عربي ودولي

وقف تصاريح عمل المصريين في الكويت ينكأ جراحا قديمة
وقف تصاريح عمل المصريين في الكويت ينكأ جراحا قديمة
نكأ قرارُ الحكومة الكويتيةِ إعادةَ وقف تصاريح العمل للعمالة المصرية بعد نحو ثلاثة أسابيع من إصدار تأشيرات لعاملين في القطاع الخاص جراحا قديمة في البلدين، وأثار تساؤلات عديدة حول أبعاد قرار جاء بعد فترة وجيزة من تعديله، وسط تكهنات بأن تكون المعارضة التي يهيمن عليها الإخوان خلف القرار.

وذكرت تقارير كويتية أن السلطات أوقفت إصدار تصاريح العمل للمصريين، بدءا من الثلاثاء، لوضع ضوابط جديدة، وتعتزم وزارة الداخلية الكويتية وهيئة القوى العاملة القيام بتقنين عملية استقدام العمالة المصرية، على أن تكون الأولوية لإصدار التصاريح لحملة الشهادات العليا والتخصصات المطلوبة لسوق العمل الكويتية.

وكانت السلطات الكويتية حظرت لمدة 16 شهرا استقدام العمالة، وإذا كان الهدف من وقف إصدار تصاريح العمل وضْع ضوابط وتقنين وتنظيم آليات استقدام العمالة الأجنبية، فإنه كان من المفترض أن تتم معالجة الأمر خلال فترة المنع، وهو ما فهمه عدد من المصريين على أنه توجه سلبي ضد العاملين في الكويت.

وحاولت دوائر رسمية في القاهرة خلال فترة منع إصدار تصاريح العمل للمصريين احتواء الأزمة عبر نقاشات بين اتحادات وهيئات العمال في البلدين، لكن بدا أن هناك اقتناعا بفكرة وجود مشاكل إجرائية تتعلق باستقدام العمالة إلى دولة الكويت.

الجالية المصرية تستحوذ على نحو 17 في المئة من إجمالي العمالة بالكويت، ويصل عددها إلى 600 ألف شخص

وجاء قرار إعادة الحظر مخيبا لآمال مصر وغير مفهوم؛ لأنه صدر بعد ثلاثة أشهر من تشكيل حكومة جديدة في الكويت، وبعد مرور أسابيع على إجراء انتخابات البرلمان الكويتي، وتوقعات أن يقوم أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بزيارة إلى القاهرة قريبا.

ويقول متابعون إن قرار التعامل مع العمالة المصرية متروك للحكومة التي يعكف الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح على تشكيلها بعد تكليفه برئاسة مجلس الوزراء، وسترى النور في الأيام المقبلة.

 ويضيف المتابعون أن المعارضة الكويتية داخل البرلمان التي حافظت على حضورها بشكل كبير بعد الانتخابات الأخيرة يمكن أن يكون لها دور في عرقلة مساعي إصدار تصاريح العمل بشكل طبيعي للمصريين، بما هو أبعد من سياسة “التكويت”، حيث كان لها دور بارز في اتخاذ قرارات وقف تأشيرات عملهم من قبل.

وكشف مصدر مصري مطلع في اتحاد العمال (حكومي) أن القاهرة طالبت بوجود ضمانات لحماية حقوق العمالة بعد وقف تصاريح العمل، مع تفهم رغبة الجهات الحكومية الكويتية في توفير المزيد من إجراءات الضبط لدخول العاملين والاقتصار على السماح بدخول الحاصلين على شهادات عليا.

وأوضح المصدر ذاته في تصريح لـ”العرب” أن “هيئة العمل الكويتية لديها تحفظات على دور شركات تصدير العمالة المصرية التي تتواصل مع نظيرتها الكويتية وتسعى إلى جذب أكفأ المهارات، وهو أمر لا تتدخل فيه الحكومة المصرية لأنه شأن بين الشركات العاملة في السوق الكويتية وأخرى تعمل في هذا المجال بمصر”.

