عربي ودولي

حزب الله يتقن فن التملص من المواجهة مع الإسرائيليين
حزب الله يتقن فن التملص من المواجهة مع الإسرائيليين
 لا يتوقف مسؤولو حزب الله عن إطلاق التصريحات القوية بشأن الحرب، لكن الحزب يعتمد في المقابل أسلوبا مرنا يقوم على التملص من المواجهة مع الإسرائيليين والاكتفاء باستهداف أهداف هامشية لا تضطر الجيش الإسرائيلي إلى توجيه ضربات قوية له.

ويهدد الحزب باستمرار برد قاس على هجمات الإسرائيليين التي خلفت أكثر من مئتي قتيل في صفوف مقاتليه منذ بدء المواجهات الحدودية في الثامن من أكتوبر الماضي، لكن الرد يكون ضعيفا أو هامشيا حتى لا يثير غضب تل أبيب ويدفعها إلى تغيير قواعد الاشتباك التي مازالت إلى حد الآن تحت السيطرة.

والخميس توعد النائب في البرلمان اللبناني عن حزب الله علي فياض بأن الحزب سيواجه التصعيد الإسرائيلي بـ”ردود أقسى”.

الحزب يختار الأهداف غير المهمة أو غير الحيوية ويلجأ إلى إطلاق الصواريخ على التحصينات التي يعرف أنها لن تتأثر

وقال فياض في حفل تأبين أحد مقاتلي حزب الله إن “التصعيد الذي يمارسه العدو الإسرائيلي منذ أيام على جبهة الجنوب، هو تعبير عن المأزق الذي يراوح فيه الإسرائيليون على المستويين السياسي والعسكري في غزة كما في جبهة الشمال (لبنان)”.

وأضاف “المعادلة واضحة وبسيطة، فالمقاومة ستواجه التصعيد بالتصعيد، وردودها ستصبح أقسى كمًّا ونوعًا وعمقًا وأهدافًا”.

ويختار حزب الله الأهداف غير المهمة أو غير الحيوية، مثل استهداف مقار صغيرة في المستوطنات أو مواقع لخدمات مدنية. كما يطلق الصواريخ على التحصينات التي يعرف مسبقا أنها لن تتأثر بالقصف مثل بعض مواقع القيادة الإسرائيلية على الحدود.

ومنذ يناير الماضي بدا أن حزب الله ينفذ تراجعا تكتيكيّا، إذ سحب ما بين 50 و75 في المئة من المقاتلين تجنبا لمقتلهم، مع العزوف أيضا عن أي تصعيد حقيقي في الهجمات على إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يغير ميزان القوى ويؤدي أيضا إلى حرب شاملة.

ويعتقد مراقبون لبنانيون أن سكوت الحزب كان متوقعا منذ اليوم الأول لانطلاق مواجهة حماس وإسرائيل، لافتين إلى أن الحزب يعيش وضعا ماليا وسياسيا وشعبيا صعبا لم يكن يسمح له بأي مغامرة جديدة في لبنان فما بالك في غزة.

ويقول المراقبون إن حزب الله ما بعد التدخل العسكري في سوريا ليس هو حزب الله القديم الذي كان يبحث عن فرص الاشتباك مع إسرائيل، مشيرين إلى أنه فقد الكثير من مقاتليه في الحرب، وأن البقية الباقية من المقاتلين غير مؤهلة نفسيا لخوض معركة جديدة مع إسرائيل، كما أن التحمّس للالتحاق بالحزب والقتال في صفوفه تراجع بين اللبنانيين الشيعة.

وكانت حركة حماس تعتقد أن دخول حزب الله في الحرب سيساعد على تشتيت جهود القوات الإسرائيلية لما يمتلكه الحزب من قدرات، وخاصة في مجال الصواريخ، لكن بمرور الوقت اكتشفت أن الحزب دخل الحرب بالحد الأدنى، وأن الهدف دعائي بالأساس لاسيما بعد أن توجهت إليه أنظار “أنصار المقاومة” في المنطقة ولم يكن بمقدوره أن يظل على الحياد فاختار المشاركة الرمزية التي لا تتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة بينه وبين إسرائيل منذ حرب 2006.

وتختلف حسابات حزب الله عن حسابات حماس، فالأول له أجندة أكبر مرتبطة بإيران، وهي التي تحدد خطواته بالتحرك أو عدمه، وتضع سقفا لأنشطته، ولا يبدو أنها ترغب في التدخل بأيّ شكل من الأشكال في مجريات التصعيد الحالية، على عكس حركة حماس التي نفذت عملية عسكرية قوية دون أن تتحسب لنتائجها وتداعياتها على قطاع غزة، كما لم تضع في الحسبان أن يتخلف حزب الله عن نجدتها في وقت تحصل فيه إسرائيل على دعم سياسي وعسكري واسع من الغرب، وخاصة من الولايات المتحدة.

وتفضل إيران أن يحتفظ الحزب بقوته وألا يستنزفها في مواجهة مع إسرائيل في الوقت الحاضر، وهو ما لم تكن تدركه حماس.

وكان رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحركة حماس في الخارج علي بركة قال “إذا حاول العدو الصهيوني اقتحام غزة بريّا، فإن المعركة ستتوسع أكثر؛ لأن حلفاء المقاومة لن يتركوها لقمة سائغة للكيان الصهيوني والإدارة الأميركية، فالحرب علينا أميركية – إسرائيلية، وليست فقط من حكومة (بنيامين) نتنياهو”.

وتحدث عن “وجود غرفة عمليات مشتركة لقوى المقاومة (دون أن يحدد مكانها)، وقد جرى تفعيلها منذ عام 2021”. لكن مجريات الاشتباكات على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية صدمت حماس لتجد نفسها في مواجهة غير متكافئة مع إسرائيل.

ورغم تراجع حزب الله عن نجدة حماس لم يغفل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، عن توجيه التحية إلى إيران حين قال “نشكر إيران التي قدمت المال والسلاح لمقاومتنا في غزة”.

و”تضامنا مع غزة” منذ السابع من أكتوبر الماضي يتبادل حزب الله وفصائل فلسطينية في لبنان مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا، خلَّف قتلى وجرحى، غالبيتهم في الجانب اللبناني.

28 مارس 2024

هاشتاغ

التعليقات