عربي ودولي

التصعيد في الشمال يصيب حياة الإسرائيليين في المناطق الحدودية بالشلل
التصعيد في الشمال يصيب حياة الإسرائيليين في المناطق الحدودية بالشلل
 يسمع شاي وريعوت هانجبي في مسكنهما المؤقت على شاطئ البحر في شمال إسرائيل دوي الانفجارات عندما تنطلق الصواريخ من لبنان باتجاه بلدتهما على الحدود، على بعد ستة كيلومترات فقط منهما. وهذه الأسرة من بين نحو 60 ألف إسرائيلي ما زالوا مهجرين من المجتمعات الصغيرة على الخطوط الأمامية منذ أكتوبر، عندما بدأ مسلحو حزب الله مهاجمتها من القرى اللبنانية على التلال ومن المخابئ في الغابات.

وقالت ريعوت (38 عاما) وهي تحمل مولودتها الجديدة أليكس في الشقة التي يستأجرونها إن صاروخا سقط في الفناء الخلفي لمنزلهم. وهذا هو المسكن الرابع لهم منذ أكتوبر. وتنقلت أخت أليكس الكبرى البالغة من العمر 11 عاما بين ثلاث مدارس خلال تلك الفترة. وبدأ حزب الله المدعوم من إيران إطلاق النار على شمال إسرائيل بعد يوم من الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل. وتم إخلاء التجمعات السكانية الواقعة على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من الحدود اللبنانية على عجل.

وتوقعت عائلة هانجبي أن يستمر إجلاؤهم لأسابيع قليلة على الأكثر. ولكن بينما تواصل إسرائيل هجومها على حماس في غزة، فإنها تتبادل إطلاق النار مع حزب الله بشكل شبه يومي. وقال شاي "(الوضع) مستمر. لا يمكنك رؤية النهاية".

ودمرت منازل كثيرة ومزارع بصواريخ موجهة مضادة للدبابات أطلقت من لبنان. وتمثل الغارات الجوية والقصف والصواريخ أسوأ قتال على الجبهة الإسرائيلية اللبنانية منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. وعلى الرغم من أن الأمر لم يصل إلى مستوى الحرب، إلا أنه ينذر بالتصعيد باتجاه الحرب وبشكل سريع. وتسببت غارة إسرائيلية في دمشق الاثنين الماضي في مقتل جنرالين إيرانيين وخمسة مستشارين عسكريين، من بينهم عضو واحد على الأقل في حزب الله، وفقا لمصدرين لبنانيين، في هجوم يثير مخاطر شديدة. وتعهدت إيران بالثأر.

◙ الغارات الجوية والقصف والصواريخ تمثل أسوأ قتال على الجبهة الإسرائيلية - اللبنانية منذ ما يقرب من عقدين من الزمن وتنذر بتصعيد باتجاه الحرب

وتستعد القوات البرية الإسرائيلية في هذه الأثناء لغزو محتمل للبنان، حسبما يقول كبار القادة العسكريين، محذرين من أن الدمار الناجم عن القصف الجوي المصاحب سيتضاءل أمامه حجم الدمار الذي عانى منه لبنان في حرب عام 2006. وقد يكون الهدف من مثل هذا الخطاب هو تنشيط محادثات وقف التصعيد التي تتوسط فيها الولايات المتحدة والتي تعثرت، مع طرح عدة مواعيد نهائية للتوصل إلى حل دبلوماسي دون الوفاء بها. وبالنسبة إلى النازحين، يعني هذا عدم اليقين بشأن التعليم والوظائف وعدم وضوح الموعد الذي يمكنهم فيه العودة إلى ديارهم.

وقال شاي “نشعر بأننا نسير بلا هدف، ومشتتون”. فمشكلة العودة إلى الديار ليست فقط في الصواريخ التي قتلت حتى الآن ما لا يقل عن 18 شخصا من الجنود والمدنيين، لكنها المخاطرة المتمثلة في قيام حزب الله بتنفيذ هجوم مماثل لذلك الذي نفذته حماس، التي اقتحم مسلحوها إسرائيل وقتلوا 1200 شخص في منازلهم وفي قواعد الجيش وعلى طول الطرق وفي حفل في الهواء الطلق واحتجزوا 253 رهينة من بينهم أطفال.

وقالت ناتالي ليفي (29 عاما) النازحة مع زوجها وطفليها الصغيرين من ليمان على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات من لبنان “شعرت وكأن دورنا قادم". وأضافت أنها تجمدت مكانها من شدة الخوف وأن الأمر تتطلب يوما حتى تستجمع قواها وتقرر المغادرة. وكشف مسؤول إسرائيلي كبير طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمور الأمنية أن حزب الله كان يشير إلى أنه يستعد لمثل هذا الهجوم منذ سنوات. وأضاف المسؤول “ما رأيناه في الجنوب في 7 أكتوبر كان في الأساس سرقة حماس للأضواء من حزب الله".

ومضى قائلا "إن حزب الله يمثل تهديدا حدوديا أكثر من حماس"، لأن خطته الهجومية تتضمن قوات خاصة تفوق حماس بمقدار المثلين يمكنها الاختراق لعمق أكبر في إسرائيل. ويمثل هذا خطرا تقول إسرائيل إنها لا تستطيع قبوله. ويعتزم قادتها إبعاد حزب الله عن الحدود. لكن السؤال هو كيف يمكن ذلك؟ وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأحد الماضي  للصحافيين إن القوة ليست خياره الأول.

وأضاف نتنياهو “أفضل القيام بذلك دبلوماسيا إن أمكن. لكن إذا لم يكن الأمر كذلك فسنفعل ذلك بوسائل أخرى. أفضل عدم مشاركة تفاصيل العمليات أو جدول زمني مع أعدائنا”، متعهدا بعودة آمنة للنازحين في نهاية المطاف. ورغم أنها تفتقد منزلها في كيبوتس ماتسوفا، قالت ساريت أوفيد بحزن إنها لن تعود طالما أنها تشعر بأن أطفالها لن يكونوا آمنين. وقالت “لا أريد المزيد من الخسائر في الأرواح من كلا الجانبين".

وفي جنوب لبنان، نزح حوالي 90 ألف شخص أيضا. وأدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل نحو 270 من مقاتلي حزب الله ونحو 50 مدنيا. وفي غزة، نزح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ودمر جزء كبير من القطاع وقتل أكثر من  33 ألف شخص. وقالت ليفي “إن سكان غزة غير المتورطين في الإرهاب يمرّون بأوقات عصيبة للغاية. وقلبي معهم.. لكن قلبي أيضا مع شعب إسرائيل الذي يمر أيضا بوقت عصيب".

05 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات