عربي ودولي

هل يقود تغيير الحكومة إلى تحسين واقع المصريين
هل يقود تغيير الحكومة إلى تحسين واقع المصريين
 ينتظر الرأي العام في مصر تشكيل حكومة جديدة بعد أداء الرئيس عبدالفتاح السيسي اليمين الدستورية أمام البرلمان الثلاثاء. وبدأت دوائر شبه رسمية الأربعاء عملية تهيئة معنوية للمواطنين؛ وذلك بالإيحاء بوجود تعديلات واسعة ستجرى على الحكومة وسلك المحافظين الذين يتولون إدارة الأقاليم المختلفة.

وتشي تهيئة الشارع للتغييرات بحاجة النظام أيضا إلى التغيير بعد فقدان جزء من الثقة بحكومة مصطفى مدبولي بسبب عجزها عن تفكيك الأزمة الاقتصادية. لكن هل سيقود تغيير الحكومة إلى تحسين واقع المصريين؟ وهل المشكلة في الوزراء أم في السياسات؟

وفتح ما صرح به رئيس جهاز الشؤون المعنوية في الجيش سابقًا والمقرب من الرئيس السيسي حاليا اللواء سمير فرج، حول تعيين وزارة جديدة (حكومة جديدة)، الباب لعدة تساؤلات عن شكلها وطبيعتها وقيادتها ومهامها.

وقال فرج خلال مداخلة إعلامية مع برنامج “على مسؤوليتي” بفضائية “صدى البلد” الثلاثاء “غدا سنرى وزارة جديدة ومحافظين جددا وبعض التعديلات، فهناك عدد من الوزراء ليسوا على نفس المستوى ونحتاج ضخ دماء جديدة”.

وعقدت الحكومة المصرية اجتماعها الدوري الأربعاء، ولم تقدم استقالتها، وأقدمت على اتخاذ قرار يحظى باهتمام شعبي واسع يرتبط بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون التصالح في مخالفات البناء بعد أن جرى إدخال تعديلات عليه وتم إقراره منذ فترة دون أن يتم تنفيذه، والقانون أحد أبرز الملفات التي تعرضت الحكومة بسببها لانتقادات لاذعة نتيجة فشلها في التعامل معها.

وكشف مصدر قريب من الحكومة لـ”العرب” أن “تشكيل حكومة جديدة سيتم قبل نهاية الشهر الجاري، وعقب انتهاء إجازة عيد الفطر، ومن المرجح تعيين رئيس جديد للحكومة، لكن لم يتم الاستقرار على اسمه”، لافتا إلى أن “التغييرات ستشمل العديد من الوزارات، أبرزها الداخلية والخارجية والتعليم والزراعة والتموين والكهرباء والتخطيط”.

وأثار الحديث عن تغيير الحكومة عدة تكهنات، وبدت الرؤية الرسمية الغائبة عن هذا التغيير مدخلاً نحو إثارة توقعات متباينة حول طبيعته وما إذا كان النظام الحاكم سيتجه إلى تغيير شامل يضمن إقناع المواطنين بوجود تحول في السياسات أم أنه سيعمل على القيام بتعديل يحسن جودة أداء بعض الوزارات في إطار منظومة العمل الحالية.

ويعد إجراء تغيير شامل للحكومة، بما فيها رئيسها، أمرا مهمّا للنظام والمواطنين، ويمنح فرصة لتقديم رؤى مغايرة وأساليب تظهر فيها الحكومة الجديدة أكثر حيوية ونشاطًا، بدلاً من حدوث تراخ أو ترهل ظهرت معالمه في عدم القدرة على ضبط الأسواق مؤخرا، ويظل القرار والتقييم في يد السيسي الذي من المتوقع أن يدخل تعديلات تضمن ضخ دماء جديدة تسهم في تحسين الأداء العام.

ولفت عضو مجلس أمناء الحوار الوطني كمال زايد إلى أن خطاب إعادة تنصيب السيسي لم يعط إشارة إلى أن هناك تغييرا شاملا قريبا، لكن هذا التغيير مطلوب مع بدء مرحلة جديدة، ولن يكون الإبقاء على الشخصيات نفسها التي قادت البلاد إلى المسار الذي بلغته قبل الحصول على دفعات من المساعدات والاستثمارات في محله، خاصة أن الأزمة الاقتصادية تزيد الأعباء على الدولة المصرية.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن الاستفادة من دروس الماضي عملية مهمة في المرحلة الحالية التي تشي بوجود تغيير واسع، لم تظهر معالمه بعد، وأن دراسة السياسات والحكم على عمل القائمين عليها مسألة ضرورية، ويظل الحوار الوطني ضمن الملفات التي بحاجة إلى تصويب مسارها لتحقيق المرجو منها، وسيكون من الصعب الاستمرار دون تنفيذ مخرجات المرحلة الأولى من الحوار، وأن يعود ذلك بالإيجاب على المواطنين لتوفير الدعم الشعبي والقدرة على استكمال جلساته.

وتتخذ عملية تغيير الوجوه التي تدير العمل التنفيذي بعدا يرتبط بحاجة النظام إلى التأكيد على أن لديه رؤى مغايرة لتقييم الوزراء، والابتعاد عن الجدل المثار مجتمعيّا بشأن الموقف من هذا الوزير أو ذاك، ما يجعل التغييرات تأتي في أوقات غير متوقعة، كما أن الشخصيات التي يتم إسناد المهام إليها قد تكون خارج التكهنات.

تشكيل حكومة جديدة سيتم قبل نهاية الشهر الجاري ومن المرجح تعيين رئيس جديد للحكومة، لكن لم يتم الاستقرار على اسمه

ويقول متابعون إن ما ينبغي حدوثه في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد وعلى رأسها المشكلة الاقتصادية التي لم يبدأ حلها نهائيا بعد، هو الاتجاه نحو تغيير الحكومة برمتها، وإذا عمدت دوائر قريبة منها التأكيد على أنها أسهمت في تخفيف حدة الأزمة عبر القروض والمساعدات التي دخلت البلاد مؤخراً، فإن ذلك يشير إلى أن الخطر قادم، لأن الدولة تسير في طريق خطأ ولم تستفد من عيوب المرحلة الماضية.

ويلفت المتابعون إلى أن الإبقاء على رئيس الحكومة الحالية وعدد كبير من الوزراء ليس مطلوبًا، في ظل ظروف إقليمية ودولية تفرض تغييرا جذريا يتواءم مع التحديات التي تمثلها، ما يدعم النجاح في مواجهة ما يمكن وصفه بـ”الفوضى” السائدة في بعض المجالات جراء غياب الرقابة الحكومية، وأن يكون التغيير قائمًا على الكفاءة وليس على أهل الثقة والابتعاد عن تقديم المناصب مكافآت لبعض الأشخاص، وكي يتحقق ذلك من المهم أن تكون هناك مشاركة سياسية حقيقية.

ومن المنتظر تعيين رئيس جديد للوزراء وتغيير غالبية المحافظين الذين انتهت مدة عملهم، لكن السؤال الرئيسي ينصب حول أسباب تأخر التغيير أو التعديل، بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر الماضي، وأداء الرئيس المنتخب (السيسي) اليمين الدستورية في الثاني من أبريل الجاري.

وتؤكد المادة 148 من الدستور المصري على أن من شروط إعفاء الرئيسِ الحكومةَ من أداء عملها أن يأتي بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، وتجيز لرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الحكومة وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين، بما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس، وفي حالة استقالة رئيس الوزراء يُشترط أن يتم تقديم كتاب الاستقالة إلى رئيس الجمهورية.

04 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات