عربي ودولي

البرلمان التونسي يسقط اتفاقية لفتح مكتب صندوق قطر للتنمية
البرلمان التونسي يسقط اتفاقية لفتح مكتب صندوق قطر للتنمية
أسقط البرلمان التونسي مساء الثلاثاء، مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس. وأسقطت الاتفاقية التي عرضت على التصويت خلال جلسة عامة بـ51 صوتا بنعم و39 صوتا بلا مع احتفاظ 25 نائبا بأصواتهم. وكانت الاتفاقية قد أثارت تحفظات كثيرة في تونس، وسبق وأن تصدت قوى المعارضة لتمريرها في مجلس النواب المنحل في العام 2021.

وقالت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية خلال حضورها الجلسة العامة، الثلاثاء، إن "اتفاقيات المقر ليست بجديدة على تونس وأن هناك اتفاقيات سارية المفعول تفوق الامتيازات المضمنة بها حتى الامتيازات الواردة في مشروع قانون اتفاقية مقر صندوق قطر للتنمية.

وأضافت نمصية "في البداية أريد أن الفت الانتباه إلى أن مشروع القانون المعروض المتعلق باتفاقية المقر شأنه شأن عدة اتفاقيات مقر موجودة اليوم وصادقت عليها تونس … وتونس أبرمت عدة اتفاقيات مقر مع أطراف سواء كان ذلك في إطار اتفاقيات متعددة الأطراف أو في إطار ثنائي وهنا اذكر على سبيل الذكر لا الحصر بالاتفاقية الممضاة مع البنك الأفريقي للتنمية والاتفاقية المبرمة مع وكالة التنمية الفرنسية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي وأيضا الوكالة الألمانية للتنمية”.

ويرى مراقبون أنها تمس من السيادة الوطنية وتتضمن عدة إخلالات باعتبار أن الاتفاقيات تبرم بين الدول أو بين الاتحادات العالمية في حين أبرمت هذه الاتفاقية بين الحكومة التونسية والمدير العام لصندوق قطر للتنمية.

وأكدت النائبة فاطمة المسدي "أغلقنا نهائيا صفحة الاتفاقيات المشبوهة التي كان تنظيم الإخوان وراءها (في إشارة إلى حزب حركة النهضة الإسلامي)"، معتبرة أنها "تهدد السيادة الوطنية، لأنها لو مرت ستكون هناك علاقة غير متوازنة بين دولتين".

وقالت في تصريح لـ”العرب”، “هذه الاتفاقية لا يمكن قبولها شكلا باعتبار منحها صفة الاتفاقية الدولية في حين أنها ستمضى بين الدولة التونسية وصندوق استثماري قطري وليس الدولة القطرية كما نصت عليها الاتفاقيات الدولية وخاصة منها اتفاقية فيينا المتعلقة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية”.

ولفتت المسدي إلى أنه ”عندما نقدم امتيازات وإعفاءات بعينها، ستحرم تونس من التشريع، وذلك بخصوص المنهج التعليمي أو اختيار الموظفين، فضلا عن امتلاك الأراضي الزراعية بالنسبة للأجانب وهذا أمر خطير جدا”.

وكان البرلمان السابق قد صادق على هذه الاتفاقية خلال جلسة عامة انعقدت يوم الأربعاء 30 يونيو 2021 أي قبل أيام قليلة من تجميده في 25 يوليو 2021 ثم حله في 30 مارس 2022. وجوبهت هذه الاتفاقية بمعارضة من قبل عدد من النواب ورفض كتلة الدستوري الحر آنذاك والتي لجأ أعضاؤها إلى الاعتصام بقاعة الجلسات العامة للتعبير عن رفضهم لهذه الاتفاقية.

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة أنه “توجد عدة استنتاجات بعد نهاية الجلسة، أولها الحساسية المفرطة والتحفظ الكبير في العلاقة بين تونس ودولة قطر، وذكريات العشرية الماضية لا زالت تلقي بظلالها”. وأكد لـ”العرب”، “ما قيل من تخوفات على ألسنة النواب صحيحة ومشروعة، لكن هناك قوانين وتشريعات يمكن أن تنظم العلاقات بين الدول”، لافتا أن “إسقاط الاتفاقية فيه موقف سياسي بالأساس”.

وتباينت مواقف نواب البرلمان، من مختلف الكتل النيابية، بشأن الموافقة على مشروع قانون أساسي يتعلق بالاتفاقية بين مرحب بالمصادقة على هذه الاتفاقية ورافض لها.

واعتبر النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي أحمد سعيداني، أنه لا يمكن التسليم بحسن نوايا تمرير هذه الاتفاقية في هذا الظرف الحساس من تاريخ البلاد، متهما كل طرف ضغط وساهم في التسريع بمرورها على أنظارمجلس نواب الشعب للمصادقة عليها وأن تطفو على الحدث السياسي، بالمس من السيادة الوطنية.

وأقر سعيداني، بأن التصويت بالموافقة على الاتفاقية سيمس من مصداقية رئاستي الجمهورية والحكومة، لأنها لا تختلف عن غيرها من الاتفاقيات التي تمت المصادقة عليها سابقا خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي مست من السيادة الوطنية ونهبت من خيرات ومقدرات الشعب، داعيا إلى عدم التصويت عليها.

وشدد النائب عن كتلة لينتصر الشعب علي زغدود، على أن كل تمويل أو شراكة مع دولة قطر لا يجب أن يخرج عن سياق المخططات التنموية المعتمدة وأهدافها وتوجهاتها الكبرى ولا على حساب السيادة الوطنية والمس من السيادة الوطنية والسماح لأي جهة كانت بالحصول على فائض سياسي أو دبلوماسي مهما كانت قوتها الاقتصادية أو المصلحة الاقتصادية والسياسية التي تجمعها بتونس.

وقالت النائب غير المنتمية بسمة الهمامي، إن ”البحث عن التنمية يكون مع دول تستثمر بشكل فعلي وتنجز ودول تعرف معنى التحرر والبناء وشعوبها خاضت نضالات حقيقية في مسار التحرر وليس مع دول تملك المال والسطلة وعشنا معها منذ 2011 عدة منعرجات كادت تقضي على الدولة التونسية”، داعية وزيرة المالية إلى ضرورة إمضاء اتفاقيات من أجل الاستثمار مع دول تحترم القانون التونسي.

في المقابل، أفاد النائب عن كتلة صوت الجمهورية عادل ذياب، أن عدد الاتفاقيات المبرمة بين تونس وقطر، قد بلغ قرابة 88 اتفاقية تغطي جميع المجالات التنموية وينتفع بها قرابة 42 ألف تونسي، لتكون بذلك أهم مستثمر عربي في تونس.

وستدفع هذه الاتفاقية، وفق النائب، من خلال التمويلات المرصودة بالصندوق، نحو تحريك عجلة التنمية خاصة في المناطق الداخلية والأحياء الشعبية المهمشة، من خلال إحداث مواطن شغل للشباب التونسي المعطل عن العمل خاصة أصحاب الشهائد العليا.

وأكد ذياب، في هذا الصدد، أن دور هذه الاتفاقية سيكون تنموي بالأساس ولن يمس من السيادة الوطنية ومن استقلالية القرار، في المقابل لابد من اليقظة وضبط إطار زمني لتدخلها على المستويين القريب والبعيد مع تغليب مصلحة الوطن الفضلى على مصلحة الغير خلال تنفيذ جل المشاريع التنموية.

وقال النائب غير المنتمي عبد الحليم بوسمة، بدوره، أن تونس في حاجة ماسة في ظل الشح المالي الذي تعيشه ونقص السيولة ووضعية المالية العمومية إلى التعويل أساسا على دعم نسق الاستثمار الخارجي وتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية لإيجاد حلول لتمويل مشاريع الاستشمار والنهوض بالبنية التحتية بالجهات الداخلية على وجه الخصوص، وأنه “لا خيار أمام البلاد سوى دعم الاستثمار الخارجي وتشجيع المبادرات التشريعية في الغرض”.

26 مارس 2024

هاشتاغ

التعليقات