عربي ودولي

اللاجئون ورقة طالبان في وجه العقوبات الدولية
اللاجئون ورقة طالبان في وجه العقوبات الدولية

 تستثمر حركة طالبان في ملف اللاجئين لوضع حد للعقوبات الدولية التي تضاعف التحديات أمامها لحكم أفغانستان، فيما تشكو المصارف الأفغانية من نقص في السيولة ولا يحصل الموظفون الحكوميون على رواتبهم.

وحذرت حكومة طالبان الجديدة مبعوثي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أن مواصلة الضغط على الحركة عبر العقوبات سيقوّض الأمن وقد يؤدي إلى موجة لاجئين جديدة.

وقال وزير الخارجية في حكومة طالبان أمير خان متقي للدبلوماسيين الغربيين خلال لقاءات معهم في الأيام الماضية في الدوحة إن “إضعاف الحكومة الأفغانية ليس في مصلحة أحد لأن هذا الأمر يمكن أن يؤثر مباشرة على العالم في مجال الأمن وأن يؤدي إلى هجرة اقتصادية للفرار من البلاد”.

وطالب متقي خلال لقاء الدوحة “دول العالم بوقف العقوبات والسماح للمصارف بالعمل بشكل طبيعي لكي تتمكن المنظمات الخيرية والحكومة من دفع رواتب موظفيها من احتياطها الخاص والمساعدة الدولية”.

وسبق أن دعت الصين إلى رفع العقوبات عن كابول وحذرت من أن التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان سيؤدي فقط إلى اضطراب مستمر وأزمة إنسانية خطيرة.

الدول الأوروبية تتخوف من وصول جماعات متطرفة وإرهابيين إلى أراضيها ضمن موجة الهجرة الأفغانية التي تحذر منها طالبان

ودعت المجتمع الدولي إلى التعامل مع أفغانستان “بطريقة عقلانية وعملية”، كما يجب مساعدتها من أجل بناء “هيكل سياسي شامل” وتطوير سياسة داخلية وخارجية عقلانية.

ومنتصف أغسطس الماضي، أطاحت حركة طالبان بالحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة بعد حرب استمرت عشرين عاما. وبالرغم من أن الغرب يحاول في الآونة الأخيرة الانفتاح على طالبان بحذر إلا أنه لا يزال يفرض عقوبات على الحركة من بينها تقييد وصولها إلى أصول أفغانية خارج البلاد، وتعليق وصول أموال إلى البلاد من صندوق النقد الدولي، وسحب تمويل البنك الدولي لمشاريع التنمية القائمة.

ولا تعتزم الولايات المتحدة بعد الإفراج عن تلك الأصول التي تقدر بمليارات الدولارات، لكنها أبدت مع الاتحاد الأوروبي استعدادا لدعم المبادرات الإنسانية في أفغانستان بينما لا تزال مترددة في تقديم دعم مباشر إلى طالبان دون ضمانات بأنها ستحترم حقوق الإنسان وخصوصا حقوق المرأة.

ويبلغ عدد النازحين داخليا في أفغانستان 5.5 مليون من السكان البالغ عددهم 40 مليونا. وتمثل المساعدات شريان التواصل الوحيد مع طالبان في ظلّ أزمة إنسانية حارقة تفاقمت بفعل جائحة كورونا.

وقد تعهد الاتحاد الأوروبي الثلاثاء خلال قمة افتراضية لمجموعة العشرين بتقديم مساعدة بمليار يورو، سيخصص قسم منها للاحتياجات الإنسانية الطارئة وللدول المجاورة لأفغانستان التي استقبلت الأفغان الهاربين من طالبان.

وتسعى طالبان إلى نيل اعتراف دولي بشرعية سلطتها في أفغانستان والحصول على مساعدات لتجنيب البلاد كارثة إنسانية وتخفيف الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها. وإلى الآن لم يعترف أي بلد بشرعية حكم طالبان في أفغانستان.

وتتخوف الدول الأوروبية بشكل خاص من أنه في حال انهيار الاقتصاد الأفغاني فإن العديد من المهاجرين سيغادرون إلى أوروبا، ما يزيد الضغط على دول مجاورة مثل باكستان وإيران والحدود الأوروبية، كما تتخوف من وصول جماعات متطرفة وإرهابيين إلى أراضيها ضمن موجة الهجرة الأفغانية التي تحذر منها طالبان.

ولا ترغب الدول الأوروبية في تكرار سيناريو العام 2015 وما بعده حين شهدت موجة هجرة كبيرة جدا نجمت خصوصا عن الحرب في سوريا، ما أثار امتعاضا أوروبيا وفاقم الأزمة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول تقاسم هذا العبء.

وتفيد تقارير بأن أكثر من 1.2 مليون مهاجر فروا إلى أوروبا منذ 6 سنوات.

واستقبلت الأربع والعشرون دولة في الاتحاد الأوروبي ما يصل إلى 22 ألف أفغاني في أعقاب الانسحاب العسكري الأميركي الفوضوي وعودة نظام طالبان إلى الحكم، وفق تصريحات لمفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون.

و رغم مرور نحو شهرين على سيطرة طالبان على الحكم والانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان، لا تزال أفواج كبيرة من اللاجئين الأفغان تتدفق نحو الولايات المتحدة. إذ هرب الآلاف من الأفغان الذي ارتبطوا بأعمال مع الجيش الأميركي أو الأفغاني خلال الفترة الماضية، ومثلهم فنانون ومثقفون وحقوقيون وحقوقيات، خوفا من انتقام الحركة الإسلامية.

ولا يشغل ملف الهجرة الولايات المتحدة وأوروبا فحسب، بل أيضا دول الجوار التي شددت من إجراءاتها على الحدود قبيل سقوط كابول بيد طالبان، كما يشغل تركيا التي تعدّ نقطة عبور نحو أوروبا وتستغل بدورها هذا الملف لفرض أجنداتها السياسية.

أمير خان متقي يطالب دول العالم بوقف العقوبات والسماح للمصارف بالعمل بشكل طبيعي لكي تتمكن المنظمات الخيرية والحكومة من دفع رواتب موظفيها

وتستضيف تركيا حوالي 3.6 مليون لاجئ سوري مسجل إلى جانب أكثر من 300 ألف شخص من دول أخرى، بينما تفيد تقارير بأن الشعب التركي أصبح معاديا بشكل متزايد للأجانب وخاصة اللاجئين والمهاجرين.

وكانت تركيا دعت أواخر أغسطس الماضي الدول الغربية إلى عدم الاندفاع في محاصرة نظام طالبان الجديد، والكف عن فرض عقوبات على كابول وإبقاء قنوات مفتوحة للحوار لتجنب انهيار أمني وهجرة تترتب عليها آثار تمتد إلى العالم كله.

وتوقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن يسعى نصف مليون أفغاني إلى المغادرة بحلول نهاية هذا العام، حيث يخشى العديد من الأفغان الاضطهاد أو الأعمال الانتقامية في ظل حكم طالبان ويأملون في طلب اللجوء أو غيره من سبل الهجرة الآمنة والحصول على حماية مؤقتة أو وضع قانوني دائم في الخارج.

وتقتصر الهجرة حاليا إلى حد كبير على الحدود البرية، حيث أعيد فتح الحدود الشرقية والجنوبية لأفغانستان مع باكستان في 21 أغسطس. لكن السلطات الباكستانية لا تزال مترددة في السماح للاجئين الأفغان الجدد بالدخول، تاركة حشودا كبيرة تنتظر عند البوابات. واقترحت باكستان، التي تأوي 1.4 مليون لاجئ أفغاني مسجلين وما يصل إلى مليونَي نازح أفغاني آخرين أن تبقي مفوضية اللاجئين مخيمات على الجانب الأفغاني من الحدود.

وعلق العشرات من المهاجرين الأفغان بين بولندا وبيلاروسيا، فيما يواجه عشرات آخرين خطر انتهاكات الشرطة والإعادة القسرية، ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وتزيد أوضاع المهاجرين الضغط على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للإسراع بالتفاوض مع طالبان التي لا يبدو أنها ستتنازل عن رفع ورقة اللاجئين في وجه المجتمع الدولي لإلغاء العقوبات الصادرة في حقها.

13 أكتوبر 2021

هاشتاغ

التعليقات