجابية مباشرة لهم.

وتضع جهات رسمية في اعتبارها أن ردود الفعل التي تلقتها من المواطنين على الإجراءات الأخيرة لم تكن على القدر المأمول مع استمرار ارتفاع الأسعار وتأثير تراجع قيمة الجنيه المصري على أسعار الخدمات والسلع الرئيسية، ما يتطلب بث روح التفاؤل عبر قرارات سياسية تظهر نتائجها على الأرض سريعا.

وأكد المحلل السياسي محمود العلايلي وجود فرصة لإحداث تغيير يواكب أداء الرئيس السيسي اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة، فهو حدث مهمّ يجب أن يكون له تأثير على الواقع السياسي العام، وأمر يقتضي القيام بإصلاحات على صعيد تعامل مؤسسات الدولة مع الكثير من القضايا الحيوية.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن التعامل مع مسألة تعيين نائب للرئيس بشكل جدي تتطلب أن يكون النقاش صادراً مباشرة من قبل مؤسسة الرئاسة، وأن التكهنات الإعلامية قد لا يكون لها صدى ملموس على أرض الواقع، فهذا المنصب شاغر منذ بداية حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في بداية الثمانينات وإلى الآن.

وشدد العلايلي على ضرورة إدخال تعديل حقيقي في الوجوه الحكومية والسياسات والتوجهات، مع أنه لا توجد أدوات للمحاسبة أو التقييم يمكن على أساسه تحديد احتياجات السلطة التنفيذية في الفترة المقبلة، معتبراً الأمر يعود إلى الإدارة السياسية التي قامت بتعيين الكثير من المسؤولين وطالبت منهم تنفيذ خطط معنية بلا ابتكار. وأضاف ما يستدعي تغيير الوجوه أن البلاد قد تعيش في خضم أجواء إقليمية حرجة السنوات المقبلة تختلف بشكل كبير عن بداية فترة تولى الرئيس السيسي الحكم.

ويعتقد العديد من السياسيين بأن الضمانة التي تجعل المواطنين يقتنعون ببدء مرحلة جديدة تتمثل في اتجاه الحكومة نحو الالتزام بالنصوص الدستورية، وفي مقدمتها النسب التي حددتها لموازنات التعليم والصحة والبحث العلمي، وتحسين أوضاع الحريات العامة وضبط الأوضاع السياسية في الفضاء العام بما يتماشى مع نصوص الدستور، ويصبح هناك حزب للأغلبية يملك صلاحيات لترشيح الوزراء والمحافظين ووضع خطط معروفة أمام الرأي العام لتقييم مدى تنفيذها من عدمه.

وقالت المحللة السياسية أمينة النقاش إن الشعب المصري يأمل أن تشهد الفترة المقبلة تغييراً جذريًا في بعض التوجهات التي أدت إلى تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية، وتسببت في الغلاء الفاحش، وساهمت في تدهور معيشة فئة من المواطنين، وأي سياسات أو وجوه جديدة لا تراعي ذلك سوف تسهم في فقدان النظام السياسي دعم مؤيديه.

وذكرت في تصريح لـ”العرب” أن الوصول إلى الاستقرار التام هو أمر نسبي، وما يصنع الهدوء في المجتمع هي السياسات التي تلبي احتياجات الناس ومتطلباتها، وقد استطاع الرئيس السيسي خلال حوالي عشر سنوات أن يتجاوز الكثير من الصعوبات الداخلية والخارجية بفضل دعم شريحة كبيرة من المواطنين له، ما انعكس على تثبيت أركان الدولة وإعادة بناء المؤسسات الحيوية وتجديد البنية التحتية.

كما تمكنت الدولة من بناء علاقات خارجية متوازنة والتأسيس لنهضة عمرانية في الداخل، لكن كل ذلك لم يصل بالبلاد بعد إلى مرحلة متماسكة من الاستقرار الاقتصادي المنشود، والذي يعد أحد أبرز أوجه العدالة الاجتماعية المطلوب تعزيزها. وشددت النقاش في حديثها لـ”العرب” على أن تعيين نائب للرئيس السيسي في هذا التوقيت أمر غير ملحّ، وأن المرحلة الحالية تحتاج إلى تحسن في مستوى الأوضاع المعيشية للناس وسياسة إنتاجية وطفرة صناعية وزراعية، تنعكس على المجتمع.

ويتطلب الرهان على بدء مرحلة سياسية جديدة وواعدة القضاء على مشكلات البطالة والفساد واختيار قادة مبدعين في المواقع التنفيذية على أساس الكفاءة وليس الواسطة وتبني مشروعات ثقافية وإعلامية تكافح التخلف والمتاجرة بالدين وخلطه بالسياسة.

31 مارس 2024

هاشتاغ

التعليقات