عربي ودولي

الكويت أمام تحدي منع استنساخ تجربة البرلمان وتعطيله عمل الحكومة
الكويت أمام تحدي منع استنساخ تجربة البرلمان وتعطيله عمل الحكومة

يراهن الكويتيون، الذين يتوجهون اليوم الخميس إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس الأمة الجديد، على انتخاب برلمان لا يشبه البرلمان السابق الذي أعاق عمل الحكومات المتعاقبة وفوّت على الكويت فرصة إحداث إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة كما فعلت دول الجوار مثل السعودية والإمارات.

وقال مراقبون إن الكويت تجد نفسها أمام تحد لمنع استنساخ البرلمان السابق الذي لم يكن له من همّ سوى مساءلة رئيس الحكومة والوزراء والدفع نحو استقالة الحكومة، وعمل نفس الشيء مع الحكومة التي تليها والتي تليها، ما ترك البلد في حالة فراغ سياسي ومنع الحكومة من تنفيذ برامجها وإصلاحاتها بعد منع المصادقة على الميزانية.

وأشار المراقبون إلى أن الأمل بالنسبة إلى الكويتيين يتوقف على تعهدات ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح بإنجاح المسار وتأكيده “لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه ولن نتدخل كذلك في اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه أو لجانه ليكون المجلس سيد قراراته ولن نقوم بدعم فئة على حساب فئة أخرى”، كما يتوقف على وجود الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، ابن أمير البلاد، على رأس الحكومة، وهو ما قد يحد من الصراعات داخل الأسرة الحاكمة.


محمد مساعد الدوسري: خطاب ولي عهد الكويت تضمن تعهدات والتزامات صريحة وواضحة بعدم التدخل في الانتخابات

وتهزّ البلاد أزمات سياسية متكرّرة تشمل الحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تم حله مرات عدة. وغالبا ما يكون السبب مطالبة نواب بمساءلة وزراء من الأسرة الحاكمة على خلفية قضايا تشمل الفساد.

والكويت من أكبر مصدّري النفط الخام في العالم وهي أول دولة خليجية تعتمد نظاما برلمانيا في 1962.

وتشارك في انتخابات الخميس، وهي الثامنة عشرة في تاريخ الحياة السياسية والسادسة في عشر سنوات، شخصيات معارضة وتيارات سياسية قاطعت الاقتراع منذ عقد متّهمة السلطات التنفيذية بالتأثير على عمل البرلمان.

وقال المرشح عن “حركة العمل الشعبي” التي قاطعت الانتخابات خلال السنوات الماضية محمد مساعد الدوسري إن سبب هذه العودة هو مضمون الخطاب الذي ألقاه ولي عهد الكويت نيابة عن أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح في يونيو الماضي.

وأضاف “تضمن تعهّدات والتزامات صريحة وواضحة بعدم التدخل في الانتخابات وحماية الديمقراطية”.

وتحدث وليّ العهد الكويتي في خطابه بمناسبة مرسوم حل البرلمان في يونيو الماضي عن المشهد السياسي الذي “تمزّقه الاختلافات وتدمّره الصراعات وتسيّره المصالح والأهواء الشخصية على حساب استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره”، ملقيا باللوم على السلطتين التشريعية والتنفيذية في هذا الوضع.

وقال “نناشدكم أبناء وطننا العزيز ألا تضيّعوا فرصة تصحيح مسار المشاركة الوطنية حتى لا نعود إلى ما كنا عليه لأن هذه العودة لن تكون في صالح الوطن والمواطنين وستكون لنا في حالة عودتها إجراءات أخرى ثقيلة الوقع والحدث”.

ودخل قرار حل البرلمان حيز التنفيذ في أغسطس.


مشعل الأحمد الجابر الصباح تحدث في خطابه عن المشهد السياسي الذي تمزّقه الاختلافات وتدمّره الصراعات وتسيّره المصالح على حساب استقرار الوطن

ويرى المحلل السياسي عايد المناع أن القيادة الكويتية في هذا الخطاب طمأنت الكويتيين “مما شجع القوى السياسية والنواب السابقين المقاطعين على العودة لخوض الانتخابات”.

وقد أصدر أمير الكويت في 2021 عفوا عن معارضين سياسيين حوكموا على خلفية قضايا مختلفة.

ويتنافس 305 مرشحين بينهم 22 امرأة على 50 مقعدا تمثل 5 دوائر انتخابية، بعدما استبعدت السلطات القضائية الثلاثاء ثمانية مرشحين.

وستجرى الانتخابات وسط تطلعات لعودة المرأة إلى قاعة عبدالله السالم في مجلس الأمة بعدما فقدت مقعدها الوحيد خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر 2020.

وتمثّل النساء 51.2 في المئة من الناخبين البالغ عددهم 795920 ناخبا.

وعلى عكس الانتخابات السابقة التي خيّم عليها فايروس كورونا سمحت السلطات للمرشحين بفتح مقرات انتخابية وتنظيم مهرجانات خطابية لعرض برامجهم الانتخابية، فيما كثّفت الأجهزة الأمنية جهودها لرصد أيّ محاولات لشراء الأصوات الانتخابية. ومن المنتظر أن يُعلن عن النتائج رسميا الجمعة.

وتوقّع الدوسري “تعاون غالبية أعضاء مجلس الأمة الجديد مع الحكومة من أجل الإصلاح وتفكيك حالة الفساد التي طغت على البلاد مع إقرار خطة تنمية حقيقية”.


 القيادة الكويتية طمأنت الكويتيين مما شجع القوى السياسية المقاطعة على العودة لخوض الانتخابات

وعلى غرار جيرانها، تطمح الكويت إلى تنويع اقتصادها المرتهن بشكل شبه كلي للنفط، لكن البيروقراطية والفساد وعدم وجود خطط تحول اقتصادي فعالة تهدد بوضع البلد أمام صعوبات اقتصادية كبرى.

كذلك، تفتقد الكويت التي يبلغ عدد سكانها نحو 4.2 مليون نسمة، لوجود قيادات شابة على عكس الدول الخليجية الأخرى التي باتت تعيّن السياسيين والدبلوماسيين الشباب في مناصب عليا.

وأعرب الكويتيون في السنوات الأخيرة عن رغبتهم في الإصلاح والتغيير في البلد حيث يشكل الوافدون 70 في المئة من السكان.

وتواجه الكويت تحديا آخر يتعلق بمصير عشرات الآلاف من البدون، السكان الذين لا يحملون جنسية، وتتعرض لاتهامات بمعاملة هؤلاء بطريقة تمييزية.

إضافة إلى ذلك، واجهت الكويت تحديات أمنية تمثّلت خصوصا في وجود شبكات تدعم جماعات مسلحة في المنطقة. وقد شهدت هجمات دامية آخرها في 2015 حين فجّر انتحاري نفسه في مسجد شيعي فقتل 25 شخصا وأصاب أكثر من 200 بجروح.

ووفق الدستور، ستقدّم الحكومة استقالتها غداة الإعلان عن نتائج الانتخابات.

وكانت المعارضة التي تضم في غالبيتها سياسيين إسلاميين فازت بـ24 مقعدا من أصل 50 في الانتخابات السابقة، علما أنها كانت قد حصلت على انتصار تاريخي في 2012 حين حازت على أكثر من نصف مقاعد البرلمان قبل أن يجري حل مجلس الأمة بعد فترة وجيزة.

وتشكّلت حكومة جديدة في أغسطس على إثر استقالة مجلس الوزراء في أبريل بينما كان نواب يستعدون لاستجواب رئيسه الشيخ صباح الخالد الصباح بشأن ممارسات تعتبر “غير دستورية”.

29 سبتمبر 2022

هاشتاغ

التعليقات