اخبار

حلُّ الدَّولتين والفِعل الديبلوماسيّ العربيّ!
حلُّ الدَّولتين والفِعل الديبلوماسيّ العربيّ!
مسار التَّاريخ يُنصِفُ القضايا المُحِقَّة. لا قيمة في هذا المسار لأيّ فيتو. قد يعتقِدُ واضِعو هذا الأخير على طاولة مجلس الأمن الدَّوليّ أنَّهُم أقوى من الحقيقة، في حينَ أنَّ هذه الحقيقة بدأت تقرعُ أبواب قِواهُم المُجتَمَعِيَّة الحيَّة، وفي مُقدَّم هذه القِوى الكُتلة الطُّلابيَّة الجامعيَّة، ناهيكَ بمنصَّاتٍ يهوديَّة باتت في مُربَّع نَزع أيّ شرعيَّة سيايَّة عن إسرائيل. بُوصلة نزع الشرعيَّة هذه لدى هؤلاء أخلاقيَّة حقوقيَّة.

ليس كُلِّ ما سَبَق تفصيلًا في الحركة الجدليَّة الجيو-سياسيَّة.

الإستنادُ إلى القوَّة في فِعلها العَسكريّ محدودٌ، حتَّى لو اعتبرهُ براغماتيٌّون الأقدَر على فرضِ وقائِع متوسِّطة وبعيدة المدى. في فلسطين المُعادَلَة تحكي أنَّ "حلَّ الدَّولتين" يبقى أساسًا لإنهاء صِراعٍ حملَ الشرق الأوسط والعالم تداعياتَهُ لعُقود.

تكثُر التكهُّناتُ في انعِدامٍ حتميّ لأيّ أُفُق تسويَّة عادِلة للقضيَّة الفلسطينيَّة، خصوصًا مع اندفاعةِ اليمين الإسرائيليّ المتطرّف، في محاولة تحقيق طموحاتٍ أيديولوجيَّة متبنيًّا شعار: "إذا ليس الآن فمتى؟"، في حين يتجاهل معتنِقو هذه التكهُّنات أنَّ مآلاتِ ما ينحو إليه الشرق الأوسط في ظلِّ معادلةٍ عربيَّةٍ جديدة، قِوامُها الإطلالةُ على المُستقبَل أكثر منهُ التمترُس في الماضي.

الإطلالةُ على المستقبل في هذا السِّياق يعني الثَّبات في قرارِ إنجازِ حلٍّ عادل ومستدام للقضيَّة الفلسطينيَّة من بابِ النَّديَّة السياسيَّة مع حلفاء إسرائيل، وتحديدًا الغَرب. النَّديَّة السياسيَّة مفصليَّة في خَلقِ تحالفُاتٍ متوازِنَة بأجُندَةٍ واضِحة تحاكي تصفير الصِّراعات، لكنَّ الأهمّ فيها تثبيت دعائم خيار الانحياز للقانون الدَّولي والقانون الدَّولي الإنسانيّ.

الإنحيازُ أعلاهُ مِفصليّ مهمَّا خُيِّلَ لكثيرين أنَّه تبسيطيٌّ إلى حدِّ السَّذاجة، أو رهانيٌّ إلى حدِّ الخُضوع. المِفصليَّة هُنا لا تعني أيَّ قُدرَةٍ على الحسم السَّريع، أو قلبِ الواقِع المأساويّ رأسًا على عَقب، لكنَّها تعني فهمُ طبيعَة الصِّراع خصوصًا في ظلِّ حلفٍ موضوعيّ يلتقي فيه أركانُه على تظهيرِ تناقُضاتِهم، فيما هم يقتاتون من أشلاءِ اللّيبرالييّن الأحرار المُعتدلين. حِلفُ التطرُّف آيلُ إلى سقوط، والصَّبرُ مؤسِّسٌ في تفكيك مقوِّمات هذا الحِلف.

لا ريبَ في أنَّ مُقاربَةً مُماثِلة تَحتمِل الفَشل في ظلِّ رَجرَجةٍ في وحدَةِ الهَدف والرؤية والقيادَة العربيَّة، والوِحدَة المرجوَّة لا يَمكِنُ أن تكون بأيّ حالٍ صَهرًا، أو تموضُعًا مُحاوِريًّا (من مِحوَر) بل هي معنيَّةٌ بالتشكُّل حول مصلحةٍ عربيّةٍ عُليا تَفهمُ مناحي المَصالِح الوطنيَّة، وتتقاطعُ فيها بَدَل تذويبها أو تحييدها.

هكذا تعود فلسطين قضيَّة مركزيَّة في فعلٍ ديبلوماسيّ عربيّ موحّد تَحوطُهُ شَبكةٌ من الأصدِقاء الأنداد يذهبون أبعد من كسرِ الفيتو، يتطّلعون إلى نظامٍ إقليميّ جديدٍ، ونِظامٍ دوليّ جديد، يساهِمونَ في صياغَتِه من بوَّابة المواطنة، والعروبة المتنوِّرة. حينها تتداعى حضارات السَّواد، وأوهام الإمبراطوريَّات.

27 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات