عربي ودولي

العلاقات الروسية - التونسية جسور بناها المصلحون والرحالة والفنانون
العلاقات الروسية - التونسية جسور بناها المصلحون والرحالة والفنانون
مجالات عديدة في التاريخ التونسي الثري والمتنوع بتقاطعات حضارية استثنائية تحققت بحكم الموقع الجغرافي وتعاقب الحضارات على بلاد منحت قارة كاملة اسمها، ولم تحظ إلى الآن بالاهتمام الكافي من المؤرخين والباحثين. ورغم ذلك ظهر العديد من المحاولات والدراسات التي اهتمت بدراسة  ظواهر التلاقح الحضاري التي تبدو منسية رغم تأثيراتها ومنجزاتها الراسخة، ومن هذه التقاطعات العلاقات التي جمعت تونس في تاريخها الحديث والمعاصر بالبلاد الروسية.

في هذا الصدد قام الدكتور في التاريخ وأستاذ الحضارة الروسية في المعهد العالي للغات بتونس نجم الدين القزدغلي بعرض أعماله ودراساتها ومناقشتها في جلسة مفتوحة للعموم، أمام لجنة علمية مختصة متكونة من أساتذة التعليم العالي من تونس وروسيا وقد ترأسها الأكاديمي وناس الحفيان لنيل درجة علمية التأهيل الجامعي.

واختار لبحوثه ودراساته عنوان “تأثيرات متبادلة بين الحضارة التونسية والحضارة الروسية في العصر الحديث (القرنين 18 و19)”. ليعرضها في المعهد العالي للغات بتونس جامعة قرطاج يوم الأربعاء 6 مارس 2024. ودون شك، ستساهم هذه الدراسات العلمية في تسليط الضوء على جوانب شبه مجهولة من التاريخ التونسي والتاريخ الروسي في آن واحد.

حول جذور العلاقات
هناك من الباحثين والأكاديميين التونسيين من تناول سابقا العلاقات الروسية – التونسية، لكنهم اختاروا تناولها من زاوية العلاقات بين الحركة العمالية والاشتراكية التونسية والدولة السوفياتية بوصفها مركز الحركة الشيوعية العالمية. وتخصصت بعض الأعمال بشكل ملحوظ في دراسة تأثيرات الثورة البلشفية والتوجهات الماركسية، التي كانت تونس من بين العديد من بلدان العالم التي تأثرت بها ثقافيا وفكريا وسياسيا. لكن القزدغلي خيّر أن يبحث في العلاقات بين حضارتين تبدوان متباعدتين، لكن تجمعهما روابط  سياسية وقنصلية وتجارية وعسكرية ودينية وعلمية وأدبية وثقافية، وهو ما يقرأه من أبواب متعددة.

ينطل الأكاديمي التونسي من التأثير الروسي في المغرب الكبير بصفة عامة، متطرقا بشكل دقيق إلى السياسة الروسية في بلدان المغرب ومنطقة البحر الأبيض المتوسط في الفترة الحديثة، فيما يعد استكمالا لرسالته السابقة التي نال على إثرها الدكتوراه بكلية التاريخ بجامعة موسكو لمنوسف سنة 1994، بعنوان  ”السياسة الخارجية الروسية تجاه الاحتلال الفرنسي للجزائر وتونس: 1830 – 1881″.

ويذكر القزدغلي أن تاريخ العلاقات الدبلوماسية المغربية – الروسية يعود إلى نهاية القرن الثامن عشر، وتحديدا سنة 1778 وذلك بالاعتماد على وثائق الأرشيف الروسي. واتخذت الإمبراطورية الروسية قرارا بتكليف ممثل إسبانيا في المملكة المغربية للدفاع عن مصالحها في المملكة سنة 1882. وقد قررت الدولة الروسية إقامة قنصلية روسية في مدينة طنجة سنة 1897. وفي نفس الظرف التاريخي، بدأت تتكون العلاقات بين روسيا القيصرية وإيالة تونس. فكانت وليدة محاولات ومبادرات دبلوماسية عديدة، وتعود أولى الاتصالات التونسية – الروسية إلى أواخر القرن الثامن عشر. وخير دليل على ذلك؛ هي الوثيقة الروسية بتاريخ 18 أبريل 1780 التي عثر عليها الباحث في الأرشيف الروسي.

