عربي ودولي

التيار الوطني الحر خسر الشراكة مع حزب الله وفقد ثقة المعارضة
التيار الوطني الحر خسر الشراكة مع حزب الله وفقد ثقة المعارضة
 يعيش رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أزمة مزدوجة، مع تآكل الشراكة القائمة بينه وبين حزب الله، وانسداد أفق التواصل مع قوى المعارضة، بعد أن انقلب على العديد من التفاهمات معها من بينها ما يتعلق بالملف الرئاسي.

ويتخوف باسيل من فقدان المكاسب التي راكمها خلال العهدة الرئاسية للعماد ميشال عون، وهو ما بات يظهر بشكل جلي سواء على صعيد انحسار النفوذ الشعبي للتيار الوطني الحر، وأيضا فقدان القدرة على التأثير على القرارات السياسية داخل البلد، على غرار فشله في الحيلولة دون التجديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، أو اختيار رئيس للأركان.

ويحاول رئيس “الوطني الحر” فرملة الانحدار الذي يعانيه تياره سواء عبر استجداء حزب الله لإعادة الشراكة معه، أو في محاولة إقناع قوى المعارضة بقبوله في صفوفها وهو ما لا يبدو أن الأخيرة مستعدة له، خاصة وأنها تدرك أن رسائل باسيل لا تعدو كونها مناورة لاستعادة أنفاسه.

وقال باسيل خلال المؤتمر الوطني السنوي، “لا يفكر أحد أننا نندم على التحالف مع حزب الله”، مؤكدًا أنّ “التفاهم أعطانا 15 سنة استقرارا في البلد، وفي وقت كانت هناك نية لعزل الحزب جاء التفاهم فنسجنا الشراكة وأدت إلى إرساء الاستقرار”.

رئيس التيار الوطني الحر يدعو القوات والكتائب والمردة وآل فرنجية إلى وضع خط أحمر عريض تحت الوجود والشراكة

في المقابل رأى رئيس التيار “أننا خسرنا شعبيًا جراء التفاهم لانّ تسويق حزب الله في الشارع اللبناني صعب، وخصوصًا لدى الشباب، ورغم ذلك قبلنا بالتضحية بشعبيتنا مقابل الاستقرار ولكن عندما وصلنا إلى مكان الحزب لم يعد يسير معنا بالشراكة ابتعدنا”، وقال: “إن عدتم عدنا”، في إشارة إلى التحالف مع حزب الله.

واستفاد التيار الوطني الحر بشكل كبير من التحالف الذي أبرمه مع حزب الله في العام 2006 والذي يعرف باتفاق مارمخايل، وكان من نتاج التحالف بينهما وصول ميشال عون إلى قصر بعبدا، وتمكن التيار من فرض نفسه في المعادلة اللبنانية.

في المقابل فإن حزب الله نجح بدوره في تجيير تلك الشراكة لصالحه حيث منحه ذلك غطاء سياسيا مسيحيا، في مواجهة معارضيه في الداخل، لكن الأمور بينهما لم تعد على أفضل ما يرام لاسيما خلال الأشهر الأخيرة، حيث بدا الحزب الشيعي ممتعضا من سياسات باسيل، وابتزازه المستمر، من ذلك مناورته بشأن الملف الرئاسي عبر الإيحاء بدعمه لمرشح المعارضة الاقتصادي جهاد أزعور.

ورد حزب الله على ذلك باتخاذ جملة من المواقف والقرارات التي تتعارض ورغبة الحليف المسيحي من ذلك مشاركته في جلسة نيابية للتجديد لقائد الجيش، كما شارك في جلسة لمجلس الوزراء تم بموجبها اختيار مرشح الحزب الاشتراكي التقدمي العميد الركن حسان عودة رئيسا للأركان.

وأثارت مواقف حزب الله غضب التيار الوطني الحر الذي أعلن بشكل ضمني وعبر مؤسسه ميشال عون عن انتهاء اتفاق مار مخايل، مهاجما سياسات الحزب ولاسيما مبدأ “الساحات المفتوحة”. وكان التيار الوطني الحر يأمل في أن يفضي تصعيده إلى دفع حزب الله على مراجعة الذات والعودة إلى الشراكة بينهما، لكن الحزب قابل كل ذلك بتجاهل، ولم يعمد إلى أي خطوة أو يصدر موقفا يعيد جسر الود.

ويرى مراقبون أن موقف حزب الله أشعر باسيل بالخطر لذلك عاد إلى مهادنة الحزب مجددا، في الوقت ذاته يحاول باسيل جس نبض باقي القوى ولاسيما السيادية منها للتقارب معه.

وقال باسيل إنه “عندما كانت إيران والسعودية تتقاتلان، والخليج يتصارع مع سوريا على أرضها، كنّا مع التفاهم بين السنة والشيعة حتى لا ينفجر الصراع في لبنان؛ والسؤال: اليوم يتصالحون على أرض سوريا ولبنان وكل المنطقة، بدّكن يانا نكون ضدّ؟”، مضيفا :”نحن مشرقيون ولبنان بالكاد يسعنا! يجب أن نكون منفتحين اقتصادياً وثقافياً على كل محيطنا المشرقي والخليجي والعربي، وأبعد من ذلك، الإيراني والتركي والمتوسّطي”.

وقال “اتفقنا مع حزب الله على ورقة موقّعة تحترم الشراكة والمناصفة والديمقراطية التوافقية، سمحت لنا أن نصحّح التمثيل السياسي والاداري، ولمّا رجع الحزب عن التزامه بالشراكة، لم نتردد بالقول له “لا” نحن مع التفاهم مع واشنطن ومع الحزب لكن ليس على حساب الشراكة”.

وناشد باسيل “مفتي الجمهورية ببصيرته والقيادات بالطائفة السنية، والسيّد حسن نصرالله بصدقه، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي بحكمته، إذا أراد استخدامها عندما يقرر، ووليد جنبلاط وتيمور جنبلاط بفهمهم للجبل، وكل القيادات اللبنانية ألا يفرطوا بالشراكة المتوازنة والمتناصفة”.

وأضاف “أكرّر طلبي من البطريرك المؤتمن على مجد لبنان أن يجمع القيادات السياسية المسيحية ولا يوجد أي سبب ألا نلتقي. وأقول لهذه القيادات الوقت ليس للمزايدات، ولا للعدائية التي يظهرها البعض؛ لا توجد انتخابات غدا، وأصلاً لا أحد يستطيع أن يلغي الآخر– هذا وهم! ومن يظن من السبعينات إلى الثمانينات وصولاً إلى التسعينات، أنه ربح بحذف غيره داخل طائفته، يتذكّر ويتعلّم أن النتيجة كانت خسارة للمسيحيين وإضعافهم من دون ربح له”.

موقف حزب الله أشعر باسيل بالخطر لذلك عاد إلى مهادنة الحزب مجددا، في الوقت ذاته يحاول باسيل جس نبض باقي القوى ولاسيما السيادية منها

ودعا باسيل القوات والكتائب باسم آلاف الشهداء وعلى رأسهم بشير الجميل، والمردة وآل فرنجية وإرث التضحيات من أجل لبنان– تعالوا نضع معا خطا أحمر عريضا تحت الوجود والشراكة المتناصفة.. و لبنان الكبير؛ ونبدأ من هنا، معتبرا أن “هذه معركة وجود الناس الذين نمثلّهم كلّنا معا وكل واحد منّا بحجمه. خسارة أو إحباط أو استضعاف أي مجموعة منّا هي خسارة لوجودنا. كلّنا بحاجة إلى بعضنا لنبقى، وليبقى لبنان الرسالة التي نريدها مع شركائنا. أنا لا أدعو إلى حلف طائفي ضد أحد، أنا حريص على تنوّع التيار وفخور أكثر بوجود آلاف المسلمين فيه، أنا أدعو إلى الشراكة بين الكل انطلاقاً من حماية الوجود للكلّ”.

ورأى أن “الحدّ الأدنى من تضامن الساحة الداخلية أساسي لتحصيل مكاسب من الحرب. تذكّروا الحدود البحرية، اللبنانيون يضّحون إذا المواجهة تحرّر مزارع شبعا أو تعيد النازحين السوريين أو تضمن استخراج الغاز، من دون أن نذكر في هذه المرحلة بعودة اللاجئين الفلسطينيين أو تسليح الجيش”، معتبرا أن “إسرائيل تبحث عن انتصار بعد فشلها في غزّة وما رح تتنازل عن مطالبها كذلك حزب الله لن يعطي بالتفاوض ما لم يعطه بالحرب، وهذا أمر مفهوم. منطقنا وقوّتنا أن إسرائيل هي دائماً المعتدية، لماذا نخسر قوّة منطقنا؟ حقّقنا بالـ2006 انتصارا ومعادلات لا يجوز كسرها؟”.

وأكد باسيل “نريد الرئيس الميثاقي السيادي، الإصلاحي والمقاوم، ونريد اللامركزية والصندوق الائتماني، والشراكة لا تتقايض وليس لها ثمن. والمعادلة المفروضة مرفوضة: لا نقبل بمرشحّ يختاروه بالنيابة عنّا ولا نسلّم أمرنا لحكومة مبتورة تحكمنا من خارج الميثاق والدستور”، مضيفا “هذه الحكومة هي تجديد لمنظومة 1990-2005 وفاجعة ميثاقية، تذكّرنا بزمن الوصاية وهذه المرّة من صنع محلّي”.

وذكر باسيل أن “التيار تعرض لحرب إبادة سياسية، وأصبح كل واحد منا أو قريب مشبوه ويسألوه بتهكّم: بعدك تيار؟ بعدك عوني؟ جوابنا على رأس السطح نعم. نعم، لأنّنا شعلة الحرية، راية الاستقلال. الأزمة اليوم أبعد من الحقوق، هي أزمة وجود، وهي تحدّد علاقتنا مع الآخرين. لا يوجد تحالف ثابت مع أحد”.

18 مارس 2024

هاشتاغ

التعليقات