وأشار إلى وجود خلافات عميقة نشبت بين الشركات العاملة في مصر وبين نظيرتها في الكويت خلال الأيام الماضية، لسبب جوهري يتمثل في إعادة وقف تصاريح العمل أخيرا.

وتستحوذ الجالية المصرية على نحو 17 في المئة من إجمالي العمالة بالكويت، ويبلغ عددها وفقا لأرقام رسمية كويتية نحو نصف مليون شخص، بينما تشير تقارير أخرى مصرية إلى أن العدد يصل إلى 600 ألف شخص.

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي إن مشاكل العمالة المصرية تتخذ أبعادا فنية بحتة، ولا تؤثر على مجمل العلاقات السياسية بين البلدين، وإن الأزمة تنحصر في وجود مشاكل لدى الحكومة في البلدين حول سبل التعامل مع الأزمات التي تنشب على مستويات فئوية وعمالية، وتغيب الحنكة السياسية التي تفوّت الفرصة على محاولات النفخ فيها وتحميلها ما يفوق طاقتها.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن “تعامل بعض المصريين على أن لهم فضلا سابقا على الأشقاء في الكويت يساهم في تعقيد الأزمة شعبيا، لاسيما أن ثمة اقتناعا بأن المصريين الذين يتواجدون في الكويت يستفيدون كثيرا من عملهم فيها، وتحتاج الفجوة الظاهرة إلى رشادة إدارية في التعامل معها، في ظل العلاقات الوطيدة بين البلدين”.

وأوضح بيومي أن شعور أصحاب العمل في الكويت بقدرتهم على الاستغناء عن العمالة المصرية لصالح الآسيوية يصعّب مهمة الوصول إلى حلول جيدة وسريعة للمشكلة، والتي في حال استمرارها قد تكون لها انعكاسات سياسية سلبية، وهو ما تحاول حكومتا مصر والكويت تلافيه بشكل مستمر.

المعارضة الكويتية داخل البرلمان يمكن أن يكون لها دور في عرقلة مساعي إصدار تصاريح العمل بشكل طبيعي للمصريين، بما هو أبعد من سياسة "لتكويت"

وتُقدّر دوائر مصرية أن مشاكل العمالة يجري توظيفها سياسيّا من جانب محسوبين على تنظيم الإخوان في الكويت، وأنها لم تطْفُ على السطح بشكل جليّ إلا بعد أن قدمت الحكومة المصرية معلومات استخباراتية عن عناصر إخوانية تنشط داخل الكويت، تورطت في أعمال عنف وإرهاب ضد الدولة المصرية.

وحاولت القاهرة تحييد الدعم الاقتصادي الكويتي لمصر وقطع الطريق على محاولات التشكيك في أوجه الإنفاق، ونجحت في تهدئة عاصفة أثيرت بهذا الشأن خلال العامين الماضيين، غير أن “لوبي” المعارضة الإخوانية داخل مجلس الأمة مازال يستهدف مصر من خلال تصدير أزمة إلى حكومتها بالاستغناء عن أعداد كبيرة من عمالتها، بحجة أن الدولة الكويتية قررت منح الأولوية للعمالة الوطنية، وتقويض نظيرتها الخارجية.

كما وقعت مشاكل بين مصريين وكويتيين في الفترة الماضية، وحاول البعض إكسابها بعدا سياسيا، على خلفية أزمات العمالة المصرية وما ترتب عليها من تداعيات مختلفة.

واستبعد الخبير في الشؤون العربية مصطفى السعيد أن تكون لأزمات المصريين التقليدية في الكويت، أو العكس، مكونات سياسية مباشرة؛ إذ يتعلق معظمها بعلاقات شخصية بين الجهات التي تتفاوض بشأن أوضاع العاملين من دون أن ينعكس الأمر على العلاقات المصرية – الكويتية، والتي لا تزال في وضع مستقر.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن “سوق العمل الكويتية المكتظة بالعمالة الأجنبية تفرض المزيد من اتخاذ القرارات المرتبطة بتنظيم دخول العمالة والتأكد من الاستفادة منها، وإبعاد العمالة التي قد تتسبب في إثارة المشاكل داخل بيئة العمل”.

26 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات