عربي ودولي

عملية ثأر أم مناورة عسكرية؟!
عملية ثأر أم مناورة عسكرية؟!
في منعطف جديد وخطير في ذات الوقت، قامت إيران بمهاجمة اسرائيل بالطائرات المسيرة وصواريخ كروز وذلك رداً على ما اعتبرته انتهاكاً لسيادتها عندما قامت اسرائيل بضرب القنصلية الإيرانية في دمشق.
 
وبين سيناريوهات عدة كان المراقبون يتوقعونها بين أن يقوم وكلاء إيران في المنطقة بضرب اهداف اسرائيلية او الرد بالمثل باستهداف سفارة إسرائيل في احدى الدول او عدم الرد أصلا، اختارت إيران أن يكون الرد بذات سيناريو استهداف قاعدة عين الأسد في العراق وهو الرد بالأصالة وليس بالوكالة ثأراً لاغتيال القائد في للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني على يد الولايات المتحدة الأمريكية بداية عام 2020 والذي قال عنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إنه كان استهداف متفق عليه مسبقا لرد الاعتبار لإيران.
 
وبرغم أن إيران لم تنفي ولم تؤكد مزاعم ترمب في وقتها، إلا أن وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان قد صرّح بعد ساعات من الضربة الإيرانية لإسرائيل ليلة الثالث عشر على الرابع عشر من نيسان الجاري، بأن إيران قد ابلغت فعلا الولايات المتحدة الأمريكية بأنها عازمة على ضرب اسرائيل رداً على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق وأن الرد سيكون محدوداً ويتفادى استهداف القواعد الأمريكية وكذلك أبلغت دول الجوار بعملية استهداف اسرائيل قبل الموعد بـ 72 ساعة!
 
أين عنصر المباغتة؟
 
في الكثير من الحروب هناك شيء استراتيجي لإدارة أي معركة إلا وهو عنصر المباغتة للعدو، مثال ذلك ما جرى اخيراً في حرب روسيا ضد أوكرانيا عندما هاجمت روسيا أوكرانيا في بغتة من الزمن في وقت كان يحاول العالم الغربي درء خطر الحرب هناك، اضافةً إلى حروب اخرى كان عنصر المفاجأة والمباغتة فيها هو الحاسم في المواجهة ومثال ذلك حرب اكتوبر عام 1973 عندما عبر الجيش المصري حاجز خط بارليف الإسرائيلي الحصين في هجوم مباغت لم يكن في الحسبان ولم يكن حتى بعض وزراء حكومة الرئيس الراحل محمد أنور السادات يعلمون بحدوث حرب، لتتحرر شبه جزيرة سيناء في ذلك الحين.
 
أما ما حدث ليلة ضرب اسرائيل، فإن إيران قبلها بليالي عدة كانت قد هددت بأنها ستعاقب اسرائيل على فعلتها وكأنها تقول لإسرائيل استعدي لضرباتنا، لا بل إن تصريح وزير الخارجية الإيراني بعد ليلة القصف كان واضحاً بأن الضربة الجوية الإيرانية كان متفقٌ عليها مع الجانب الأمريكي وضمن قواعد اشتباك محددة بحيث لا تستهدف المستوطنين ولا تستهدف البنى التحتية والاقتصادية وهو حرفيا ما قاله الوزير عبد اللهيان. "يقول بعض الخبراء العسكريون، إن إيران لو ارادت فعلا ضرب إيران خارج قواعد الاشتباك المتبعة بينها وبين اسرائيل منذ بداية الصراع المعروف، لكانت قد ضربتها بصواريخ باليستية تتفاخر بها ايران منذ سنين عديدة، اذ ان ارسال هذه الصواريخ في البداية وإن كانت هي صواريخ غير دقيقة لكنها ذات قوة تدميرية قوية، كانت كفيلة بتشتيت انتباه اسرائيل ومن ثم ارسال المسيّرات التي تستهدف المواقع المقصودة بدقة من أجل تحقيق الدمار المنشود للمؤسسات العسكرية الاسرائيلية، غير ان الذي حدث عكس ذلك بارسال المسيرات في البداية والتي تسير بسرعة لا تتجاوز الـ 200 كم في الساعة بأفضل حالاتها وهو ما سهّل اصطيادها ومن ثم التصدي لصواريخ كروز بعد ذلك وبعض الصواريخ الباليستية التي أطلق عدد منها لم تصب هدفها"
 
حصاد الضربة للطرفين..
 
كسرت إيران عبر هذه الضربة حاجز الاحراج الذي كان يسيطر عليها نتيجة تلقي ضربات اسرائيلية مباشرة من إيران دون رد مباشر منها رداً على هذه الضربة وبذلك استعادت إيران شيئا من الثقة بالنفس وثقة جمهور محور المقاومة الذي تتزعمه في المنطقة، إذ ان إيران ردت على إسرائيل للمرة الأولى دون الاكتفاء كما في السابق بالضرب عبر أذرعها في المنطقة كالحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والفصائل الموالية لها في العراق، وبهذا فإن ايران كسبت تعاطف الكثير من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية وزادت من ثقة المؤمنين بنهج النظام الإسلامي في إيران.
 
أما اسرائيل فقد كسبت تعاطف (غربي) شبيه بالتعاطف الغربي معها إبان صبيحة 7 اكتوبر من العام الماضي، هذا التعاطف الذي خفُت كثيرا بعد التصرفات الهمجية لجيش الاحتلال الاسرائيلي ومجازره في غزة.
 
إذ ان اليوم من غير المستبعد أن يستغل نتنياهو هذه الضربة الإيرانية للمتاجرة السياسية واعتبارها عدوان خارجي صريح ضد إسرائيل وبالتالي الاستمرار في الحرب وهو ما يعني الإمعان بالإجرام ضد اهالي غزة خصوصا وأن إسرائيل تريد حسم الأمر في رفح جنوبي القطاع املاً بإنهاء حماس نهائياً في غزة، وإن كانت الضربة الإيرانية بالأساس هي رداً على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق وليس رداً على المجازة الإسرائيلية في غزة!
 
الأمر الآخر، ستحاول اسرائيل الضغط على مجلس الامن عبر الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا من أجل ادراج الحرس الثوري الإيراني ضمن المنظمات الارهابية وهذا ما يعني عقوبات دولية كبيرة على إيران (وإن كان هذا السيناريو صعب الحدوث نتيجة وجود فيتو روسي وصيني محتمل بشكل كبير).

15 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات