عربي ودولي

إغراءات العمل في الخارج تخطف الكفاءات التونسية
إغراءات العمل في الخارج تخطف الكفاءات التونسية
بدا التنافس على استقطاب الكفاءات التونسية على أشده في الآونة الأخيرة خاصة من دول الاتحاد الأوروبي وكندا على حساب بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي كانت في ما مضى إحدى أبرز الأسواق جاذبية لهم.

وأرجع المدير العام لوكالة التعاون الفني محمد البليدي سبب تنامي الطلب من الدول الغربية على هذه الشريحة مقابل انحساره عربيا إلى أسباب منها التهرم السكاني لديها وتطور النشاط الاقتصادي والنقص في بعض الاختصاصات المهمة وخاصة شبه الطبية.

وفسر البليدي في مقابلة مع وكالة الأنباء التونسية الرسمية تراجع الطلب العربي على الكفاءات المحلية إلى سياسة توطين الوظائف وخاصة في منطقة الخليج التي باتت تعتمد حكوماتها بشدة على كفاءاتها الوطنية في عدة قطاعات خاصة في مجال التعليم.

ومن بين الأسباب الأخرى، وفق المسؤول، هو تقهقر الطلب من الشركات الخاصة في الشرق الأوسط وذلك بالنظر ركود العديد من المجالات الاقتصادية بعد أزمة الوباء.

لكن من الواضح أن أحد الدوافع الرئيسية لرغبة التونسيين في العمل بالدول الغربية على غرار ألمانيا وفرنسا على حساب دول الخليج هو عامل القرب الجغرافي والاستقرار الأسري في بلدان الإقامة.

وفضلا عن ذلك، ارتفاع الأجور بالأسواق الأوروبية وكندا مقارنة بنظيراتها العربية، التي تقدم فيها شركات القطاع الخاص رواتب أقل، ما يساعد الجيل الجديد من هؤلاء المهاجرين على ادخار الودائع بشكل أفضل، فضلا عن قيمة الأموال في شكل تحويلات إلى أسرهم.

ويتفق الخبراء على أن تدني مستوى الأجور واستفحال البطالة وتعطل منظومة تشغيل خريجي الدراسات العليا والاختلال بين ما توفره الجامعات من شهادات علمية في بعض الاختصاصات وبين ما تطلبه سوق العمل من حاجيات تسهم جميعها في تفاقم هجرة الكفاءات.

وبحسب دراسة حديثة نشرها معهد الإحصاء هذا الأسبوع، فإن متوسط الأجور في تونس يبلغ 924 دينارا (295.8 دولار)، وهذا ما يجعل البلد يحتل المركز الحادي عشر عربيا و96 عالميا في سلم الرواتب.

وبالنسبة للبطالة، فقد أنهت تونس العام الماضي على ارتفاع في معدلاتها لتبلغ 16.4 في المئة، مقارنة مع 15.2 في المئة تم تسجيلها قبل عام.

وتشير بيانات المرصد الوطني للهجرة في تونس إلى أن أكثر من 30 ألفا من الكوادر في المتوسط يغادرون البلاد كل عام، وهو رقم كبير في بلد يعد نحو 12 مليون نسمة.

ويستحوذ الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول للبلاد على النسبة الأعلى من الطلب على الكفاءات التونسية بما في ذلك الكوادر الصحية والهندسية وخاصة في اختصاص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وتظهر بيانات وكالة التعاون الفني أن نسبة توظيف الكفاءات المحلية في الخارج خلال العام الماضي، ارتفعت بواقع 28 في المئة لتصل إلى 4510 طلبا على أساس سنوي.

وجذبت بعض الدول الأوروبية كألمانيا وكندا نسبة كبيرة من الكفاءات على حساب سوق العمل في دول الخليج، وفق معطيات الوكالة.

وبلغ عدد الذين تم توظيفهم في الأسواق الأوروبية العام الماضي، حوالي 1906 شخصا، وهو ما يمثل أكثر من 42 في المئة من إجمالي الملتحقين بالوظائف.

رغبة التونسيين في الانتقال للعمل في أسواق مثل ألمانيا وفرنسا مردها القرب الجغرافي وارتفاع الأجور مقارنة بالخليج

وحظيت ألمانيا في مركز الصدارة بواقع 872 شخصا، وبشكل أساسي في القطاعات شبه الطبية، تلتها فرنسا بنحو 542 شخصا في مختلف القطاعات، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات، فإيطاليا بحوالي 339 شخصا معظمهم في المجالات شبه الطبية.

وجاءت كندا في المرتبة الثانية في عام 2023 بعد ألمانيا، حيث بلغ إجمالي من تم استقدامهم للعمل العام الماضي، نحو 738 شخصا، مما يمثل 16 بالمئة من إجمالي عدد الوظائف.

وبالنسبة للمنطقة العربية، فقد تصدرت السعودية قائمة البلدان المستقطبة للكفاءات التونسية بفضل التطور الاقتصادي والثقة العالية التي تحظى بها، بحسب البليدي.

وارتقى قطاع الصحة إلى المرتبة الأولى في جذب الكفاءات التونسية للعمل في الخارج منذ عام 2020 حيث شهد زيادة ملحوظة العام الماضي من خلال توظيف 1839 كادرا في المجالات الطبية وشبه الطبية، بزيادة قدرها 74 في المئة مقارنة بعام 2022.

ويمثل قطاع الرعاية الصحية 41 في المئة من إجمالي من تم استقدامهم في حين يمثل قطاع التعليم 20 في المئة من العدد الإجمالي لمن توظيفهم.

وتقع على عاتق الوكالة مهمة جوهرية من خلال اعتمادها إستراتيجية لإحلال التوازن بين المهمة الموكول إليها في التوظيف بالخارج ومراعات الاحتياجات المحلية من الكفاءات في العديد من المجالات الحساسة.

وقال البليدي إن “الوكالة تحرص على عقد شراكات تقوم على المنفعة المتبادلة وتراعي المصلحة الوطنية في عدة مجالات”.

وأوضح أن الوكالة تعمل على توجيه طلبات التشغيل الواردة عليها نحو اختصاصات تشهد انخفاضا من حيث الموارد البشرية أو الاختصاصات التي تجد صعوبة في الإدماج في سوق العمل المحلي.

في المئة ارتفاع توظيف الكفاءات خارجيا في 2023 بمقارنة سنوية ليبلغ 4510

وأضاف إنه “من الجيد العمل على إشعاع الكفاءات خارجيا لما له من إيجابيات على صورة وتونس واقتصادها، ولكن مع توخي الحذر حتى لا يقع استنزاف الرصيد البشري”.

ومنذ إنشائها في 1972 ساهمت وكالة التعاون الفني في توظيف نحو 70 ألف كفاءة تونسية بالخارج، بالإضافة إلى إيفاد 2500 خبير للقيام بمهام معونة فنية وتدريب أكثر من 5 آلاف كادر عربي وأفريقي.

وحاليا يضم بنك المعطيات للوكالة نحو 60 ألف مترشح مصنفين حسب اختصاصاتهم وشهاداتهم العلمية والتكوينية وسنوات خبرتهم.

وقال البليدي إنه “بإمكان أي مترشح تحيين سيرته الذاتية ومعطياته الشخصية بشكل دوري بواسطة النفاذ عن بعد إلى جذاذته الخاصة بالمنصة الالكترونية للوكالة دون عناء التنقل إلى مقرها للقيام بذلك”.

ومن أجل تحسين الخدمات، كشف عن خطط لتحديث المنصة الإلكترونية لجعلها أكثر جاذبية وتفاعلية والاستجابة لانتظارات الراغبين في العمل في الخارج في إطار التعاون الفني.

وأشار إلى أن الوكالة كلفت خبيرا لتقييم المنصة بشكلها الحالي وتقديم مقترحات من أجل صياغة دفتر شروط لتحديثه “وذلك في إطار عملها على رقمنة وتطوير خدماتها”.

28 مارس 2024

هاشتاغ

التعليقات