عربي ودولي

الأردن يخوض مواجهة مفتوحة في الداخل مع تجار المخدرات
الأردن يخوض مواجهة مفتوحة في الداخل مع تجار المخدرات
صعدت السلطات الأردنية من حربها على تجارة المخدرات، والتي لا تقتصر فقط على تعزيز الرقابة على الحدود مع سوريا أو شن ضربات على مافيا المخدرات في جنوب البلد الجار، بل وسعت الحلقة لتشمل ملاحقة الشبكات المحلية. ويواجه الأردن تحديا خطيرا في علاقة بمواجهة عملية إغراق المجتمع بسموم قادمة ليست فقط من سوريا التي تعاني من فوضى منذ ثلاثة عشر سنة، بل وأيضا من وراء البحار، ويقول مراقبون إن مافيا المخدرات ما كانت لتنجح في تمرير المواد المخدرة لولا وجود شبكات صلبة في الداخل.

ووقف أمام محكمة أمن الدولة 125 ألفا و765 متهما بجرائم المخدرات على اختلاف أنواعها خلال السنوات الأربع الأخيرة، ثبت إدانة 110 آلاف و425 شخصا منهم بالإجرام، بينهم ثلاثة استقدموا من أميركا الجنوبية البعيدة جغرافيا وزمانيا عن الأردن 314 كيلوغراما من مادة الكوكايين لبيعها لضحاياهم ووجد منها في “رؤوس الأرجيلة” الخاصة بالتجار، فكانت يد العدالة لهم بالمرصاد وسجنهم 15 عاما.

وتشير الأرقام اللافتة في جريمة المخدرات التي حصلت عليها وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إلى أن تجار المخدرات والحائزين والمروجين لها يحاولون إغراق المجتمع بكل الأنواع حتى لو استدعى ذلك القتل من أجل المال الأسود وهو ما كلف الأردن الكثير من الجهد والتضحيات.

 وخلال أربع سنوات حمل 110 آلاف و425 مدانا بجرائم مخدرات وأخفوا 26 مليونا و336 ألفا و380 حبة مخدر و19 ألفا و143 كيلوغراما من الحشيش و329 كيلوغراما من الكوكايين المخدر و91 كيلوغراما من الحشيش الصناعي و684 كيلوغراما ماريخوانا مخدرة، وكانوا يحلمون بأن يكون مصير هذه المخدرات في أجساد الضحايا.

وبلغ عدد المتهمين عام 2020 نحو 29 ألفا و665 متهما أدين منهم 94 بالمئة، وعام 2021 بلغ 28 ألفا و775 متهما أدين منهم 92 بالمئة، وعام 2022 وصل عدد المتهمين إلى 27 ألفا و282 متهما أدين منهم 88 بالمئة، وخلال العام 2023 بلغ عدد المتهمين 35 ألفا و230 متهما أدين منهم 91 بالمئة، وخلال أول 46 يوما من العام 2024 بلغ عدد القضايا المنظورة أمام محكمة أمن الدولة 3 آلاف و138 قضية متهم بها 4 آلاف و813 شخصا.

◙ 125 ألفا و765 متهما بجرائم المخدرات وقفوا خلال السنوات الأربع الأخيرة أمام محكمة أمن الدولة

وتبين أن قضايا المخدرات المفصولة بالحكم بالأشغال المؤقتة لمدة 10 سنوات فأكثر، من تاريخ الأول من شهر يناير عام 2023 وحتى 21 من شهر مارس الجاري 2024 بلغ 180 قضية، وقضيتان كان الحكم فيهما أشغالا مؤبدة، بينما لم تشهد هذه الفترة الحكم بالإعدام في أي من هذه القضايا. وأبرز هذه القضايا تلك التي قام بها ثلاث تجار مخدرات بنقل 314 كيلو غراما من مادة الكوكايين المخدر من كولومبيا في أميركا الجنوبية ومعها كميات من الحشيش والأمفيتامين المخدر وبدأوا بنقلها إلى ضحاياهم أولا بأول لكن الأجهزة المختصة استطاعت القبض عليهم وإيداعهم إلى محكمة أمن الدولة ونيابتها حتى صدر الحكم بحقهم.

 في المحكمة كانت الوقائع كلها ثابتة وتدل على أن المدانين تربطهم علاقة صداقة واتفقوا على استيراد كميات كبيرة من الكوكايين المخدر من أميركا الجنوبية لغايات الاتجار بها، ومن أجل التغطية على جريمتهم تواصلوا مع شركة أجنبية عن طريق البريد الإلكتروني لغايات استيراد ثلاث حاويات تحتوي على مواد أولية وحبيبات لصناعة الزجاج والمواد البلاستيكية لكن إحدى هذه الحاويات كانت مليئة بالكوكايين المخبأ بين البضاعة التي كانوا ينوون استيرادها.

واستطاع المدانون استيراد هذه المواد وكان حجمها 314 كيلوغراما وتم التخليص عليها وإدخالها إلى الأردن عبر ميناء العقبة ونقلها إلى عمان لكن صحوة الأجهزة الأمنية حالت دون مرور مخططهم وبيع هذه الكميات وألقت القبض على المتهمين بها، وضبط 7 شوالات بداخلها 280 مكعبا كل مكعب يحتوي مادة بيضاء من الكوكايين المخدر واعترفوا بجرمهم.

ويرى مراقبون أن الإنجازات التي حققها الأردن في مواجهة تجارة المخدرات مهمة، لكنها غير كافية ولن تحسم في بضع سنوات مع تطور أساليب وآليات التهريب. وأنشأ الأردن في العام 2016 لجنة وطنية مهامها رسم السياسة العامة لمكافحة انتشار المواد المخدرة والمستحضرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية ووضع الخطط اللازمة لتنفيذها، وصياغة حملات للتوعية بمخاطرها وتبعات التعامل غير المشروع بها من النواحي كافة.

وتشكل مكتب تنفيذي يعنى بتنفيذ قرارات اللجنة ومتابعة شؤونها وتنفيذ الزيارات الميدانية واعداد الخطط التنفيذية وصياغة حملات التوعية وإعداد تقارير دورية حول هذه الآفة وسبل مكافحتها. وبناء على التوجيهات الملكية بصياغة خطة وطنية للوقاية من آفة المخدرات وحماية المجتمع من آثارها السلبية فقد بادرت اللجنة برئاسة النائب العام لمحكمة أمن الدولة بالمشاركة في الجهود المتعلقة بذات المضمون واعتماد الخطة الإستراتيجية للوقاية من المخدرات التي تم تعميمها من خلال وزارة الداخلية.

◙ الإنجازات التي حققها الأردن في مواجهة تجارة المخدرات مهمة، لكنها غير كافية ولن تحسم في بضع سنوات مع تطور أساليب وآليات التهريب

وقامت اللجنة من خلال المكتب التنفيذي بعدة برامج أبرزها، العمل على إنشاء مركز متخصص لعلاج حالات الإدمان في فئة الأحداث والنساء، ويعمل صندوق مكافحة المخدرات برئاسة النائب العام لمحكمة أمن الدولة/ مدير القضاء العسكري، بالمساهمة بدفع نفقات وتكاليف المعالجة لفئة الأحداث المدمنين بشكل خاص، وإنشاء قاعدة بيانات متخصصة بالإحصاءات المختلفة يتم اعتمادها كمرجعية.

وطورت المحاكم العسكرية ومحكمة أمن الدولة من إجراءاتها القضائية بما يتواءم وقانون الأحداث رقم 32 لسنة 2014 وتعديلاته والمعايير الدولية لعدالة الأحداث بشأن قضايا المخدرات بتعيين مدعي عام الأحداث لدى محكمة أمن الدولة، ومدّعٍ عام مختص في التحقيق مع مرتكبي جرائم المخدرات لدى إدارة مكافحة المخدرات، وتخصيص هيئة لدى محكمة أمن الدولة للنظر في قضايا المخدرات المرتكبة من قبل الأحداث، وتعيين قاضي تنفيذ حكم لدى محكمة أمن الدولة حيث يباشر صلاحياته وفقا لمقتضيات قانون الأحداث.

وقبل نحو عام وتحديدا في شهر مايو من العام الماضي أكد الملك عبدالله الثاني تقديم الدعم الكامل للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي ولإدارة مكافحة المخدرات، بما يمكنهما من التصدي لعصابات المخدرات المحلية والإقليمية، والضرب بيد من حديد لكل من يهدد أمن الأردن الوطني والإقليمي. وشدد على أن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية أثبتتا دوما كفاءة وقدرة عاليتين في الدفاع عن أمن الأردن، وما زالتا مستمرتين بالتصدي لعصابات المخدرات المحلية والإقليمية.

ووجه إلى صياغة إستراتيجية وطنية وقائية شاملة تشترك بها الجهات ذات العلاقة كافة، تهدف لنشر ثقافة مجتمعية وتوعوية من المخدرات تساهم في إشراك المجتمع في مكافحتها وتلافي آثارها المدمرة على المجتمع والفرد.  وقبل أيام أطلقت مديرية الأمن العام، الإستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات والتي جاءت تنفيذا للتوجيهات الملكية بعد تشكيل لجنة عليا انبثقت عنها لجان فنية من كوادر الأمن العام لصياغة هذه الإستراتيجية بالشراكة مع جهات رسمية وأهلية ومؤسسات مجتمع مدني.

وبينت مديرية الأمن العام أن الإستراتيجية تهدف إلى توحيد الجهود حول نهج شمولي تشاركي، تتكامل فيه الأدوار ضمن إستراتيجية عمل واحدة مع جميع المؤسسات المعنية نصل من خلالها إلى تحقيق أهداف عدة من بينها بناء ثقافة رافضة للمخدرات، إضافة إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي بخدمات العلاج من الإدمان وإدماج المتعافين.

01 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات