عربي ودولي

جهود تونسية للنهوض بتنافسية صناعة الطيران
جهود تونسية للنهوض بتنافسية صناعة الطيران
يعقد المسؤولون التونسيون آمالا كبيرة في الارتقاء بصناعة الطيران وجعلها قطاعا إستراتيجيا يدر عائدات إضافية للخزينة على غرار مكونات السيارات بعد أن ظهرت منافسة شديدة بين الشركات العالمية لتوسيع استثماراتها.

وتراهن تونس على الدورة الرابعة للقاءات الأعمال المتخصصة في تصنيع مكونات الطائرات، التي تختتم الخميس بعد ثلاثة أيام من النقاشات بين 150 شركة ومسؤولين حكوميين لاستكشاف الفرص غير المستغلة لتعظيم دوره في الاقتصاد ودعم سوق العمل.

والأهم من ذلك هو زيادة حجم الصادرات من قطاعات ذات قيمة مضافة ومرتبطة أكثر بالتقنيات الحديثة، والتي تشكل محورا مهما في خطط الدولة بهدف تعزيز الاحتياطات النقدية للبلاد، والتي تتخطى بحسب أحدث الأرقام نحو 7.3 مليار دولار.

وكشفت وزيرة الاقتصاد والتخطيط فريال الورغي خلال الملتقى عن خطط لزيادة تنافسية صناعة الطائرات الآخذ في النمو عالميا من أجل تعزيز مكانة تونس في هذا المضمار خاصة مع تنامي إشعاع دول عربية مثل المغرب والإمارات في هذا المجال.

وقالت في مداخلة لها أثناء الجلسة الافتتاحية للملتقى الثلاثاء الماضي إن “الحكومة على أتم الاستعداد لمساندة قطاع صناعة مكونات الطائرات في تونس”.

وأوضحت أن هذه المساندة تتم من خلال المرافقة عن قرب لكل الفاعلين في القطاع عبر “توفير مناخ أعمال ملائم للنمو والتنمية بما يمكّن البلاد من التموقع كفاعل على المستويين الوطني والدولي”.

ويشمل برنامج الدورة ثلاث ورش عمل تتناول الإستراتيجية التونسية في مجال تكنولوجيات الفضاء، والاستثمار في تصنيع مكونات الطائرات، وأيضا تطوير صناعة مكونات الطائرات.

وتعتبر مكونات الطائرات صناعة متقدمة تتطلب كفاءات عالية وإقحام التكنولوجيا في بنيتها التحتية، لذلك من المهم بالنسبة إلى تونس أن تضع على ذمة الشركات كافة الإمكانيات اللازمة ليتمكن القطاع من التطور خاصة في المجال اللوجستي والرقمي.

وتكمن أعلى درجات الخطر بالأساس في عدم قدرة الدولة على التوصل إلى ملاءمة إمكانات البلاد مع حاجيات سوق صناعة مكوّنات الطائرات الذي شهدا نموا متسارعا حول العالم.

ويرى متابعون أن هذه اللقاءات التي تشارك فيها عشر دول تعد فرصة مهمة للشركات التونسية بغية استكشاف الأسواق والتعرف على مستجدات هذه الصناعة.

ونظرا لخمول معظم الأنشطة والأعمال بسبب توالي الأزمات منذ 2011 والتي تفاقمت مع تفشّي الوباء، تبدو الحكومة مهتمة أكثر من أيّ وقت مضى بجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية رغم المآخذ بشأن مسار الإصلاحات التي تسير ببطء.

شركة تنشط في البلاد أبرزها علامة أيرباص أتلانتيك تونس، وفق البيانات الرسمية

ويقول خبراء المجال إن الشركات التي تنشط في البلاد مطالبة بالاهتمام أكثر بالجوانب اللوجستية والسرعة على التنفيذ لتكون قادرة على الاستفادة من فرص الاستثمار الواعدة بفضل موقعها من أجل المنافسة على مستوى الأسواق الأجنبية وتصدير مهاراتها.