ويؤكد الباحث على وجود مراسلات دبلوماسية بين تونس وروسيا في الستينات من القرن التاسع عشر. وقد قام باختيار بعض الوثائق من أرشيف السياسة الخارجية للإمبراطورية الروسية والأرشيف الوطني التونسي، وهي رسائل رسمية صادرة عن شخصيات حكومية عليا في تونس وروسيا، من ذلك تبادل المراسلات بين الإمبراطور الروسي إسكندر الثاني والصادق باي في تونس. واهتمت هذه المراسلات بمجالات متنوعة من العلاقات التونسية – الروسية مثل المسائل القومية والدينية والقنصلية والدبلوماسية.

البحوث لم تتوقف على جانب العلاقات الدبلوماسية فقد قدم القزدغلي بحثا بعنوان “عائلة نيسان من تونس ودورها في العلاقات الخارجية للإيالة في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر”، وجاء باللغة الفرنسية ونشر في مجلة علمية تونسية سنة 1999.

يقول الباحث “حاولنا دراسة عائلة نيسان؛ أصولها وتشعباتها وامتداداتها والخدمات التي اضطلعت بها لفائدة عديد الدول. وتم تكليف عديد الأفراد من عائلة نيسان من طرف باي تونس بوصفهم قناصل دول أوروبية في تونس. ودافع هؤلاء عن مصالح عديد الدول مثل  فرنسا، هولندا، النمسا، توسكان، روسيا”.

ويذهب القزدغلي إلى دراسة العلاقات التي جمعت البلدين (روسيا القيصرية، تونس) بعد إقامة الحماية الفرنسية في تونس سنة 1881، وهي الحدث الذي مثل منعطفا كبيرا في تاريخ البلاد التونسية، وتواصلت هذه المرحلة ما يقارب 75 سنة. وهنا يكشف عن موقف الإمبراطورية الروسية إزاء إقامة الحماية في تونس، وهو الموقف الذي ساند الوجود الفرنسي لم يحظ بدرجة كافية من الاهتمام من قبل الباحثين. لذلك أخذ على عاتقه مهمّة سد هذا “الفراغ” في الدراسات التاريخية التونسية حول هذه المسألة.

ويفنّد الباحث بصورة قطعية المقولة التي ردّدها في العديد من المناسبات بعض وزراء وسفراء الإمبراطورية الروسية “تونس توجد في مكان بعيد عنا؛ والأحداث الجارية على أراضيها لا تعنينا”.

ويبين أنه بعد انتصاب الحماية الفرنسية في تونس سنة 1881 أصبحت العلاقات القنصلية والدبلوماسية بين تونس وروسيا في مركز اهتمام السلط القديمة والجديدة في تونس وروسيا وفرنسا والإمبراطورية العثمانية. لكنها شهدت تدريجيا تحولا نوعيا، إذ صارت العلاقات التونسية – الروسية منضوية في نطاق العلاقات الروسية – الفرنسية. إذ كانت الدبلوماسية الروسية ضمن الدول الأوروبية الكبرى التي أعلنت مساندتها بصفة صريحة لنظام الحماية وتركيز التشريع القضائي الفرنسي في تونس سنة 1883.

يتناول القزدغلي بالبحث كذلك العلاقات التجارية والعسكرية التي جمعت تونس وروسيا، والتي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر، إذ استفادت روسيا من الموانئ التونسية وأقامت علاقات تصدير الماشية والحبوب مثلا إلى تونس.

ويذهب الباحث إلى تبيان العلاقات التي جمعت البلدين في العهد السوفياتي، إذ سبق وقدم بحثا في هذا المجال وسمه بـ”العلاقات التونسية السوفياتية من ثورة أكتوبر الروسية إلى استقلال تونس: 1917 – 1956″، لافتا إلى أن الاتحاد السوفياتي واكب بكل ثبات كفاح شعوب آسيا وأفريقيا، وقدم لها مختلف أنواع الدعم المادي والمعنوي من أجل التحرر والاستقلال ومن ضمنها تونس.

ويذكر كيف تشابكت العلاقات أكثر عبر الأدوار التي لعبها الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة الذي صار أول رئيس جمهورية في تونس، وقد اتخذ العديد من القرارات والمبادرات الساعية إلى إقامة وتطوير العلاقات التجارية والعلمية والثقافية والتكنولوجية بين تونس والاتحاد السوفياتي ومع البلدان الاشتراكية في أوروبا الشرقية والصين الشعبية عموما.

يقول القزدغلي “استطاعت  تونس رغم صغر حجمها وإمكانياتها المتواضعة أن ترسم لنفسها دبلوماسية خاصة؛ لحماية مصالحها والانفتاح على العالم الخارجي والتعاون مع الدول الأوروبية المتقدمة بشقيها الليبرالية والاشتراكية. ويعكس ذلك، حنكة سياسية وفكرا مستنيرا والذي ميز النخبة السياسية التونسية الحاكمة في عهد الاستقلال”.

الرحّالة والتبادل الثقافي
لم يتوقف القزدغلي عند جانب بناء العلاقات وتطورها على المستوى السياسي الذي كانت له بالتأكيد انعكاساته الثقافية الكبيرة، وفي هذا الصدد تناول بالدراسة مؤلفات ومذكرات الرحالة الروس الذين زاروا تونس واهتموا بالمواضيع التونسية. وفي السياق ذاته، قام ببحث باللغة الفرنسية وسمه بـ”تونس وأفريقيا الشمالية في القرن السابع عشر في مذكرات أسير روسي”، ونشر في المجلة العربية للدراسات العثمانية التي تصدرها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات سنة 2019.

ويقول الباحث التونسي “ركزنا الجهود في البحث على تحليل مذكرات الكاتب الروسي التي تتعلق ببلدان أفريقيا الشمالية (مصر، طرابلس، تونس، الجزائر). وقام الكاتب الروسي بوصف الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية لمختلف البلدان التي زارها، وذلك بالاعتماد على شهاداته الشخصية المباشرة”.

ويتابع “كما درسنا مذكرات الضابط الروسي كاكوفتسيف (1745 – 1793)، الذي زار عديد الجزر اليونانية وتونس والجزائر في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. وقدم كاكوفتسيف وصفا طريفا للبلاد التونسية يقول فيه: ‘يبلغ عدد السكان في مدينة تونس حوالي مئة وعشرين ألف نسمة. وهم من العرب والأتراك واليهود وأتباع الديانة المسيحية. وشهدت صناعة النسيج تطورا ملحوظا ولاسيما صناعة الشاشية التي كانت تصدر إلى سوريا ولبنان وتجلب أرباحا طائلة للبلاد”.

كما يذكر القزدغلي أنه أنجز بحثا باللغة العربية حول صورة البلاد التونسية في كتابات الرحالة الروس ومؤلفاتهم، وكان بعنوان “إيالة تونس في مذكرات وتقارير الرحالة الروس في القرنين 18 – 19”. ونشر المقال في المجلة التاريخية المغربية سنة 2000.

كما تطرق أيضا إلى علاقات أخرى بين تونس وإسبانيا في بحث عنونه بـ”إسبانيا وتونس في القرن 19 في مذكرات الرحالة الروسي بطرس تشيختشوف”.

ويشير إلى وجود عدد هائل من التقارير والمذكرات لرحالة روس حول البلاد التونسية، تتضمن معلومات ثمينة حول الحالة السياسية والاقتصادية والثقافية والعرقية في إيالة تونس في فترة ما قبل الحماية الفرنسية والفترة الموالية. مضيفا “لا نبالغ عندما نقول إن الرحالة والكتاب والعلماء الروس قاموا بدور كبير في تعريف القارئ الروسي والنخب الروسية بالأحداث الكبرى الدائرة في البلدان الأجنبية بما في ذلك في بلدان المغرب وتونس”.

من ناحية أخرى يتناول القزدغلي، في بحث مشترك باللغة الروسية مع  الباحثة الروسية ماريا فيودروفن فيدياسوف، آراء الكتاب التونسيين في البلاد الروسية، إذ اهتم العديد من الكتاب ورجال الإصلاح في تونس (مثل ابن أبي الضياف، خيرالدين باشا، محمد بيرم الخامس، محمد السنوسي) بالقضايا الروسية. ويقول “لقد أولت النخبة التونسية اهتماما خاصا بالحركة الإصلاحية التحديثية في البلاد الروسية التي بدأت في عهد بطرس الأول وتواصلت في عهد الإمبراطور إسكندر الثاني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ورغم  التوجه التحديثي للدولة الروسية في فترات عديدة، فقد حافظ الإمبراطور الروسي على نفوذه التقليدي وحكمه المطلق. وأشار المفكرون التونسيون إلى ذلك: القيصر الروسي يسيّر شؤون البلاد حسب إرادته ومشيئته، فهو يدير أمور الدولة والسلطة الدينية”.

كما بحث في “حضور روسيا في الكتابات والأدبيات التونسية في العصر الحديث في القرنين 18 – 19″، مبينا أن هذا البحث “درس صورة البلاد الروسية في الكتابات والمؤلفات التونسية التي ظهرت في الفترة السابقة لانتصاب الحماية في تونس. وفي السياق نفسه، قام الباحث بدراسة مؤلفات الوزير السراج، الشيخ الصغير بن يوسف، أحمد ابن أبي الضياف، خيرالدين باشا، ومحمد بيرم الخامس، الجنرال حسين.. وكيفية تناولهم للمواضيع الروسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية”.

ويشير إلى أن بعض ممثلي النخبة الروسية في القرن التاسع عشر قاموا بزيارة تونس؛ كما سافرت بعض الشخصيات السياسية التونسية إلى الإمبراطورية الروسية مثل خيرالدين باشا والجنرال حسين. ويذكر زيارة الكاتب الروسي يوقرسكي س. إلى تونس في أواخر القرن التاسع عشر، وقد وصف حينها الوضع العام في مدينة تونس “في المساء تتمحور كامل الحياة الأوروبية في مدينة تونس في الشارع الرئيسي ‘أفيني د فرنس‘. وتأخذ مكانا في إحدى المقاهي وهي كثيرة، يمكن أن تشعر بكل سهولة أنك توجد في مدينة أوديسا، ‘درباسوفسكي أوليتسي‘”.

وفي الاتجاه نفسه، زار الرسام  والشاعر الروسي أندري بيلي تونس في بداية القرن العشرين وعلى وجه التحديد سنة 1910. وقام بيلي بوضع رسوم لبعض الاستعماريين الفرنسيين بأشكال قبيحة تثير الاشمئزاز، وفي المقابل وضع رسوما أخرى تشع بروح الحيوية والجمال لبعض الرعايا التونسيين. ولا شك أن مثل هذه الرسوم  تبرز بصفة واضحة مواقف وآراء الشاعر الروسي إزاء النظام الاستعماري في تونس.

التواصل الحضاري
 يبدو بصورة واضحة تركيز الباحث في دراساته وبحوثه على قضايا تاريخية متنوعة تتعلق بالحضارتين الروسية والتونسية في الفترة الحديثة (القرنين 18 و19). الا أن الباحث لم يهمل التطورات الكبرى التي شهدتها العلاقات التونسية الروسية في بداية القرن العشرين. حيث اهتم بالمجال  الثقافي والحضاري التونسي الروسي في القرن العشرين ولاسيما بعد قدوم حوالي ستة آلاف من المهاجرين الروس إلى بنزرت في 1920. وضمت المجموعة المهاجرة الروسية عشرات الكفاءات والمختصين الروس في شتى الميادين (أطباء، مهندسون، ضباط، مدرسون، فنانون..)، حاولوا التأقلم مع الظروف الجديدة في تونس وتقديم خدماتهم ومعارفهم لسكان البلاد.

ومثلت اللغة الروسية للباحث وسيلة أساسية لتعميق معارفه في الحضارة والتاريخ الروسيين، وأيضا لدراسة المصادر الروسية التي تتعلق بالحضارة التونسية.

يذكر أن العديد من الشخصيات الروسية الرسمية وشخصيات أخرى من فنانين وأدباء زارت تونس للتعرف على عادات وتقاليد أهلها والنظر في إمكانيات تطوير العلاقات، مشددا على أهمية المجهودات الكبيرة التي قام بها الرحالة الروس في وصف وتحليل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعرقية في البلاد التونسية. إذ تطرق الرحالة الروس بإطناب إلى عادات وأنماط عيش سكان إيالة تونس في مختلف الفترات قبل انتصاب الحماية الفرنسية في البلاد وبعدها.

ويضيف القزدغلي “إن الذاكرة التونسية شهدت مسارات عديدة ومتنوعة عبر التاريخ بدأ بالعهد البربري، والفينيقي، والروماني، والوندال، والبيزنطي، والعربي الإسلامي، والإسباني، والعثماني، والأندلسي، والفرنسي، وحضور الجاليات الأوروبية في تونس ومن ضمنها الجالية الروسية الأرثوذكسية، ومشاركة آلاف التونسيين في الحربين العالميتين الأولى والثانية، والاحتلال الألماني والايطالي لتونس، وتدخل قوات الحلفاء في تونس، ووصولا إلى معركة التحرير الوطني وتحقيق استقلال تونس سنة 1956. وبالإضافة إلى ذلك، توجد على الأراضي التونسية إلى يومنا هذا عديد المعالم التاريخية والدينية الإسلامية والمسيحية ومن ضمنها الكنيستان الروسيتان (مدينة تونس، وبنزرت). إذ يمكن القول، إن الحضارة التونسية هي حضارة متعددة ومتنوعة”.

ويقول الباحث “قام المستشرقون الروس والأوروبيون والأميركيون بمجهودات هامة لدراسة حضارات شعوب الشرق ومن ضمنها بلدان المغرب وتونس. ومن المهام الملقاة على النخب الوطنية ولاسيما الجامعية منها  في بلدان الشرق، هي الاطلاع على المخزون الفكري والعلمي الأوروبي الغربي الذي يتعلق بتاريخ وحضارة شعوب الشرق ودراسته بصفة منهجية ونقدية  للاستفادة من الجوانب النيرة والخلاقة”. أما النهج الذي اختاره الأستاذ القزدغلي هو وضع كل جهوده لدراسة الحضارة الروسية وفهم مقوماتها الأساسية. لذلك فهو استند في جميع دراساته على مصادرها الرئيسية (وثائق الأرشيف، المخطوطات، اليوميات والمذكرات، الدوريات …)، لفهم جوهر وخصوصية الحضارة الروسية، ولدراسة علاقاتها الخارجية مع بلدان المغرب الكبير وبصفة خاصة تونس.

وتشير مختلف دراسات الباحث أن الحضارة التونسية عرفت فترات من التواصل مع الحضارة الروسية، أي بعبارة أخرى توجد تأثيرات حضارية وثقافية متبادلة عديدة بين تونس وروسيا في الفترة الحديثة والمعاصرة. معتبرا أن الباحثين التونسيين ولاسيما المختصون منهم في مجال اللغة والآداب والحضارة الروسية عليهم إيلاء هذه المسائل قدرا أكبر من الاهتمام في البحوث والدراسات الجامعية.

 يقول القزدغلي “يمكن اعتبار هذا التأهيل الجامعي الجديد بمثابة لبنة أخرى تضاف في مسار تطوير وتدعيم مكانة الدراسات العلمية الروسية في الجامعة التونسية. ولعل ذلك يندرج في السياق الذي تميزت به الحضارة التونسية من انفتاح على الآخر – ماضيا وحاضرا- والذي يمثل  جوهرها ومصدر ثرائها”.

31 مارس 2024

هاشتاغ

التعليقات