ومع ذلك، اعتبرت الورغي في مداخلتها التي أوردتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن “التوافق السياسي والاجتماعي”، يعد أمرا مطلوبا للتمكن من “جذب الاستثمار في القطاعات الإستراتيجية” على غرار التعليم والتكوين والبنية التحتية والبحث والتجديد.

وقالت “هدفنا دعم القطاعات الواعدة، وخاصة القطاعات ذات الأداء التكنولوجي العالي والقيمة المضافة، وهو ما سيمكّن من توفير المزيد من فرص عمل وتوفير يد عاملة مختصة”.

وشددت على أن الحكومة، التي تعمل على قدم وساق لتحسين مناخ الأعمال، تسعى إلى ترسيخ الرقمنة في الاقتصاد وإلى إيجاد حلول للمشاكل العقارية بالنسبة إلى المستثمرين.

وبدأ قطاع مكونات الطائرات نشاطه في السوق المحلية قبل حوالي عقدين من الزمن بتشجيع من المسؤولين في ذلك الوقت من خلال عشر شركات وفّرت فرص عمل لقرابة ألف شخص بشكل مبدئي.

ويضم القطاع اليوم نحو 81 شركة أبرزها ستاليا آيرو سبيس تونس التابعة لشركة أيرباص، وتوفر جميعها قرابة 17 ألف فرصة عمل مباشرة، كما أنها تحقق رقم أعمال بالملايين من الدولارات ونسبة نمو بنحو اثنين في المئة سنويا تقريبا.

وأصبحت ستاليا، التي تعتبر أكبر مجمع لتصنيع المكونات في السوق المحلية، ومقرها غرب العاصمة التونسية، مملوكة بشكل كامل لعملاق الطيران الأوروبي في الصيف الماضي تحت علامة أيرباص أتلانتيك تونس وهي تشغل أكثر من 1200 شخص.

وستاليا متخصصة في صناعة كامل الجزء الأمامي لطائرات أيرباص طراز 320، وتظهر بيانات معهد الإحصاء أن الشركة تصدر شهريا نحو 45 هيكلا أماميا كاملا لهذه الطائرات، وذلك بمعدل ثلاث شحنات في الأسبوع.

ويعد فرع أيرباص، الذي بدأ النشاط في تونس عام 2009 باستثمارات أولية بلغت 35 مليون دولار، الأول من نوعه لشركة أوروبية، تضخ استثمارات مباشرة لدولة من خارج الاتحاد الأوروبي.

ووفق مؤشرات وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، فإن نحو 81 في المئة من الشركات الناشطة في القطاع تعمل في مجال التصدير والتبادل الخارجي.

وكانت تونس قد أعلنت قبل سبع سنوات عن إستراتيجية شاملة لتطوير القطاع تتضمن توسيع المنطقة الصناعية في منطقة المغيرة غرب العاصمة وتسهيل كافة الإجراءات أمام الشركات العالمية للاستثمار في البلاد.

وقال المدير العام للوكالة جلال الطبيب في مقابلة مع الإذاعة التونسية الحكومية على هامش الملتقى إن “تونس لها العديد من المزايا على مستوى قطاع مكونات الطائرات”.

وأضاف أن “المنطقة الصناعية بالمغيرة تضم العديد من الشركات الناشطة في هذا المجال، إضافة إلى شركات أخرى في مدينة سليمان جنوب العاصمة”.

وبحسب الطبيب، فقد بلغت الاستثمارات الأجنبية في القطاع نحو 2.58 مليار دينار (نحو 820 مليون دولار)، وقد حقق نسبة نمو تقدر بنحو 20 في المئة بنهاية عام 2022.

وتأمل السلطات في أن يصل حجم استثمارات القطاع إلى 900 مليون دولار خلال المرحلة المقبلة خاصة مع تنامي عدد المستثمرين الأجانب وعمليات التوسعة الكبيرة التي تشهدها المؤسسات التي تنشط بالمنطقة الصناعية المغيرة.

25 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات